انتخابات سنة 2008 | دليل الانتخابات الأميركية للعام 2008

21 ايلول/سبتمبر 2008

كيف سيتم تمويل الانتخابات الرئاسية الأميركية العام 2008

 

بقلم جان ويتولد باران

 

الترشح في الانتخابات لإشغال منصب فدرالي في الولايات المتحدة يتطلب من المرشحين تأمين مبالغ هائلة من المال لتمويل حملاتهم، كما أن حكومة الولايات المتحدة تفرض أنظمة متشددة على عمليات جمع وإنفاق هذه الأموال. يشرح خبير قانون الانتخابات، جان ويتولد باران، القيود القانونية المفروضة على تبرعات الأفراد والمؤسسات للحملات انتخابية، ويصف كيف تحدد الحملات نفقاتها، ويبحث في التمويل الخاص والعام للانتخابات الرئاسية. كاتب هذه المقالة شريك في مكتب المحاماة ويلي راين ال ال بي، في واشنطن العاصمة، وهو معلق ومحلل قانوني لوكالة فوكس للأنباء، والإذاعة العامة القومية (ناشونال بابليك راديو)، ووكالة أنباء أي بي سي.

بحلول صيف 2007، كان قد أطلق 24 مرشحاً تقريباً حملات انتخابية لرئاسة الولايات المتحدة المقبلة. أمّا عملية الانتخاب نفسها فلن تحصل قبل 4 تشرين الثاني/نوفمبر، 2008. رغم ذلك، فقد باشر هؤلاء المرشحون حملاتهم كي يفوزوا بترشيحهم للرئاسة إمّا من جانب الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي. تختار الأحزاب السياسية بصورة رسمية مرشحيها للانتخابات الرئاسية في مؤتمرات تعقد في صيف العام 2008، ولكن على المرشحين ان يبدأوا سعيهم لكسب مندوبين في الانتخابات التمهيدية التي تبدأ في كانون الثاني/يناير، 2008. تتطلب هذه العملية الطويلة الشاقة مرشحين ماهرين، قادرين على التحمّل، لا يعرف التعب إليهم سبيلا، كما تتطلب أيضاً توفر مبالغ كبيرة من المال.

إن مناصب الرئيس، والسناتور، والنائب هي مناصب فدرالية. وهؤلاء يشكلون الأعضاء المنتخبين لكل من البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ الأميركي، ومجلس النواب الأميركي في واشنطن، العاصمة. ينظم القانون الفدرالي الحملات الانتخابية لإشغال هذه المراكز كما يفرض كيفية جمع الأموال للحملات، ومن أية مصادر، وبأية مبالغ. القوانين الفدرالية لتمويل الحملات الانتخابية منفصلة عن قوانين الولايات التي تنظم الانتخابات لإشغال المناصب في أنظمة الحكم المحلي والولايات، مثل حاكم الولاية، ورئيس البلدية، أو العضو في المجلس التشريعي للولاية. وبناءً عليه، يكون على المرشح لأي منصب فدرالي الالتزام بالقوانين الفدرالية المعقدة والمقيدة إلى حدٍ ما. ويكون على المرشحين لرئاسة البلاد جمع مئات الملايين من الدولارات للإنفاق على حملات موجهة إلى بلد يزيد عدد الناخبين فيه عن مئة مليون. أمّا الطريقة التي يتبعها المرشحون في جمع الأموال وفي إنفاقها فتكون منظمة بدرجة عالية.

تنظيم الحملة

يجب أن يُعيّن المرشح لرئاسة البلاد مؤسسة لإدارة حملته الانتخابية تعرف باسم اللجنة السياسية. ويُفرض أن يكون لهذه اللجنة السياسية أمين صندوق وان تتسجل لدى وكالة الانتخابات الفدرالية (FEC). بغض النظر عن اسمها، تشرف هذه الوكالة فقط على قوانين تمويل الحملات الانتخابية وتفرض تطبيقها، وهي لا تُجري الانتخابات نفسها في واقع الأمر. ففي الولايات المتحدة، تقع مسؤولية تسجيل الناخبين، وإجراء عملية التصويت، وتعداد الأصوات على عاتق الولايات والمسؤولين المحليين عن الانتخابات.

هناك أنواع مختلفة من اللجان السياسية التي يتم تسجيلها لدى وكالة الانتخابات الفدرالية. ويفرض على الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى تسجيل مرشحيها، ان تسجل أيضاً لجانها الخاصة لدى الوكالة. علاوة على ذلك، يحق لأي مجموعة من المواطنين تسجيل لجنة سياسية، بما في ذلك أفراد من الشركات المساهمة، أو الاتحادات العمالية، أو الجمعيات المهنية. في أحيان كثيرة يشار إلى هذه اللجان السياسية على أنها لجان العمل السياسي (PACs) ويتوجب تسجيلها أيضاً لدى وكالة الانتخابات الفدرالية.

يحق للجان العمل السياسي، بعد تسجيلها، ان تباشر بجمع الأموال للحملة الانتخابية. ويجب التصريح عن كافة هذه الأموال كما النفقات في تقارير تسجل لدى وكالة الانتخابات الفدرالية على أساس ربع سنوي أو شهري. تحفظ هذه التقارير إلكترونياً وتتوفر لاطلاع عامة الناس عليها على موقع الإنترنت الخاص بالوكالة المذكورة. وهناك أيضاً مؤسسات خاصة عديدة تنشئ مواقعاً لها على الإنترنت لرصد التبرعات والنفقات المتعلقة بالمرشحين، والأحزاب السياسية، ولجان العمل السياسي.

المصادر المشروعة للتبرعات

يجب أن تأتي كافة التبرعات إلى المرشحين الفدراليين أو اللجان السياسية إمّا من أفراد أو لجان مسجلة لدى وكالة الانتخابات الفدرالية. ويُمنع تلقي تبرعات مباشرة من شركات مساهمة أو اتحادات عمالية، رغم انه يحق لهذه الهيئات أن ترعى لجان عمل سياسية تقوم بجمع التبرعات من الأفراد. التبرعات النقدية التي تتجاوز مبلغ مئة دولار المدفوعة إلى لجان العمل السياسي تعتبر غير قانونية، كما هي التبرعات ممن يعتبرون "رعايا أجانب"، أي غير المواطنين الأميركيين الذين لم تتم الموافقة على إقامتهم في الولايات المتحدة على أساس دائم. إلاّ أنه من الجائز للمواطنين الأجانب الذين تمّ قبولهم للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أن يتبرعوا رغم انه لا يحق لهم التصويت في الانتخابات.

تحديد حجم التبرعات

يخضع المبلغ الذي يجوز لفرد أو لجنة سياسية التبرع به إلى تحديدات متنوعة. فعلى سبيل المثال، لا يحق لفرد واحد ان يتبرع بأكثر من 2300 دولار لحملة أي مرشح واحد. يُحتسب هذا الحد على أساس "كل انتخاب" بمفرده. فاستناداً إلى ذلك، يحق للفرد ان يتبرع بمبلغ أقصى قدره 2300 دولار لحملة انتخابات تمهيدية لمرشح ما، وأيضاً بمبلغ مماثل قدره 2300 كحد أقصى إلى حملة الانتخابات العامة لنفس المرشح. يعتبر الزوج والزوجة كفردين منفصلين ولذلك يجوز لهما ان يتبرعا بصورة مجتمعة بضعف هذا المبلغ، أي 4600 دولار لكل حملة انتخابية.

بالإضافة إلى الحدود المفروضة على المبلغ الذي يجوز التبرع به إلى المرشحين (والى أنواع اخرى من اللجان)، يخضع أيضاً الأفراد إلى حد "إجمالي" لمجموع التبرعات المسموح بها. فلا يحق لأي فرد ان يتبرع بأكثر من 108,200 دولاراً إلى كافة المرشحين الفدراليين ولجان العمل السياسي خلال دورة انتخابية واحدة تتم كل سنتين. (تعدل هذه الحدود كل سنتين استناداً إلى ارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي يفسر المبالغ غير الاعتيادية للأموال المتبرع بها).

تخضع لجان العمل السياسي إلى حد قيمته خمسة آلاف دولار لكل حملة انتخابية لأي مرشح. كما يتم تحديد المبالغ الممكن التبرع بها للأحزاب السياسية، لكنها تبقى أعلى من الحد المفروض على التبرعات للجان العمل السياسي لأي مرشح فردي.

وفقاً لذلك، يتوجب على المرشح لمنصب رئيس البلاد الذي يطمح في جمع 23 مليون دولار مثلاً، وهو مبلغ متواضع نسبياً لتمويل حملة انتخابية رئاسية، ان يحقق ذلك من خلال اجتذاب أعداد من المتبرعين الفرديين الذين لا يجوز لهم ان يتبرعوا بأكثر من 2300 دولار، وربما أيضاً من لجان العمل السياسي التي لا يحق لها بأن تتبرع بأكثر من خمسة آلاف دولار. ومن أجل جمع 23 مليون دولار، فقد يحتاج مثل هذا المرشح إلى ألف شخص يتبرع كل واحد منهم بالمبلغ الأقصى. لكن الأكثر احتمالاً هو أن يحاول المرشح إيجاد عدة آلاف من المتبرعين يتبرع معظمهم بمبلغ يقل عن الحد الأقصى القانوني.

نفقات الحملة

يتوجب على المرشح لمنصب رئيس البلاد أن يوظف هيئة موظفين، وينظم مكاتب، ويتخذ الترتيبات اللازمة للسفر، ويجري أبحاثاً، ويصدر أوراقاً تعبر عن مواقفه السياسية، وأن يُعلن عبر الإذاعة والتلفزيون والمنشورات كما على الإنترنت عن سياسته، وان يظهر في مناسبات عامة عديدة، وان يشرف على أحداث لجمع التبرعات. يقوم المرشحون لمجلس النواب. بهذه النشاطات ضمن دائرتهم المحددة لانتخابات الكونغرس، بينما يقوم بمثل هذه النشاطات المرشحون لمجلس الشيوخ في دائرتهم الانتخابية الأوسع التي تشمل الولاية بأكملها.

يتوجب على المرشحين لرئاسة البلاد القيام بالمهمة المثبطة للعزائم المتمثلة بتنظيم حملاتهم في كل ولاية من الولايات على حدة، ومن ثم عبر كامل البلاد في حال تمت تسميتهم كمرشحين للرئاسة. الخطة الأولية لأي حملة رئاسية، أي الفوز بترشيح الحزب، سوف تركز على أولى الولايات التي تجري فيها انتخابات أولية. وهكذا، سيحاول المرشحون تنظيم حملاتهم في ولايات أيووا، ونيوهامشاير، وساوث كارولينا، ونيفادا، وفلوريدا التي تعقد جميعها اجتماعات حزبية مغلقة أو تجري انتخابات أولية خلال كانون الثاني/يناير 2008. وفي الماضي، كانت ولايات اخرى تُجري انتخابات أولية خلال دورات متتالية كانت تدوم حتى حزيران/يونيو. لكن في العام 2008، سوف تُجري غالبية الولايات، من ضمنها ولايات كبيرة مثل كاليفورنيا، ونيويورك، وتكساس، انتخاباتها الأولية في 5 شباط/فبراير. هذا البرنامج القصير جداً يفرض متطلبات هائلة على الحملات الرئاسية لجمع مبالغ كبيرة من المال، يقدرها البعض بما لا يقل عن مئة مليون دولار، من اجل تمويل النشاطات في هذه الانتخابات التمهيدية. أمّا كم هو المبلغ الذي تم جمعه، وأين أنفقت الأموال التي جمعت فهاتان مسألتان تتعلقان بالشأن العام بما انه يُفرض على لجان الحملات الإفصاح عن حساباتها المالية إلى وكالة الانتخابات الفدرالية (FEC).

تُعرف هذه التقارير، وبالأخص التي تنشر خلال سنة 2007 بكاملها وفي شهر كانون الثاني/يناير 2008، على أنها أموال الانتخابات التمهيدية لأنها تعتبر بصورة واسعة بمثابة بارومتر يشير إلى مقدار الدعم الذي حصل عليه كل مرشح قبل بدء التصويت الفعلي.

التمويل العام للحملات

منذ العام 1976، أصبح بإمكان المرشحين لمنصب رئاسة البلاد التأهل للمشاركة في نظام تمويل عام تزود الحكومة الأميركية بموجبه تمويلاً للحملات الانتخابية التي تتأهل لذلك. وبحلول انتخابات العام 2000، كان كافة المرشحين لرئاسة البلاد قد شاركوا في هذا النظام من خلال قبولهم أموالا حكومية مقابل إعطاء وعد بعدم إنفاق اكثر من مبلغ محدد. إلاّ أن هذا النظام فقد جاذبيته بصورة متزايدة لدى المرشحين لان الحد المفروض على الإنفاق اعتبر متدنياً جداً، أي أنه يقل عن المبلغ الذي يستطيع مرشحون رئيسيون في أحيان كثيرة جمعه بسهولة من مصادر خاصة. وكانت النتيجة ان اصبح حاكم ولاية تكساس حينذاك، جورج دبليو بوش، في العام 2000 أول مرشح رئيسي يتنازل عن التمويل الحكومي في الانتخابات التمهيدية. وبعد أربع سنوات، قرر الرئيس بوش الجمهوري والمرشحان الديمقراطيان، السناتور جون كيري والحاكم هوارد دين، عدم تلقي أموال حكومية للانتخابات التمهيدية. في العام 2008، من المتوقع بشكل واسع وللمرة الأولى أن يتخلى المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون الرئيسيون جميعهم، باستثناء الديمقراطي جون ادواردز، عن التمويل الحكومي للانتخابات الأولية. كما يبدو مرجحاً أيضاً أن يتجاوز المرشحان المحتملان الديمقراطي والجمهوري لرئاسة البلاد نظام التمويل الحكومي خلال حملة الانتخابات العامة.

كم هو المبلغ الذي سينفق؟

من الصعب التكهن بالمبلغ الذي سوف تنفقه حملات انتخابات العام 2008، ولكن من المأمون إعطاء تكهن واحد: سوف تنفق أموال في هذه الانتخابات اكثر مما أُنفق في السابق على أية انتخابات رئاسية. في العام 2004، جمع الرئيس بوش مبلغ 270 مليون دولار للانتخابات التمهيدية وتلقى مبلغ 75 مليون دولار من الأموال الحكومية للانتخابات العامة وتبعه عن قرب السناتور كيري، خصمه النهائي، الذي تمكن من جمع مبلغ 235 مليون دولار للانتخابات الأولية وتلقى نفس مبلغ 75 مليون دولار للانتخابات العامة. وفي العام 2008، ارتفع عدد المرشحين كما ارتفع الحد المسموح به في التبرع (من 2000 دولار إلى 2300 دولار في العام 2004). كما حصلت أيضاً زيادة في عدد الاميركيين الذين يتبرعون للحملات الانتخابية، وتم تسهيل تلك العملية من خلال إتاحة التبرع إلكترونياً بواسطة مواقع مخصصة للحملات على شبكة الإنترنت.

بالإضافة إلى إنفاق المرشحين، فإن الأحزاب السياسية، ولجان العمل السياسي وغير ذلك من مجموعات المصالح سوف تقوم بإنفاق الأموال. في العام 2004، قدر مركز السياسة المستجيبة، انه تم إنفاق مبلغ وصل إلى 3.9 مليار دولار من جانب كافة المرشحين الفدراليين، والأحزاب السياسية وغيرهم على الحملات الانتخابية في تلك السنة. وقد شكّل ذلك زيادة نسبتها 30 بالمئة عن نفقات حملة العام 2000، ومن المرجح ان العام 2008 سيشهد زيادة أخرى.

الآراء المعبر عنها في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسات الحكومة الأميركية

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي