الاقتصاد والتجارة | تحقيق النمو عبر أسواق مفتوحة

02 ايلول/سبتمبر 2008

الدعم الحكومي للأسعار يبقي الطلب على البترول متضخماً في الأسواق الناشئة

قدرة أميركا على التأثير على الآخرين تتوقف على جهودها لكبح استهلاكها هي نفسها

 

من أندريه تسوانيتسكي، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

واشنطن،- هذا هو المقال الثالث من سلسلة تدور حول أزمة البترول.

بداية النص

هناك أنباء سيئة وأخرى جيدة بالنسبة للتطورات التي أفرزها ارتفاع أسعار البترول. فقد تقلص استهلاك البترول في مختلف أنحاء العالم المتقدم. ومن المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة أضخم تقلص في استهلاكه منذ 25 عاماً نتيجة تقليل الأميركيين من استخدام السيارات في عام 2008. وهذا نبأ جيد. (أنظر أيضاً "الأميركيون يتبنون أنماط معيشة جديدة بعد أن صدمهم غلاء أسعار الوقود والطاقة."

أما النبأ السيء فهو أن هذا الاقتصاد في الوقود في الدول الصناعية تقابله طفرة تفوق حجمه في استهلاك الدول النامية له.

فقد أعلن صندوق النقد الدولي أن استهلاك الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للبترول انخفض مليون برميل في اليوم، في الفترة الممتدة من الربع الأول من عام 2007 إلى نفس الفترة في عام 2008، ولكن الاستهلاك ارتفع في بقية أنحاء العالم 1,1 مليون برميل في اليوم.

ويعود سبب معظم الزيادة في الطلب على البترول إلى الاقتصادات المتنامية بسرعة في آسيا وأماكن أخرى. ولكن حكومات حوالى 50 بلداً ترفع الطلب بصورة إضافية من خلال الدعم الحكومي، على شكل تخفيض وحسم في الضرائب أو تأمين مخصصات تساعد شركات البترول ومعامل التكرير على سد أو تقليص التفاوت بين أسعار السوق العالمية والأسعار الأكثر انخفاضاًً التي تريدها الحكومة. وقالت شركة BP (بريتش بتروليوم) إن الزيادة في استهلاك الدول التي تدعم فيها الحكومات أسعار البترول شكلت 96 بالمئة من الزيادة العالمية في استهلاك البترول في عام 2007.

ويقول خبراء الاقتصاد أن دعم الأسعار يشوه سوق البترول العالمية من خلال إخفاء مؤشرات الأسعار. ولن يكون هناك أي حافز يدفع مؤسسات الأعمال والمستهلكين إلى الاقتصاد في استخدام الوقود إن كانوا غير مضطرين لمواجهة ارتفاع أسعاره.

وقد وصفت ميشيل فوس، رئيسة مركز اقتصاد الطاقة في جامعة تكساس في أوستن، الدعم الحكومي للأسعار بأنه "الخطر رقم 1" الذي يهدد سوق البترول.

وأضافت قائلة لموقع أميركا دوت غوف، "لن يسير أي شيء كما يجب ما لم ننجح في تحقيق توازن السوق."

وتدافع الدول النامية عن سياسة دعم سعر البترول معتبرة إياها إجراء يهدف إلى المساعدة في دفع التصنيع قدماً وحماية الشرائح الفقيرة في المجتمع من أسعار البترول العالمية المرتفعة. ولكن معظم خبراء الاقتصاد يرون أن هذا الدعم يفيد الزبائن الأغنياء وأنه، وهو الأهم، يضر التنمية في الكثير من الأحيان إذ يأخذ الأموال من استخدامات أكثر إنتاجية ويحول دون تحول الاقتصاد إلى اقتصاد يستخدم الطاقة بشكل أكثر فعالية.

وقد بدأت مساعدات دعم الأسعار في نهب خزينة الدول مع استمرار ارتفاع أسعار البترول. وتكهن صندوق النقد الدولي، على سبيل المثال، بأن مصر وإندونيسيا ستنفقان حوالى 5 بالمئة من ناتجهما المحلي الإجمالي على مساعدات دعم أسعار البترول في عام 2008.

وقد قلصت بعض الدول والمناطق، بينها الصين والهند وتايوان ماليزيا وإندونيسيا، من دعمها لأسعار الطاقة بعد مواجهتها كلفة آخذة في الارتفاع. ورغم أن خطواتها لم تكن جريئة بما فيه الكفاية لتقلص الطلب بشكل مهم، إلا أنها قوبلت بردة فعل سياسية واحتجاجات. وقد أحجم بعض الحكومات عن اتخاذ إجراءات إضافية خشية مزيد من النتائج وردود الفعل وخشية زيادة محتملة في التضخم.

وقال وكيل وزارة المالية، ديفيد مكورميك، إنه يتعين على الدول أن تضع خطة للتوقف عن دعم الأسعار على امتداد فترة من الزمن.

وأعربت فوس عن اعتقادها بأن وضع حكومات الدول الرئيسية التي تدعم أسعار الطاقة خططاً معقولة موثوقاً بها لوقف الدعم يمكن أن يؤدي إلى كبح أسعار البترول. ولكن فوس وغيرها من الخبراء يقولون إن الولايات المتحدة والدول الصناعية المتقدمة الأخرى لا تتمتع بنفوذ كبير لدى تلك الحكومات.

ويعتقد خبراء آخرون بأن الولايات المتحدة ليست في موقف يمكنها من إبلاغ الدول الأخرى ما ينبغي عليها القيام به. فرغم أنها لا تدعم أسعار الوقود إلا أنها أكبر مستهلك للبترول في العالم.

* الولايات المتحدة يمكنها أن تكون في الطليعة

لقد ظل الأميركيون حتى فترة قريبة أكثر الناس إسرافاًً في استهلاك البترول. وأشار ستيف آندروز، وهو خبير في مجال الطاقة مقره في دينفر بولاية كولورادو، إلى أنه في حين زاد الاتحاد الأوروبي الضرائب المفروضة على البنزين وثنى عن استخدام السيارات من خلال إجراءات أخرى، ظلت الحكومات الأميركية والمشرعون الأميركيون لفترة طويلة غير مستعدين  لـ"مواجهة" اعتماد سائقي وصانعي السيارات الأميركيين على البترول الزهيد الثمن.

وقد قام الكونغرس في عام 2007 بتشديد معايير اقتصاد البنزين بعد سنوات كثيرة من عدم تغييرها.

أما في الصين، فقد حدثت زيادة سريعة في مبيعات السيارات، وعلى رأسها سيارات الإس يو في الرياضية المفرطة في استهلاك البنزين، ولدى الهند أيضاً خطط طموحة لزيادة أسطول سياراتها. ولكن جون دويتش، وهو خبير في شؤون الطاقة في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا، قال إن هاتين الدولتين، اللتين يتوقع أن ترفعا الطلب على البترول في المستقبل، بدأتا تطبيق معايير اقتصاد بنزين أكثر تشدداً من المعايير المتبعة في الولايات المتحدة.

وقال لموقع أميركا دوت غوف: "إن الصين ستغير بمرور الوقت طريقتها بحيث تصبح أقرب في مجال الفعالية في استخدام الطاقة إلى معايير الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية."

وقد تعاطت الولايات المتحدة مع الصين ودول نامية أخرى من خلال شراكة آسيا-المحيط الهادئ الخاصة بالتنمية النظيفة والمناخ، وهي شراكة حكومية-خاصة. وقد أنتجت الشراكة بالفعل الكثير من المشاريع الملموسة في مجال فعالية الطاقة.

ولكن الولايات المتحدة قد لا تتمكن من إقناع الصين أو الدول الأخرى بتغيير سلوكها ما لم تكن هي نفسها البادئة في ذلك. وقال دان روزن، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن على الولايات المتحدة أن تكون في الطليعة وتظهر للدول الأخرى السبيل الذي ينبغي سلوكه من خلال استثمار المزيد من المال في تكنولوجيات السيارات المبتكرة.

وقال لموقع أميركا دوت غوف: "إن تحسين (معدل) استهلاك أسطول السيارات بحيث تصبح قادرة على قطع 50 ميلاً في الغالون الواحد… أمر قابل للتحقيق تماما." وتدعو المعايير الأميركية الجديدة إلى تحقيق الوصول إلى قطع 35 ميلاً في الغالون الواحد بحلول عام 2020.

ولكن مكورميك أعرب عن تفاؤله بقدرة الولايات المتحدة على الارتقاء إلى مستوى التحدي.

وقال: "يجب على الأميركيين القيام بما كنا نقوم به دائما، علينا أن نتكيف ونبتكر ونثابر وننتصر (على المشكلة)."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي