الفضاء | توسيع آفاق المعرفة البشرية

13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008

مهمة فينكس الناجحة على سطح المريخ تنتهي في السهل القطبي قارس البرودة

المركبة عثرت على ثلج وجليد وغيوم وتربة غنية بالكربونات والصلصال

 

من شيريل بليرين، محررة الشؤون العلمية في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- بعد مغامرة استمرت أكثر من خمسة أشهر وخرجت منها مركبة فينكس التابعة لوكالة الطيران والفضاء الأميركية، ناسا، بالكثير من الاكتشافات الجديدة عن الكوكب الأحمر، توقفت المركبة عن العمل بسبب درجات الحرارة شديدة البرودة وتقلص ضوء النهار وعاصفة رملية هبت أخيراً في سهول المريخ الشمالية، التي أدت مجتمعة إلى إنهاء قدرتها على العمل.

وقد بدأ فصل الصيف يتحول إلى الخريف على كوكب المريخ، تماماً كما توقع الفريق المسؤول عن المشروع، ولم تعد أشعة الشمس المتقلصة في موقع هبوط المركبة الآلية القطبي توفر لها ما يكفي من ضوء الشمس كي تجمع منظومة ألواحها الشمسية ما تحتاجه من الطاقة الشمسية لشحن البطاريات التي تشغّل أجهزة فينكس.

وقال دوغ ماكوسشن، مدير برنامج اكتشاف المريخ في مقر ناسا، في مؤتمر صحفي في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، "رغم أننا نفقد بهذا مركبة فضائية، إلا أنه ينبغي علينا الاحتفاء بما قامت به فينكس وما قام به فريق فينكس وما سيقودنا إليه في المستقبل."

وقد تلقى مهندسو الرحلة آخر إشارة من مركبة الهبوط في 2 تشرين الثاني/نوفمبر. وتجاوزت فينكس بذلك مدة الثلاثة أشهر التي كان من المقرر أن تستغرقها مهمتها بأكثر من شهرين، وقامت خلال طوال تلك المدة بجمع المعلومات العلمية وإرسالها إلى الأرض.

وتتولى جامعةُ أريزونا قيادة مهمة فينكس في حين تتم إدارة المشروع من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا وتشكل شركة لوكهيد مارتن في كولورادو مقر عمليات التطوير والإنتاج.

وقد ساهمت في المشروع كل من وكالة الفضاء الكندية وجامعة نويشاتل في سويسرا وجامعتي كوبنهاغن وآرهوس في الدانمارك ومعهد ماكس بلانك بألمانيا ومعهد الأرصاد الجوية الفنلندي والكلية الإمبراطورية (إمبيريال كولدج) في لندن.

الإصغاء مستمر

رغم أن الفريق أعلن انتهاء عمليات المهمة إلا أنه لم يفقد الأمل نهائياً.

وقال باري غولدستين، مدير مشروع فينكس في مختبر الدفع النفاث: "لقد أدهشتنا قوة هذه المركبة. ولذا فإننا سنواصل الإصغاء."

وتحلق إحدى مركبتي ناسا المداريتين الدائرتين حول المريخ، مركبة استكشاف المريخ المدارية ومركبة أوديسي، مرة كل ساعتين فوق موقع هبوط فينكس.

وقال غولدستين "إننا نشغّل الراديو (خلال تحليق المركبتين فوق موقع فينكس) ونحاول إرسال النداءات إلى فينكس لمعرفة ما إذا كانت لا تزال حية. وفي حين أنه لا يوجد حالياً من يتوقع ذلك من أفراد الفريق، إلا أننا نأمل أن تفاجئنا المركبة مرة أخرى."

وكانت فينكس قد انطلقت في 4 آب/أغسطس، 2007، وهبطت على المريخ في 25 أيار/مايو، 2008، في موقع أقرب إلى القطب الشمالي من موقع هبوط أي مركبة أخرى على سطح المريخ. وحملت المركبة على متنها مجموعة من الأجهزة والأدوات العلمية تمثل أحدث ما تم إرساله من التكنولوجيا وأكثرها تقدما، واستخدمت فينكس هذه التكنولوجيا المتقدمة للحفر في تربة المريخ وجمع عينات منها وخبزها وشمها وتذوقها. (أنظر "عملية هبوط مثالية تشكل فاتحة مهمة جديدة على سطح المريخ.")

ومن النتائج الأولى التي خرجت بها فينكس، تثبتها من وجود جليد مائي في الطبقة الموجودة تحت سطح المريخ، وهو ما كانت مركبة أوديسي التي وضعتها ناسا في مدار حول المريخ قد اكتشفته لأول مرة عن بعد في عام 2002. كما أرسلت كاميرات فينكس إلى الأرض أكثر من 25 ألف صورة، بعضها لمناظر ممتدة على مسافات بعيدة والبعض الآخر يقارب المستوى الذري بأول ميكروسكوب قوة ذرية قادر على توضيح الذرات يستخدم خارج نطاق كوكب الأرض.

الماء والطقس

تدفع إنجازات فينكس العلمية الأولية عجلة الهدف المتمثل بدارسة ما إذا كانت بيئة المريخ القطبية كانت في يوم ما في الماضي ملائمة لوجود الميكروبات، كما تدعم النتائج التي توصلت إليها هدف جمع المعلومات لمعرفة تاريخ وجود الماء على كوكب المريخ.

وقال بيتر سميث، البحاثة الرئيسي في مشروع فينكس في جامعة أريزنا- توسن، "نظرنا حولنا عندما هبطنا وشاهدنا حقلاً من التراب والصخور يمتد على امتداد النظر ولم نشاهد جليداً في بداية الأمر."

وأضاف: "لم نكتشف أننا كنا نقف فوق الجليد إلا بعد أن نظرنا تحت المركبة. وكان ذلك أمراً مثيراً بالنسبة للجميع وكانت دراسة هذا الجليد هي ما شغلنا طوال الخمسة أشهر الماضية. ومهمة الرحلة كلها تتمحور أساساً حول الماء، وسوف يشغلنا ذلك الآن لفترة أثناء محاولتنا فهم ما حصلنا عليه (من معلومات)."

وكان بين الأمور المتعلقة بالماء التي تم إنجازها على المريخ حفر التربة فوق طبقة الجليد مما كشف عن نوعين مختلفين على الأقل من الترسبات الجليدية؛ ومراقبة هطول الثلج من السحب؛ وتوفير سجل للطقس لفترة المهمة تضمن معلومات عن درجات الحرارة والضغط والرطوبة والريح؛ مراقبة سديم وغيوم وصقيع وزوابع؛ والتنسيق مع مركبة استكشاف المريخ المدارية بهدف القيام بعمليات مراقبة أرضية ومدارية  في نفس الوقت لطقس المريخ.

وقال سميث إن أحد الإنجازات الرئيسية التي تحققت بفضل رحلة فينكس كان استعادة سجل الطقس المريخي.

مواد مغذية للحياة

وبين الاكتشافات الأخرى التي خرجت بها فينكس التوثيق لوجود بيئة تربة قلوية إلى حد ما تختلف عن أي تربة أخرى تم العثور عليها خلال الرحلات السابقة إلى المريخ؛ والعثور على كميات ضئيلة من الأملاح التي يمكن أن تشكل مواد مغذية للحياة؛ واكتشاف وجود ملح حامض البركلوريك، مما ينطوي على مضامين تتعلق بخصائص الجليد والتربة؛ والعثور على كربونات الكلسيوم، التي تعتبر علامة على تأثير الماء السائل.

وقال سميث حول ذلك: "لاحظنا أن التربة قلوية وغنية جداً بالكربونات والمواد الصلصالية. ولو وجدنا ذلك على كوكب الأرض لكنا خرجنا فوراً بنتيجة مفادها أنه كان هناك ماء سائل في التربة. أما بالنسبة للمريخ، فعلينا أن نكون أكثر حذراً ودقة، وسوف نسطر هذه القصة أثناء تفسيرنا للمعلومات. ولكن المؤكد هو أن الماء السائل كان في الماضي جزءاً من هذه التربة."

وتجدر الإشارة إلى أن فينكس هي أول مركبة في برنامج "سكاوت" التابع لناسا والذي سترسل ضمنه مجموعة من المركبات الصغيرة في رحلات قليلة الكلفة يتزعمها البحاثة إلى المريخ.

وقال ماكوسشن إن الرحلة التالية ضمن برنامج سكاوت هي رحلة مركبة طبقة المريخ الجوية وتطوره المتقلب، وهي مركبة كلفتها 485 مليون دولار من المقرر إطلاقها في أواخر العام 2013. وستكون مهمتها جمع مزيد من المعلومات عن جو المريخ وتاريخ مناخه وإمكانية العيش على سطحه.

ويمكن الحصول على مزيد من المعلومات حول رحلة ومهمة مركبة فينكس على موقع ناسا على الشبكة العنكبوتية.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي