الاقتصاد والتجارة | تحقيق النمو عبر أسواق مفتوحة

06 أيار/مايو 2009

البنوك تسعى إلى اجتذاب المهاجرين الذين يتحاشون الخدمات المصرفية

الخدمات المالية البديلة للمصارف تجتذب المهاجرين

 
صورة أكبر
يقدم المشاركون في نظام روسكا مساهمة شهرية بمبلغ معين ثابت للصندوق. ويتم توزيع موجودات الصندوق كليا أو جزئيا بالتناوب
يقدم المشاركون في نظام روسكا مساهمة شهرية بمبلغ معين ثابت للصندوق. ويتم توزيع موجودات الصندوق كليا أو جزئيا بالتناوب

من مات هيريك المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- يردد بعض المهاجرين المقيمين في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا المثل القائل إن كل ما تقدمه يعود عليك أو "كما تدين تدان."

سوزانا غاما جاءت إلى الولايات المتحدة قبل ست سنوات قادمة من المكسيك بخبرة عقدين من الزمن في الأعمال المصرفية. وكانت تدرك أن خبرتها المهنية ستكون مفيدة لها في حياتها المهنية الجديدة كمدربة مرشدة لصاحبات اللمشروعات التجارية الصغرى من النساء. وكانت غاما قد تعلمت وتثقفت في المنتجات والخدمات المالية المتقدمة. ولكنها عندما طلبت منحة من صندوق ميشين للأصول لدعم جمعيتها فوجئت بأن مجموعة الصندوق اقترحت عليها صيغة مبسطة من أسلوب مالي مكسيكي غير رسمي، وهو دورة الادخار والإقراض، وهو أسلوب كان مألوفا عند غاما وزبائنها طوال حياتهم.

قالت غاما "نحن (في المكسيك) نسمي هذا "تانداس."

أما في الولايات المتحدة فيسمون هذا الأسلوب جمعية الادخارات والائتمانات الدوّارة. وهو أسلوب غير تقليدي من أساليب العمل المصرفي تستخدمه المصارف والمؤسسات الأهلية لاستدراج نحو 50 مليون مهاجر أميركي إلى النظام المصرفي الرسمي. ويرمز إلى هذا النظام بالأحرف الأولى من اسمه بالإنجليزية "روسكا." يقدم المشاركون في نظام روسكا مساهمة شهرية بمبلغ معين ثابت للصندوق. ويتم توزيع موجودات الصندوق كليا أو جزئيا بالتناوب حتي يتم حل المجموعة في النهاية عندما يكون كل الأعضاء قد دفعوا أنصبتهم في الصندوق وتلقى كل منهم ما ساهم به دفعة واحدة.

والمهاجرون من أمثال غاما، بالمقارنة مع الأميركيين المولودين أصلا في أميركا، ليسوا فقراء وحسب، بل هم غير متساوين بنكيا، أي أنهم لا يملكون حسابات مصرفية. قد يكون بعضهم "دون البنكية" أي أن استفادته من الخدمات المصرفية متدنية وقليلة جدا. ويقول تقرير لمركز هيو الإسباني إن المكسيكيين ربما كانوا أقل المهاجرين استخداما للخدمات البنكية.

أسباب ذلك متعددة وكثيرة الجوانب. أحدها الثقافة. فكثير من المهاجرين يأتون وليست لهم خبرة أو تجربة مع المصارف في بلدانهم الأصلية. ومثال ذلك أن أقل من ربع سكان المكسيك يملكون حسابات شيكات في المكسيك. والحقيقة إنه ما من واحدة من زبائن غاما الـ15 امتلكت حسابا بنكيا في بلدها الأصلي. ثمة سبب آخر في عدم استخدام المهاجرين للمصارف يتعلق بمسألة البقاء والحياة. إذ يقول تقرير لمركز بيو إن أكثر من 80 بالمئة من المهاجرين هم من الإسبانيين غير الموثقين (أي غير القانونيين). وهم يتحاشون المصارف خوفا من الكشف عن وضع إقامتهم غير القانونية والمخاطرة بإلقاء القبض عليهم من قبل سلطات الهجرة.

وقالت جنيفر تيشر من مركز ابتكار الخدمات المالية إن المصارف كانت تميل في الماضي إلى استبعاد المهاجرين بعدم تقديم التوضيح الكافي للرسوم المتعلقة بمتطلبات الرصيد والشيكات المرتجعة. فكانت النتيجة أن المهاجرين لجأوا إلى مؤسسات قبض الشيكات ومؤسسات الإقراض ليوم قبض الراتب التي تتقاضى فوائد مرتفعة.

وأضافت تيشر قائلة "الحقيقة هي أن المستهلكين كثيرا ما يكونون على استعداد لدفع المزيد مقدما إذا عرفوا بالتأكيد كم ستكلفهم خدمة ما، أكثر مما سيدفعون للمصارف التي غالبا ما تفتقر إلى الشفافية بالنسبة للرسوم التي ستتقاضاها."

ثمة عامل آخر يزيد الأمر تعقيدا وهو الحياة العملية غير التقليدية التي يعيشها المهاجرون في معظم الأحيان. تقول باربرا روبلز من جامعة ولاية أريزونا إن عمال المزارع من المهاجرين وعمال التراحيل (الموسميين) يتلقون أجورهم دفعة واحدة وبدون جداول زمنية منظمة للعمل. وهذا يجعل من الصعب عليهم تلبية متطلبات الاقتراض أو الاحتفاظ بأرصدة كافية في حساباتهم وتجنب الغرامات، ولذا فهم يتجنبون البنوك.

وصرح مانويل أوروزكو من مركز الحوار الأميركي، وهو مجموعة للسياسة العامة مقرها واشنطن، بأن مسائل العنصر (العِرق) والطبقة الاجتماعية حالت دون اتخاذ المصارف خطوات نحو اجتذاب الهسبان – المتحدرين من دول أميركا اللاتينية - الذين لا يستخدمون المصارف إلى الإفادة من الخدمة المصرفية. وأضاف أوروزكو أنه إذا أرادت مصارف الولايات المتحدة اجتذاب المهاجرين فعليها أن تطرح الافتراضات القديمة جانبا وتتخلى عنها. وأوضح قائلا إن "أحد الافتراضات القديمة هو أنك إذا وفرت (للمهاجرين) المادة بلغتهم فإن ذلك كاف. حسنا، إن ذلك خطأ."

وقال أوروزكو إن بناء السمعة الائتمانية مهم جدا بالنسبة للأفراد في اقتصاد استهلاكي، وعلى البنوك أن يثقفوا الأفراد من حيث اتخاذ القرارات المالية السليمة المسؤولة لزيادة إمكانياتهم في اكتساب الثقة إلى أقصى حد. وأضاف أن شركة ولز فارغو في سان فرانسيسكو تشكل نموذجا للمصرف التجاري الكبير الذي يتواصل بفاعلية مع الجالية الهسبانية بتنظيم حلقات دراسية في الموقع وتقديم قروض صغيرة. ويرى أوروزكو أن نجاح ولز فارغو يقوم على ثلاثة عناصر هي الشفافية بين المصرف وزبائنه، والثقافة المالية عند المجتمع، والاستعداد لإجراء صفقات مصرفية صغيرة.

تبنى بنك متشيل الواقع في منطقة ذات كثافة سكانية لاتينية (هسبانية) في ملووكي أساليب مناسبة للمهاجرين في أواخر التسعنيات وحقق طفرة في العمل. إذ قرر البنك قبول أي وثيقة أو بطاقة هوية شخصية صادرة في الخارج  كما قبل فتح حسابات جارية (شيكات) بمبالغ لا تتجاوز 50 دولارا كحد أدنى وتقاضى رسوما ضئيلة للتحويلات إلى الخارج. وذهب البنك إلى أبعد من ذلك في العام 2000 حين فتح فرعا له بالقرب من مدرسة ثانوية مجاورة.

قال جيمس مالوني مدير المصرف الذي تأسس قبل أكثر من 100 عام "نحن نأتي بعشرة تلاميذ ونجعلهم يديرون البنك."

والطلاب، سواء كانوا أبناء مهاجرين أم هم أنفسهم من المهاجرين، هم أول من يقيمون علاقات مصرفية في أسرهم، الأمر الذي يضعهم في موقف يكتسبون فيها ثقافة وخبرة مالية ينقلونها إلى ذويهم. ويعمل الطلاب العاملون في المصرف من خلال خبراتهم والمواد التي يتلقونها من برنامج "المال الذكي" الحكومي، الذي يوفر المعرفة المالية، على تعليم زملائهم في المدرسة وطلبة المدرسة الابتدائية وأهاليهم الشوؤن المالية.

دانيلا سالاس من صندوق ميشين للأصول، وهو منظمة غير ربحية في سان فرانسيسكو وهي التي اقترحت نظام روسكا على غاما، قالت إن النشاط في المجتمع يمكّن منظمتها من تعريف آلاف المهاجرين بالثقافة والخدمات المالية. وقد نجح هذا الأسلوب مع غاما وهي تنصح زبائنها الآن باستخدام نظام جمعيات روسكا للتوفير والتدوير.

وأوضحت سالاس أنها وزملاءها يجدون دوائر الإقراض غير الرسمي في الأحياء ويقيمون الصلة بين تلك الجماعات – كجماعة غاما – وبين المؤسسات المالية الرئيسية التي تستطيع المساعدة في الحصول على أرقام لتعريف هوية دافعي الضرائب وبناء السمعة الائتمانية لأعضاء المجموعة وأفراد عائلاتهم وأصدقائهم.

تقول سالاس "لقد تناولنا شيئا كان غير رسمي وجعلناه رسميا."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي