الحكومة الأميركية | توازن ثابت بين المؤسسات

05 كانون الثاني/يناير 2008

الحاجة إلى الدستور

 

لم تكن الحكومة التي شكلت بموجب "وثيقة الاتحاد" قوية بشكل كاف لحكم الدولة الجديدة. فقد كانت تفتقر مثلا لسلطة تنفيذية وجهاز محاكم يشمل البلاد بأسرها. ولم يكن بإمكانها تنظيم التجارة بين الولايات أو فرض ضرائب على الولايات أو على مواطني الولايات. ولم تكن سوى أكثر بقليل من تجمع لممثلي الولايات الثلاث عشرة المستقلة.

       وفي عام 1783، أي بعد الحرب الثورية، دخلت الأمة مرحلة اتسمت بظروف سياسية وتجارية غير مستقرة. ولم يكن أليكساندر هاملتون ومؤيدوه ليحرزوا نجاحا في حملتهم لإصدار دستور جديد لو أن الظروف السائدة آنذاك كانت أفضل. وقد رسم بعض المؤرخين صورة قاتمة للمشاكل التي كانت البلاد الفتية تواجهها. لكن لا شك أن الوضع بدأ يسوء بشكل مطرد بعد عام 1783. فلقد كانت كل ولاية تتصرف وكأنها دولة مستقلة. وكانت تصّرف أمورها كما ترتأي دون الإكتراث بحاجات البلاد ككل. وكان يتم تداول 12 عملة مختلفة في الولايات، أغلبها لم يكن له قيمة. كما كانت الولايات المتجاورة تفرض ضرائب على سلع بعضها بعض. ورفضت بريطانيا إعادة فتح قنوات التجارة التي كانت المستعمرات تعتمد عليها لأجل رفاهيتها الاقتصادية. ورفضت المجالس التشريعية في الولايات الوفاء بالديون التي ترتبت عليها خلال الحرب الثورية. كما أن العديد من الولايات سن قوانين تمكن الدائنين من التهرب من تسديد ديونهم.

      والأسوأ من هذا كله. بدأ بعض الناس التفكير مرة أخرى باللجوء إلى السلاح لحل مشاكلهم، ففي غربي ولاية مساشوستس في عام 1786 تمرد آلاف المزارعين بزعامة الكابتن دانيال شيز ضد حكومة الولاية في بوسطن. وتمكنت قوات الحكومة في آخر الأمر من سحق التمرد. وتساءل جورج واشنطن وزعماء آخرون ما إذا كانت المستعمرات قد ثارت ضد بريطانيا العظمى دون جدوى. وبدأوا يشعرون أن الوقت قد حان لإنهاء هذه المشاكل وإحلال السلام والنظام عن طريق إنشاء حكومة قومية جديدة تكون قوية على نحو كاف لتضمن الطاعة في الداخل ونيل الاحترام في الخارج.

       واجتمع ممثلون عن خمس ولايات في أنابوليس، بولاية ماريلاند في عام 1786 واقترحوا أن تعين الولايات مندوبين عنها للاجتماع في فيلادلفيا بهدف إعادة النظر بوثيقة الاتحاد. ووافق الكونغرس على هذا المشروع واقترح أن تختار كل ولاية مندوبين عنها لعقد مؤتمر دستوري.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي