الاقتصاد والتجارة | تحقيق النمو عبر أسواق مفتوحة

30 نيسان/إبريل 2009

شركات النفط تتبنى سياسة كفاءة الطاقة

 
صورة أكبر
هذه المحطة لتوليد الطاقة بواسطة الريح تمتلكها شراكة شل ويند إنرجي. تولّد التوربينات الكهرباء لأجل خدمة حوالي 66000 مستهلك.
هذه المحطة لتوليد الطاقة بواسطة الريح تمتلكها شراكة شل ويند إنرجي. تولّد التوربينات الكهرباء لأجل خدمة حوالي 66000 مستهلك.

بقلم باتريك كرو

تموّل شركات النفط الكبرى حملات دعائية رئيسية تدعو المستهلكين إلى استعمال كميات أقل من الطاقة. ولا تعتبر هذه الحملات بمثابة مقاربة نموذجية لهذه الشركات من حيث كونها تناشدنا لكي نستعمل كميات أقل مما تبيعه من منتجات، ولكنها، بعملها هذا، إنما تشدد على جدّية جميع الأطراف الرئيسية في اقتصاد الطاقة بشأن المسائل المتعلقة بكفاءة الطاقة والمحافظة عليها.

باتريك كرو كان يغطي أخبار الكونغرس الأميركي والوكالات الفدرالية كمراسل لمجلة مختصة بالنفط والغاز لمدة 21 سنة. وهو الآن كاتب مستقل حول الشؤون المتعلقة بالطاقة والكيميائيات والمياه في هيوستن، بولاية تكساس.

شركات النفط والغاز الأميركية الكبرى تعمل في مجال بيع الطاقة، ولكنها اليوم تناشد المستهلكين استعمال كميات أقل منها.

تستعمل الشركات مجموعة واسعة من أدوات العلاقات العامة، التي تشمل إلقاء المحاضرات، نشر الإعلانات، دعم مجموعات المناصرة، وتقديم المنح، في حملاتها لتعميم واقعها كمؤيدة لكفاءة الطاقة. ورغم أنها بدأت منذ وقت طويل بمناصرة كفاءة الطاقة إلاّ أن صوتها أصبح الآن أعلى مما سبق، وهي تظهر حماسة أكبر بكثير، وإصراراً أشد في التأكيد على موقعها كحليف رئيسي لمستهلكي الطاقة في المعركة المعلنة ضد ارتفاع أسعار الطاقة.

لا تشجع هذه الشركات المحافظة المتعمدة على الطاقة (أي عندما يوقف صاحب منزل جهاز التدفئة ويرتدي سترة صوفية) بقدر ما تشجع كفاءة الطاقة (أي عندما يركّب صاحب منزل فرناً جديداً يحرق كمية أقل من الوقود).

قالت كارول ويرنر، من معهد البيئة والطاقة، في مقابلة أجرتها معها إي جورنال يو أس آيه، إن ارتفاع أسعار النفط الخام كان له شأن كبير في تعزيز هذا التوجه. وأضافت، لقد "تمّ صبّ الكثير من الغضب نحو شركات النفط خلال السنة المنصرمة (2008) عندما ارتفعت الأسعار ارتفاعاً مفاجئاً، فأحدثت صدمة عبر مجمل النظام الاقتصادي. وكان التحدث عن خفض مستوى استعمال الطاقة أحد الأساليب التي اعتمدتها شركات النفط لتخفيف حدة هذا الغضب."

إن تعاظم حملات التواصل مع عامة الناس بدت كأنها جاءت لتتوازى مع الارتفاع المستمر في أسعار النفط الخام، من 60 دولاراً للبرميل في منتصف عام 2007 إلى ذروته حين بلغ سعر البرميل 147 دولاراً في منتصف عام 2008. ولكن، بعد أن هبطت أسعار النفط منذ ذلك الحين حوالي 100 دولار للبرميل، فإن حملات الترويج للتوفير في الطاقة استمرت دون هوادة.

قال لاري غولدستين، المحلل الاقتصادي الذي يعمل لدى مؤسسة أبحاث سياسة الطاقة، "إن هذه الشركات تعيد ابتكار نفسها باستمرار وترغب في أن تنخرط في عمليات تطوير تكنولوجيات جديدة." وشرح يقول إن شركات النفط تقوم دورياً بتحديث خطط أعمالها لتعكس الظروف العملانية الحالية. "عليها أن تلعب دوراً في العالم المُحدد لها، وهي لا تستطيع بنفسها إعادة تصميم ذلك العالم."

وقالت ويرنر، إن شركات النفط تحولت أيضاً إلى مناصرة للمحافظة على الطاقة وهي أصبحت تعمل على تخفيض نفقات تشغيل منصات الحفر، وخطوط الأنابيب، ومعامل التكرير لديها التي تستهلك الطاقة بكثافة. وأضافت تقول، "كلما استطاعت الشركات خفض استهلاكها، كلما كان ذلك افضل لأرباحها النهائية. علاوة على ذلك، فإن ذلك يُمكّنها من تخفيض الكربون الذي تنتجه، أي انبعاثات غاز الاحتباس الحراري التي تصدر عن عملياتها."

استمدت الشركات هذه الدروس من عملياتها بالذات، وشكّلت شركات تابعة لها لتسويق خبرتها إلى شركات أخرى تحتاج إلى تحسين الكفاءة لديها. وشرح ستيفن نادل، المدير التنفيذي للمجلس الأميركي للاقتصاد القائم على كفاءة الطاقة، فقال، "تعتبر هذه الشركات نفسها شركات طاقة ولا تريد أن تكون مجرد ركّاب في قطار النفط."

استناداً إلى جون هوفمايستر، الذي يرأس منظمة "مواطنون من أجل طاقة معقولة السعر"، والذي شغل منصب رئيس شركة شل الأميركية من عام 2005 حتى السنة الماضية، فإن جهود التواصل هذه هي أيضاً نتيجة طبيعية للخطوات الخاطئة في مجال الاتصالات التي كانت تتخذها سابقاً الشركات العاملة في هذه الصناعة. وقال إنه خلال التسعينات من القرن الماضي وأوائل سنوات الألفين فشلت الشركات في تثقيف المستهلكين والسياسيين الأميركيين حول الازدياد في ندرة الطاقة وبالتالي فقدت ثقة الناس بها.

قال غولدستين إن حملات الترويج التي تقوم بها الشركات الآن ما هي إلا تعبير عن تنافسها للحصول على حصة أكبر من السوق، تماماً كهدايا الأواني الزجاجية التي كانوا يقدمونها للسائقين الذين يشترون البنزين منها خلال الستينات من القرن الماضي. وأضاف، "إنها تحاول جميعها أن تظهر بالأساس على أنها شركات خضراء لأنها تعتقد بأن ذلك هو ما يتوقعه زبائنها منها. ولا يعود سبب ذلك بالضرورة إلى اقتصاديات المحافظة على الطاقة بل إلى أن الضغوط السياسية والعامة عليها باتت كبيرة جداً. فما من إنسان يستطيع أن يقف ليقول "كلا" لسياسة المحافظة والكفاءة."

اتبع الكونغرس الأميركي مقاربة مختلفة نحو المحافظة والكفاءة. ففي أوائل هذه السنة، أضاف الكونغرس إلى القانون الأميركي للإنعاش الاقتصادي وإعادة الاستثمار تشكيلة واسعة من الحوافز للمستهلكين، وشركات الأعمال، والحكومات للاستثمار في مجموعة متنوعة من التكنولوجيات والاستراتيجيات لتوليد إنتاجية أعظم من كل دولار ينفق على الطاقة.

قد لا يكون هذا القانون هو الكلمة النهائية حول الموضوع؛ حيث يستطيع الكونغرس أن يعيد النظر بالكفاءة وهو يأخذ في اعتباره مسألة الانحباس الحراري الكوني وقوانين الطاقة في وقت لاحق من دورة انعقاده هذه.

الكفاءة في الطاقة بالنسبة إلى رجل النفط تي. بون بيكنز من ولاية تكساس، هي استعمال الوقود الصحيح وفق الطريقة الصحيحة. وقد اقترح أن تستعمل الولايات المتحدة كميات أكبر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، مما يخفض الحاجة للغاز الطبيعي. ويمكن بعد ذلك استعمال الغاز الطبيعي الفائض ليحل محل وقود الديزل في الشاحنات الثقيلة مما يخفض بدوره الطلب على النفط المستورد. وقال بيكنز في موقعه على الإنترنت، إن استراتيجيته قد "توفر لنا الوقت الإضافي لتطوير تكنولوجيات جديدة تحل في نهاية الأمر محل الوقود الأحفوري المستعمل في النقل."

ولعل الرئيس باراك اوباما هو من أكبر المناصرين النافذين في كفاءة الطاقة وأنواع الوقود البديلة في واشنطن. وقد أعلن، "سوف تكون السياسة التي تتبعها إدارتي عكس اتجاه درجة اعتمادنا على النفط الأجنبي، بينما نبني في نفس الوقت اقتصاد طاقة جديدا يولد ملايين فرص العمل."

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسة الحكومة الأميركية.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي