الاقتصاد والتجارة | تحقيق النمو عبر أسواق مفتوحة

17 كانون الأول/ديسمبر 2008

مجلس الاحتياط الفدرالي يخفض سعر الفائدة إلى نسبة غير مسبوقة تقريبا

قرار البنك المركزي يستهدف إعادة الثقة للأسواق وحفز الاقتصاد

 
جيفري فازكيز يتابع شاشة تلفزيونية تعرض تطورات أسعار الأسهم في بورصة نيويورك بعد قرار مجلس الاحتياط الفدرالي تخفيض سعر الفائدة.
جيفري فازكيز يتابع شاشة تلفزيونية تعرض تطورات أسعار الأسهم في بورصة نيويورك بعد قرار مجلس الاحتياط الفدرالي تخفيض سعر الفائدة.

من كاثرين لويس، المراسل الخاص لموقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- قرر مجلس الاحتياط الفدرالي، البنك المركزي في الولايات المتحدة، يوم 16 كانون الأول/ديسمبر تخفيض سعر الفائدة إلى مستوى لم يسبق أن خُفض إليه من قبل على الإطلاق، وهو إجراء قصد به إعادة الثقة إلى الأسواق المالية وحفز البنوك على الإقراض.

وقرر المجلس خفض سعر فائدة التمويل الفدرالي إلى نسبة تتراوح بين 0.25% إلى 0.00%، وهي أدنى نسبة في تاريخ السياسات النقدية الحديثة. ويُذكر أن سعر التمويل الفدرالي (أي سعر الإقراض الرئيسي) هو سعر الفائدة الذي تتقاضاه البنوك على القروض فيما بينها. ومن المعروف تاريخيا أن هذا السعر يؤثر على سعر الفائدة على القروض العقارية وغيرها من القروض الائتمانية.

وجاء في البيان الذي أصدرته اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح الذي أعلن عن التخفيض الجديد في سعر الفائدة أنه "منذ آخر اجتماع للجنة، تدهورت الأحوال في سوق العمل، والبيانات المتوفرة تشير إلى انخفاض كل من إنفاق المستهلكين، والاستثمار في الأعمال التجارية، والإنتاج الصناعي. وتزايد ضعف الشكل العام لإجمالي الأنشطة الاقتصادية كلها."

ومن الواضح أن خفض سعر الفائدة في شهر تشرين الأول/أكتوبر لم يفلح في حفز حركة الإقراض بالدرجة التي كان يأمل فيها صانعو القرار السياسي ومنظمو الأسواق المالية. فقد ذكرت اللجنة في بيانها أن "الأسواق المالية ظلت متوترة جدا كما أن أوضاع توفر الائتمانات ظلت محدودة النطاق."

ويقول ريتشارد سيللا المؤلف المشارك لكتاب بعنوان  The History of Interest Rates"تاريخ سعر الفائدة"  وأستاذ التاريخ المالي بجامعة نيويورك، إن البنوك كانت قد خزّنت لديها احتياطيات كافية – حوالي 700 بليون دولار – لتمويل القروض، لكن الاضطرابات المالية التي تعاني منها الأسواق لا زالت مصدر قلق تدفع هذه البنوك إلى التخوف من عدم قدرة المقترضين على السداد.

وفي مقابلة مع موقع أميركا دوت غوف قال البروفيسور سيللا إن "الأهمية الاقتصادية لسعر فائدة التمويل الفدرالي ليست كبيرة. إنه إجراء يستهدف إحداث أثر نفسي ليبين للأسواق أن مجلس الاحتياط الفدرالي ما زال موجودا وأنه ما زال يود اتخاذ أي إجراء يكون ضروريا أو لازما."

وتجدر الإشارة إلى أن تخفيض سعر فائدة التمويل الفدرالي يؤدي إلى خفض أسعار الفائدة على القروض التي يطلب المستهلكون كما والشركات الحصول عليها، مما يجعل الإقراض أكثر جاذبية بالنسبة لهم. وحينما ينفق المستهلكون والمشاريع التجارية ما يقترضون من أموال فإن ذلك يعطي الاقتصاد دفعة عن طريق زيادة الطلب على السلع والخدمات والعمالة.

ويضيف البروفيسور آلين بيرغر أستاذ كرسي (أوستين) في مادة البنوك والتمويل بجامعة ساوث كارولينا والذي كان في السابق خبيرا اقتصاديا وعضوا بمجلس الاحتياط الفدرالي "حينئذ يكون باستطاعة الشركات إنفاق المزيد، وهذا يؤدي إلى زيادة التوظيف لديها، أو بمعنى آخر يؤدي إلى تخفيض عدد المسرّحين من وظائفهم."

وأشار بيرغر إلى أن تخفيض سعر الفائدة يستغرق بصفة عامة ما يتراوح بين ستة إلى تسعة أشهر لكي يحدث أثره في الاقتصاد.

ويعتبر الوضع الراهن غير عادي لأن تخفيض أسعار الفائدة وحده لم يؤد إلى زيادة الإقراض من البنوك.

فحسبما يقول ديفد كروس رئيس شركة (ماركت أوت لوك) للأبحاث الاقتصادية فإن "مشاكل الاقتصاد حادة، وهي في الغالب مرتبطة بتوفر الائتمان وليس بتكلفة الائتمان. ومجلس الاحتياط الفدرالي لا يستطيع أن يجبر البنوك على الإقراض."

وبالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة فإن مجلس الاحتياط الفدرالي يعتزم انتهاج أساليب غير تقليدية لتشجيع النشاط في أسواق الائتمان، مثل شراء سندات مالية مضمونة بالرهون العقارية، وشراء الديون الواجبة على كبرى شركات الرهون العقارية مثل فاني ماي وفريدي ماك، وصكوك الشركات وسندات الخزانة الطويلة الأجل.

وذكرت اللجنة في بيانها أن "مجلس الاحتياط الفدرالي سيستخدم كل الأدوات المتاحة لتشجيع عودة النمو الاقتصادي المستديم ومن أجل المحافظة على استقرار الأسعار."

وشرح غاس فوشر مدير قسم الاقتصاد الكلي بموقع "إكونومي دوت كوم" التابع لشركة مودي ما يمكن أن يفعله مجلس الاحتياط الفدرالي بقوله " إنهم، بصفة أساسية، سيشترون ممتلكات بالأموال التي أوجدوها."

وأهم اقتراح مطروح – من وجهة نظر كروس- هو أن يشتري مجلس الاحتياط الفدرالي أكبر قدر ممكن من ديون الإسكان (الرهون العقارية) لكي يجبر سعر الفائدة على الرهون العقارية على الانخفاض إلى 4.5% وينتعش سوق العقارات من جديد.

وحسبما تقول رابطة بنوك الرهون العقارية فإن سعر الفائدة الثابتة على الرهون العقارية لمدة 30 سنة تتراوح حاليا بين خمسة إلى 5.25% . وهذه النسبة تعكس انخفاضا قدره حوالي واحد بالمائة عما كان عليه قبل ثلاثة أسابيع، قبل أن يعلن مجلس الاحتياط الفدرالي عزمه على الاستثمار في الرهون العقارية لدى شركتيْ فاني ماي وفريدي ماك.

وفي رأي فوشر أن "المزج بين تخفيض سعر الفائدة وزيادة السيولة ينبغي أن يكون كافيا في نهاية المطاف لإحداث تغيير نحو الأفضل."

وقد لجأت بعض البنوك المركزية في أنحاء متفرقة من العالم إلى تخفيض أسعار الفائدة من أجل حفز اقتصاداتها وتجنب حدوث كساد عالمي لفترة طويلة.

ويتوقع فوشر أن "تخفض معظم البنوك المركزية أسعار الفائدة خلال العام القادم نظرا للتباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي