التنوع | توفير حيز لنمو الجميع

07 أيار/مايو 2009

أرض للحرية؟

توصّل الأميركيون إلى تسويات بشأن العبودية من أجل تأمين الوحدة السياسية الإقليمية

 
جورج واشنطن في مزرعته بماونت فيرنون بولاية فرجينيا، وسط المزارعين من السود، سنة 1757، كما تخيل المشهد رسام الصورة.
جورج واشنطن في مزرعته بماونت فيرنون بولاية فرجينيا، وسط المزارعين من السود، سنة 1757، كما تخيل المشهد رسام الصورة.

قسمت العبودية الأميركيين منذ اليوم الأول لحصولهم على الاستقلال. فمع ازدياد اعتماد الجنوب على محصول رئيسي جديد، "القطن الملك"، وعلى المزارع التي تعتمد بكثافة على الأرقاء لزراعة القطن، ازداد احتمال حصول الصدام مع الولايات الشمالية المناهضة للعبودية. أخّرت الدولة الفتية اندلاع هذا النزاع عبر سلسلة من المماطلات الأخلاقية والتسويات السياسية.

ويتضمن إعلان الاستقلال الأميركي (1776) لغة جياشة بالعواطف حول الأخوّة العالمية: "نعتبر هذه الحقائق على أنها بديهية، وأن جميع الناس خلقوا متساويين، وأن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة لا يمكن التصرف بها، وأن من بينها الحياة، والحرية، ونشدان السعادة." ومع ذلك فقد كان الكاتب الرئيسي لمسودة هذا الإعلان، توماس جيفرسون، المواطن من ولاية فرجينيا، يملك أرقاءً. أدرك جيفرسون هذا التعارض ونددت مسودته بحدة بتجارة الرقيق، ولكن ليس بالعبودية نفسها، مطلقاً عليها وصف "حرب وحشية ضد الطبيعة البشرية." لكن الكونغرس القارّي، أي حكومة الأمر الواقع في أميركا في ذلك الوقت، حذف الإشارة إلى تجارة الرقيق من إعلان الاستقلال لتجنب أي جدل قد يشقّ الإجماع المؤيد للاستقلال. ولن تكون هذه المرة الأخيرة التي تتفوق فيها الاعتبارات السياسية على الضرورات الأخلاقية.

خريطة تعود لسنة 1857 تصور الولايات المناهضة للعبودية باللون الأخضر القاتم، وتلك المؤيدة للعبودية باللونين الأحمر القاتم والفاتح
خريطة تعود لسنة 1857 تصور الولايات المناهضة للعبودية باللون الأخضر القاتم، وتلك المؤيدة للعبودية باللونين الأحمر القاتم والفاتح

بحلول العام 1787، كان العديد من الاميركيين قد قرروا استبدال الاتحاد اللامركزي القائم بين 13 ولاية بحكومة فدرالية أقوى. وأصدر المؤتمر الدستوري الذي عقد في فيلادلفيا من أيار/مايو إلى أيلول/سبتمبر من ذلك العام، مخطَطاً تفصيلياً لمثل هذه الحكومة. استناداً إلى ديفيد ستيوارت، مؤلف كتاب"صيف عام 1787: الرجال الذين ابتكروا الدستور"، الذي قال فيه: "حصلت معارك كبيرة حول العبودية في المؤتمر". وفي حين أن العديد من المندوبين كانوا من مؤيدي إلغاء العبودية حسب وجهات نظرهم... فإنه لم يكن يوجد شعور بضرورة إلغاء العبودية في البلاد في ذلك الوقت."

ونظراً لأن أي دستور مقترح لن يصبح نافذاً إلا بعد تصديق 9 ولايات من أصل 13 ولاية عليه، فقد كان من الضروري التوصّل إلى تسوية حول وضعية الأرقاء الأفريقيين الأميركيين. توصل المندوبون الشماليون في المؤتمر بقيادة جيمس ويلسون من بنسلفانيا إلى اتفاق مع ثلاث ولايات كبيرة تسمح بامتلاك الأرقاء. ووافق الجانبان على أن كل خمسة أشخاص "غير أحرار"، أي أرقاء، سوف يحتسبون كثلاثة أشخاص عند احتساب حجم وفد الولاية إلى الكونغرس. كما اتفقا أيضاً على منع الكونغرس الأميركي لمدة 20 سنة من إصدار أي قانون يمنع استيراد الأرقاء. (سوف يلغي الكونغرس فيما بعد تجارة الرقيق، ابتداءً من عام 1808. وبحلول ذلك التاريخ لم يعد هذا الإجراء مثيراً للجدل نظراً للزيادة الطبيعية لعدد السكان الأرقاء).

وقد جرى وصف "تسوية الثلاثة أخماس" هذه على أنها صفقة فاوست الأميركية، (الاتفاق مع الشيطان) أو الخطيئة الأصلية. وكما أكد ديفيد ووكر، الكاتب الأسود الشمالي الحر في كتيب عام 1829: "هل أعلن السيد جيفرسون إلى العالم بأننا أدنى منزلة من البيض بما نملكه من أجسام ومن عقول؟" سمحت التسوية للولايات بأن تُشكِّل اتحاداً أقوى، ولكنها ضمنت أيضاً استمرار العبودية في الجنوب، حيث أشعل ابتكار محلجة القطن عام 1793، النمو في نظام زارعة القطن في مزارع تعتمد بكثافة على الأرقاء. كما حملت هذه التسوية معها نتائج سياسية عميقة للدولة الفتية. فخلال الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1800، والتي شهدت تنافساً حاداً، ساهمت الأصوات الانتخابية الإضافية التي منحت إلى الولايات الجنوبية بفضل عدد سكانها من الأرقاء، في منح توماس جيفرسون هامش النصر على الرئيس الذي كان يشغل المنصب جون آدمز من ولاية مساتشوستس.

كان لتأثير العبودية على توسع البلاد أهمية حتى أكبر. فقد اتخذت مسألة ما إذا كانت الولايات الجديدة في الغرب سوف تسمح بالعبودية أهمية حاسمة في المحافظة على توازن القوى في الكونغرس بين ولايات "العبودية"، وولايات "الحرية". وخلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، عمل الكونغرس بجهد لإرساء عدد من التسويات التي أمّنت بشكل عام دخول الولايات التي تسمح بالعبودية إلى الاتحاد بجانب الولايات الجديدة التي تحرمّها. تسوية ميزوري، وتسوية العام 1850، وقانون كانزاس-نبراسكا كلها حافظت على هذا التوازن السياسي. ولكن، في عام 1857 أصدرت المحكمة العليا قرارها في قضية دريد سكوت ضد سانفورد، الذي نص على أنه لا يحق للكونغرس حظر العبودية في الأراضي الغربية للبلاد التي لم يتم قبولها بعد كولايات. زاد هذا القرار من حدة النزاع الإقليمي حول العبودية وسارع في اشتعال المواجهة النهائية.

غير أنه ومع إخفاق النظام السياسي للدولة الفتية في تأمين الحقوق المدنية للأفريقيين الاميركيين التي كان يتمتع بها إخوتهم البيض، كان هناك رجال ونساء شجعان يبذلون جهوداً جبارة لإلغاء العبودية، ولتأمين التزام الولايات المتحدة بأفضل مثلها العليا.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي