الصحة العالمية | التصدي لتحديات الصحة العالمية

28 نيسان/إبريل 2009

حشد جهود المؤسسات الصحية في العالم لمواجهة تفشي أنفلوانزا الخنازير

علماء وخبراء منظمة الصحة العالمية ومراكز ضبط الأمراض يحاولون استكشاف السلالة الجديدة من الفيروس

 

بداية النص

فيروس H1N1 المعاد إنتاجه من ذات الجرثومة التي تسببت في وباء الإنفلونزا الإسبانية في العام 1918.
فيروس H1N1 المعاد إنتاجه من ذات الجرثومة التي تسببت في وباء الإنفلونزا الإسبانية في العام 1918.

واشنطن،- دفع تفشي سلالة جديدة من فيروس الأنفلونزا الذي بدأ في شمال وسط المكسيك في 22 آذار/مارس- ثم انتشرت إلى الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا- منظمة الصحة العالمية إلى الإعلان عن أن هذا الحدث يعتبر حالة طوارئ بالنسبة للصحة العامة ويدعو إلى القلق على المستوى الدولي.

وقد أعلن مسؤولون مكسيكيون عن حدوث حوالي 1600 حالة إصابة جديدة بالأنفلونزا وأكثر من100 حالة وفاة نتيجة لها. وقد ثبت أن 26 وفاة ناتجة عن فيروس أنفلونزا الخنازير المعرف باسم إتش وان إن وان H1N1—حسبما أفاد الناطق باسم منظمة الصحة العالمية غريغوري هارتل في 27 نيسان/أبريل.

وقد ارتفع عدد حالات الإصابة في الولايات المتحدة إلى 40 حالة، ويوم الاثنين 26 الجاري أعلنت الولايات المتحدة حالة الطوارئ بالنسبة للصحة العامة التي- حسب قول وزيرة الأمن الوطني جانيت نابوليتانو- "تتيح لنا أن نخصص أموالا ونوجه موارد هيئات الحكومة الفدرالية والولايات والمحليات  بغرض الوقاية وتخفيف حدة انتشار المرض. وتابعت الوزيرة أن حالات الإصابة بهذا المرض في الولايات المتحدة لم تكن حادة.

أما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان فقالت في مؤتمر صحفي يوم 25 الجاري: "لم تكتمل لدينا الصورة عن انتشار المرض أو أخطاره" وعن احتمالات انتشاره إلى ما يتجاوز المناطق الموبوءة حاليا. وفي تقدير المنظمة فإن الوضع يتسم بالخطورة وينبغي رصده ومراقبته عن كثب.

وقد توجه إلى المكسيك فريق من العلماء والخبراء من المراكز الأميركية لضبط الأمراض والوقاية منها، ومن منظمة الصحة العالمية وشبكة التحذير ومكافحة تفشي الأمراض التابعة لها - والشبكة هي مجموعة من المؤسسات والهيئات التي تحشد الموارد البشرية والتقنية بهدف التشخيص السريع لحالات تفشي الأمراض في العالم ومكافحتها- ويحاول الفريق المساهمة في الإجابة على تساؤلات عديدة متبقية عن الفيروس الجديد  H1N1 الذي يتكون من فيروسات الطيور والخنازير من أميركا الشمالية وسلالة أنفلونزا الخنازير الموجودة في آسيا وسلاسة من فيروس الأنفلونزا التي تصيب البشر.

وقالت تشان في مؤتمرها الصحفي يوم 26 الجاري: "إن فيروسات الأنفلونزا يصعب التنبؤ بها وحافلة بمفاجآت كثيرة كما نشاهد في الوقت الراهن." واستطردت قائلة: "إن الفيروسات التي سببت الإصابة بالمرض في بعض مناطق المكسيك والولايات المتحدة تحتوي نفس المورثات.  وهي سلالة من فيروس H1N1 وهناك احتمالات كبيرة لأن تتحول إلى وباء ينتشر على نطاق واسع لأنها تصيب البشر.  ومع ذلك لا يمكننا القول بناء على ما توفر لدينا من الأدلة المختبرية والحالات المرضية ودراسات علم الأوبئة، ما إذا كان المرض سيتحول بالفعل إلى وباء واسع الانتشار.

معلومات مبدئية عن فيروس الأنفلونزا

هناك ثلاثة أنواع من فيروسات الأنفلونزا: أ، وب وج.  ويمكن لفيروسات الأنفلونزا أن تصيب الطيور والبشر والخنازير والخيول والحيتان وحيوانات الفقمة وحيوانات أخرى. إلا أن الطيور البرية هي الحاضنات الطبيعية لتلك الفيروسات. وبإمكان فيروسات الفئة "أ" أن تتحول بصورة أسرع من فئتي "ب" و"ج" لذا فإنها  تنقسم إلى أنماط فرعية بناء على وجود نوعين من البروتين على سطح الفيروس هما: هيماغلوتينين (HA) ونيورامينيديس (NA).

وهناك 16 نوعا فرعيا من الهيماغلوتينين و9 أنواع فرعية من النيورامينيديس.

وسلالة الـH1N1 التي ظهرت في المكسيك سميت بأنفلونزا الخنازير لكن الخبراء ما زالوا لا يعرفون بعد كيف انتقل هذا المرض إلى البشر.

جندي من الجيش المكسيكي يوزع أقنعة واقية في تقاطع طرق في مدينة مكسيكو في 24 نيسان / ابريل.
جندي من الجيش المكسيكي يوزع أقنعة واقية في تقاطع طرق في مدينة مكسيكو في 24 نيسان / ابريل.

وقال الدكتور بيتر كووان الأستاذ المشارك في علم الأوبئة والصحة العامة بكلية الطب البيطري بجامعة ولاية نورث كارولينا: "لقد أُطلق على سلالة H1N1 اسم أنفلونزا الخنازير نسبة إلى تفشي فيروس مختلف يعود إلى عام 1918 كان قد تسبب في نفوق عدد لا يستهان به من الخنازير وحدوث وفيات بين البشر وكان يعرف باسم الأنفلونزا الإسبانبة.  ويعتقد بأن H1N1(1918)  نشأ بين الطيور البرية لكن أصله المؤكد يبقى غير معروف."

وقد قضت الأنفلونزا الإسبانبة على حوالي 50 مليون شخص في العالم، كان نصفهم من الشباب في مقتبل العمر والذين كانوا بصحة جيدة. ولا تزال سلالات H1N1 تنتشر في أيامنا هذه بعد أن عاودت إصابة البشر في السبعينيات من القرن الماضي.

ويعمل كووان كمنسق لشبكة عالمية إلكترونية اسمها (برو-ميد ميل) وهي شبكة متخصصة في إعداد تقارير عما يظهر من الأمراض المعدية وتفشيها والسميات وهي شبكة ترعاها الجمعية الدولية للأمراض المُعدية.

الخطوات التالية

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي المرض يعتبر حالة طوارئ بالنسبة للصحة العامة وأنه يدعو للقلق على المستوى العالمي بناء على القواعد الصحية المعمول بها دوليا التي عدلت في 2005 وأصبحت نافذة في حزيران/يونيو 2007.

وكثير من أنظمة وعمليات الرصد التي تتيح لمنظمة الصحة العالمية إصدار تنبيهات عاجلة عن الأمراض المعدية وأن تكافح بصورة فاعلة حالات تفشي المرض التي يمكن أن تؤثر على بلدان أخرى هي ثمرة هذه النظم التي حدّثت تعديلاتها  النظم التي كانت متبعة في العام 1969 والتي كانت تطلب من بلدان العالم أن تبلغ طوعا عن حالات الإصابة بالكوليرا والحمى الصفراء والطاعون فحسب.

وطبقا لقواعد العام 1969 في حال إبلاغ الدول عن تفشي مرض ما، كانت منظمة الصحة العالمية تنشر المعلومات مرة في الأسبوع في تقرير حول انتشار الأوبئة.  وكانت النظم المرعية تحدد معالم الإجراءات للتعامل مع الأمراض وكان يسمح للدول الأعضاء دون سواها بالإبلاغ عن حالات تفشي الأمراض.

وفي 2007 تحولت النظم من مجموعة إرشادات تطلب من الدول الإبلاغ عن حالات الإصابة بالأمراض الثلاثة المذكورة إلى الإبلاغ عن كل الأحداث المتعلقة بالصحة العامة.  وشملت النظم المعدلة الإبلاغ عن مرض الجدري والبوليو أو شلل الأطفال، وسارس، والسلالات الجديدة لفيروسات أنفلونزا البشر التي يتعين على الدول الأعضاء إخطار منظمة الصحة العالمية فورا بحدوثها.

ولم يتحدد بعد ما إذا كان سيُنتج لقاح لسلالة H1N1 رغم أن منظمة الصحة العالمية ومراكز ضبط الأمراض والوقاية منها ماضية في عملها وكأن قرارا سُيتخذ بالفعل في هذا الصدد. وقال مدير مراكز ضبط الأمراض بالوكالة الدكتور ريتشارد بيسر في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض يوم 26 الجاري: "حينما نشهد سلالة جديدة للأنفلونزا نشرع في العمل مفترضين بأنه سيكون من الضروري إنتاج لقاح للمرض. وقد أعددنا بالفعل المخزون الأساسي اللازم لإنتاج اللقاح، وتعرفنا على الفيروس وهناك مناقشات جارية، فإذا قررنا أن نبدأ تصنيع لقاح سيكون بإمكاننا العمل على تحقيق ذلك الهدف على وجه السرعة."

وقد اجتمعت لجنة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية يوم 27 الجاري لتقرر الخطوات التالية في مواجهة احتمال انتشار الوباء على نطاق واسع. ورفعت اللجنة درجة التحذير من الوباء من  المرحلة 3 إلى المرحلة 4. ومعروف أنه في المرحلة الثالثة يتسبب الفيروس البشري أو الحيواني في حدوث حالات إصابة متفرقة أو إصابة مجموعات صغيرة من البشر بالمرض، لكنه لا  يؤدي إلى انتقال العدوى من إنسان إلى آخر مما ينتج عنه ظهور الوباء وانتشاره واستمراره على مستوى المجتمع. أما المرحلة الرابعة فتتصف بالتأكد من انتقال العدوى من إنسان إلى آخر لفيروس الأنفلونزا سواء من مصدر حيواني أو بشري، ويكون من الممكن أن يتسبب في تفشي المرض كوباء في المجتمع.  ورفع مستوى التحذير إلى مرحلة أعلى يشير إلى ترجيح انتشار الوباء على نطاق واسع لكن حدوث الوباء ليس حتميا.

وأوصت تشان بترك الحدود الدولية مفتوحة وعدم تقييد حركة السفر في العالم مشيرة إلى أن إنتاج لقاح الأنفلونزا الموسمية يجب ألا يتوقف لإنتاج لقاح ضد فيروس H1N1 في هذا الوقت إلا إذا تفاقم الوضع.

للمزيد عن الأنفلونزا والفيروسات والسلالات المسبّبة له راجع موقع منظمة الصحة العالمية، وموقع المركز القومي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي