السلام والأمن | إقامة عالم أكثر استقراراً

12 آذار/مارس 2009

تحليل لإضافة أوباما تركيا إلى جدول زيارته المقبلة لأوروبا

الزيارة تعبير عن العلاقة المتجددة مع حليف هام وشريك في الدبلوماسية

 
وزيرة الخارجية كلينتون مع نظيرها التركي علي باباتشان في أنقره يوم 7 آذار/مارس.
وزيرة الخارجية كلينتون مع نظيرها التركي علي باباتشان في أنقره يوم 7 آذار/مارس.

من ديفيد ماكيبي، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- يرمي الرئيس باراك أوباما من وراء إضافته تركيا إلى جدول جولته الأوروبية المقررة إلى مواصلة التواصل مع العالم الإسلامي، علاوة على تجديد العلاقات مع حليف رئيسي هام وشريك دبلوماسي متزايد النشاط مجاور لأوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط.

وكانت وزيرة الخارجية هيلاري رودام كلينتون قد علقت على الزيارة في مقابلة لها مع المذيع محمد علي بيراند على شبكة التلفزيون التركي: "قناة "دي" أثناء زيارتها العاصمة التركية أنقره، وقالت إن أوباما "قادم كحليف وشريك وصديق. فهناك كثير من الأمور المشتركة بيننا، ونحن نؤيد بشدة الدور الذي تؤديه تركيا كزعيمة إقليمية وعالمية تتصدر قضايا هامة."

وفي وقت سابق على المقابلة من النهار ذاته، أعلنت كلينتون في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركية على باباتشان نيّة أوباما في زيارة أنقره واستنبول يومي 6 و7 نيسان/أبريل. وفي حين لا يتوقع أن يتخذ أوباما من أنقره منبرا لخطابه الذي تعهد خلال حملته الانتخابية الرئاسية بتخصيصه للإسلام، ستأتي زيارته للدولة الإسلامية في أثر أول مقابلة رسمية للرئيس أوباما منحها للقناة الفضائية السعودية "العربية" كجزء من إطار التزام حكومته بالتواصل مع العالم الإسلامي خلال المئة يوم الأولى من ولايته.

ووصفت كلينتون تركيا بقولها إن "تركيا، كما يعلم الجميع، نموذج للديمقراطية ذات دستور علماني يدل على أن الإسلام قادر على التعايش مع الاثنين" مستحضرة بمودة إلى الذاكرة التركيبة المعقدة الحيوية المتنوعة التي اكتشفتها أول مرة عن تركيا أثناء حكم زوجها الرئيس بيل كلينتون. وقالت "إننا نجد كون تركيا فعلا بلدا أغلبيته الساحقة إسلامية ولكنه ليس مقتصرا على المسلمين أمرا مثيرا" للإعجاب.

تعود الروابط الوثيقة بين واشنطن وأنقره إلى العام 1947 عند تطبيق مبدأ (الرئيس) ترومان الذي هدف إلى تعزيز الاقتصاد التركي واعتماد تركيا على نفسها عسكريا – وهو هدف ظل التأييد ساريا له منذ فترة الحرب الباردة حتى يومنا هذا من خلال الدبلوماسية الثنائية الوثيقة ومشاركة البلدين بأكبر قوتين عسكريتين في حلف شمال الأطلسي الذي يضم 26 بلدا في عضويته.

ورغم ما انتاب علاقات واشنطن وأنقرة الدبلوماسية من بعض التوتر نتيجة لقرار البرلمان التركي في العام 2003 الذي قضى بمنع قوات الائتلاف التي تقودها الولايات المتحدة من استخدام الأراضي التركية كقاعدة انطلاق للحملة على العراق المجاور، فقد دشنت حكومتا البلدين في العام 2006 رؤياهما المشتركة والحوار المنظم مشكّلتين بذلك إطارا لمزيد من التعاون الاستراتيجي.

فرقة عسكرية تركية تعمل ضمن بعثة حلف ناتو لحفظ السلام في أفغانستان، تقوم بدورية في كابول.
فرقة عسكرية تركية تعمل ضمن بعثة حلف ناتو لحفظ السلام في أفغانستان، تقوم بدورية في كابول.

وزادت كلينتون البناء في مشاوراتها مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس عبد الله غل على قاعدة هذه العلاقة المتينة بين الحكومتين. ويستخلص المحللون من عضوية تركيا الجديدة  في مجلس الأمن الدولي، وكعضو في مجموعة الدول العشرين الاقتصادية، أن دورها في تعزيز السلام والأمن العالميين قد ينمو ويتزايد في السنوات القادمة. غير أن كلينتون أقرت بأن الطريق ما زال طويلا أمام بناء العلاقات مع الشعب التركي في وقت لا يحبذ فيه هذه العلاقة سوى 9 بالمئة ولا ينظرون إليها إيجابيا بعد أن كان التأييد 52 بالمئة في العام 2002 طبقا لدراسة أجريت مؤخرا.

وقالت كلينتون إن تركيا والولايات المتحدة تشتركان في الالتزام بالعمل من أجل سلام الشرق الأوسط. ففي العام 2008 استضافت تركيا محادثات بين جارتها الجنوبية سوريا وإسرائيل، وقامت بدور محوري في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة في وقت سابق من هذا العام. وتعتبر الخطوتان مكملتين للجهود الموازية التي تبذلها الولايات المتحدة تأييدا ودعما للمحادثات الإسرائيلية الفلسطينية والترويج لسلام  أشمل على المدى الطويل بين العرب وإسرائيل.

وأشادت كلينتون بجهود تركيا قائلة: "إنني أحيي ما فعلته تركيا في خلق مسار سوري إسرائيلي. فقد كان ذاك جهدا مفيدا جدا. فنحن بحاجة إلى قيادة تركيا في مساعدة الولايات المتحدة على المضي نحو تطبيق خطة سلام شاملة تشمل الحل القائم على أساس الدولتين."

وعرضت تركيا مؤخرا السماح بمرور المعدات العسكرية الأميركية بأراضيها في أعقاب ما أعلنه الرئيس أوباما في 27 شباط/فبراير من أنه ينوي سحب القوات الأميركية المقاتلة من العراق على مراحل. في غضون ذلك قالت التقارير إن إيران اتصلت بتركيا كوسيط محتمل لفتح باب العلاقات مع الولايات المتحدة.

وتنظر كلينتون إلى تركيا كشريك أساسي معترف له بالجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان – الأمر الذي يعتبر بين أهم أولويات سياسة البيت الأبيض الخارجية. وهناك 800 جندي تركي تقريبا يخدمون في بعثة حلف الأطلسي لحفظ السلام بينما تولى وزير الخارجية التركية السابق حكمت شيتين مهمة المسؤول المدني الأعلى للحلف في كابل من العام 2003 حتى العام 2006. وقالت كلينتون إن تركيا قادرة على الاستمرار في القيام بدور رئيسي في أفغانستان في الوقت الذي تعكف فيه حكومة أوباما على التشاور مع الحلفاء من أجل وضع استراتيجية دولية جديدة لأفغانستان.

ثم إن البلدين لا يزالان يتعاونان بشكل وثيق في مكافحة الإرهاب والتصدي لأخطار التطرف من القاعدة التي شنت منذ العام 2001 عدة هجمات ضد تركيا، ولتطرف حزب العمل الكردستاني الذي وصفته كلينتون بأنه عدو مشترك للولايات المتحدة وتركيا والعراق.

ويبدو التعاون التركي الأميركي في أوروبا واضحا من خلال ما تبذلان من جهود لتعزيز السلام في منطقة البلقان وجنوب القوقاز وذلك علاوة على جهود تعزيز أمن طاقة المنطقة بإيصال نفط وغاز القزوين إلى السوق العالمية. كما أن الولايات المتحدة مستمرة في دعم جهود الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة لإعادة توحيد شطري قبرص في اتحاد فدرالي من منطقتين ومجتمعين، عدا عن تأييد مسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، طبقا لما قالت كلينتون.

وأضافت كلينتون قولها "سأبلغ الرئيس أوباما بأنه سيلقى ترحيبا عندما يأتي إلى تركيا. وسيجد كما وجدت أنا دوما لا مجرد شريك في مواجهة التحديات وفي الفرص التي نواجهها معا، وإنما صديقا في كل الأزمان وفي مواجهة كل التحديات الكامنة في المستقبل."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي