التنوع | توفير حيز لنمو الجميع

03 حزيران/يونيو 2008

تراث البشرية جمعاء

 

قد يتساءل المرء عن القاسم المشترك بين قاعة الاستقلال، وهي موقع مبنى يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر في فيلادلفيا، بولاية بنسلفانيا، والحياة البحرية التي يزخر بها الحيد البحري العظيم في استراليا؟ وما هو الرابط بين القمم الجليدية وغابات أشجار الشوكران، في غلاشيار باي، في أالاسكا من جهة والهياكل القديمة والحضور الروحي لمجمّع أنغكور وات في كمبوديا؟

إن الصفة المشتركة بينها جميعاً هو أنه تم اعتبارها مواقع تراث عالمي، أي أماكن ذات أهمية مميزة في الإرث الطبيعي والثقافي المشترك بين البشرية. ويتم إدراج المواقع على قائمة التراث العالمي، التي أصبحت تضم الآن أكثر من 875 موقعاً، بناء على معاهدة التراث العالمي التي صادقت عليها 185 دولة، مما يجعلها أكثر الاتفاقات الدولية اعترافاً بها في العالم للمحافظة على مواقع التراث الطبيعي والثقافي. 

وسبعة عشر موقعاً من أصل المواقع الأميركية العشرين المدرجة على اللائحة هي مواقع تُشكِّل جزءاً من نظام وكالة المنتزهات القومية الأميركية، ويعتبر  مكتب الشؤون الدولية في وكالة المنتزهات المستشار الفني لحكومة الولايات المتحدة حول المسائل المتعلقة بالتراث العالمي. وتتضمن مواقع التراث العالمي في الولايات المتحدة معالم معروفة جداً كمنتزه يلوستون (Yellowstone) القومي ومنتزه غراند كانيون (Grand Canyon) القومي وتمثال الحرية، بالإضافة إلى مواقع أقل شهرة كالموقع التاريخي كاهوكيا ماوندز ستيت (Cahokia Mounds State) في ولاية إلينوي، وهي مدينة هندية أميركية يعود تاريخ بنائها إلى عصر ما قبل التاريخ، ومبنى تاوس بويبلو (Taos Peublo) في نيو مكسيكو، وهو مبنى سكني مشترك لا يزال مأهولاً كان قد بناه هنود قبيلة أناسازي قبل العام 1400.

وقد برزت فكرة معاهدة التراث العالمي من اقتراح قدمته، في عام 1971، حكومة  الرئيس رتشارد نيكسون الذي صور الفكرة على أنها تعبير عالمي لمفهوم المنتزهات القومية، الذي ظهر إلى الوجود في الولايات المتحدة. وأوجز نيكسون هذه الفكرة في بيان له حول السياسة البيئية، قال فيه، "قد يكون من الملائم أن توافق دول العالم، بحلول العام 1972، على المبدأ القائل بوجود مناطق معينة تتسم بقدر هائل من القيمة الفذة في جميع أنحاء العالم بحيث أنها يجب أن تعامل كجزء من تراث الجنس البشري أجمع، وأن تمنح تقديراً خاصاً باعتبارها جزءاً من وديعة التراث العالمي."

وعرض الوفد الأميركي فكرة المعاهدة في مؤتمر عقدته الأمم المتحدة حول البيئة البشرية في مدينة استوكهولم في العام 1972، وقام بتبنيها في وقت لاحق من تلك السنة المؤتمر العام لمنظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو).

وقد طرح راسيل تراين (Russel E. Train)، الذي كان رئيساً للمجلس المعني بالنوعية البيئية في حكومة الرئيس نيكسون الفكرة الأميركية في استوكهولم ولعب دوراً رئيسياً في إرساء المعاهدة تحت رعاية منظمة اليونيسكو. وقال تراين، في الذكرى الثلاثين للتوقيع على هذه الاتفاقية، إن معاهدة التراث العالمي تعترف "بالعلاقة التكاملية بين البشرية والبيئة، وبين البيئة الطبيعية والبيئة التي صنعها الإنسان أيضا."

وتعتبر المواقع المختلفة البعيدة جداً عن بعضها البعض التي أدرجتها اللجنة على اللائحة تراثاً للبشرية جمعاء، في الوقت الذي تظل فيه خاضعة لسلطة الدولة التي تقع فيها واقترحت إدراجها. وتتعهد الدول من خلال مشاركتها في المعاهدة بالعمل كقيم على المواقع الفريدة المدرجة في قائمة التراث العالمي "والتي تقع مسؤولية حمايتها على كامل المجتمع الدولي."

وقد عملت وكالة المنتزهات القومية، وغيرها من الوكالات الأميركية كوكالة الأسماك والحياة البرية ووكالة الأحراج، مع دول مشاركة في المعاهدة للمساعدة في حماية مئات من مواقع التراث العالمي في شتى أنحاء العالم، من جزر غلاباغوس مروراً بتاج محل ووصولاً إلى براكين شبه جزيرة كمشاتكا الروسية.

أما أحدث إضافة إلى اللائحة فهو "ميناء القمر"، مدينة بوردو في فرنسا، التي تم التنويه بكونها مدينة تاريخية مأهولة عززت التبادل الثقافي على امتداد  ألفي عام. وقد أضيفت أيضاً إلى قائمة التراث العالمي في عام 2007، جزيرة جيجو البركانية وأنابيب الحمم البركانية في كوريا الجنوبية. وتشير وثائق معاهدة التراث العالمي إلى أن هذا الموقع يضم أروع نظام لأنابيب الحمم البركانية على وجه الأرض، وإلى أنه ساهم كثيراً في زيادة المعرفة العلمية المتوفرة حول ظاهرة البراكين.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي