الحكومة الأميركية | توازن ثابت بين المؤسسات

01 ايلول/سبتمبر 2008

جيمس ماديسون وخطة فرجينيا

 

بداية النص

على الرغم من النفسية المحافظة المتأصلة للولايات، أثبت المؤتمر الدستوري انه حاسم عند اجتماع المجموعة الرائعة المؤلفة من 55 رجلاً في فيلادلفيا في أيار/مايو، 1787. كان فهمهم للمسائل المطروحة قد صقله تجاربهم الواسعة في الحياة العامة، حيث كان أكثر من نصفهم قد خدم في المؤتمر الدستوري، وشغل سبعة منهم منصب حاكم ولاية، كما شارك عدد منهم في صياغة دساتير الولايات.

جورج واشنطن، الجنرال من ولاية فرجينيا الذي قاد الحرب ضد البريطانيين، أضفى هيبة خاصة على الاجتماع عندما وافق على الخدمة كرئيس للمؤتمر. كان بين الوجهاء الآخرين ألكسندر هاملتون (نيويورك)، بنجامين فرانكلين (بنسلفانيا)، وجيمس ولسون (بنسلفانيا). ولعل الغياب الأكثر بروزاً كان غياب توماس جفرسون الذي كتب إعلان الاستقلال ولكنه كان يخدم كسفير للولايات المتحدة في باريس حينذاك.

لقد بدا جلياً بسرعة ان الصوت الأهم والحائز على أكثر الاحترام في المؤتمر كان صوت جيمس ماديسون من فرجينيا. فجيمس ماديسون، الذي كان نشطاً في سياسة فرجينيا، حاز على سمعة قومية كعضو في المؤتمر الدستوري حيث كان له دور فعال في تنازل فرجينيا عن مطالبها بخصوص الأراضي الغربية، وإنشاء مقاطعة قومية.

ازداد ماديسون قناعة بان حرية الأميركيين تتوقف على قيام اتحاد قوي بما فيه الكفاية للدفاع عنهم ضد المعتدين الأجانب، وداخلياً وللتعويض عن تجاوزات الحكومات الشعبية في الولايات الفردية. فلم يكن أي ممن أتوا إلى فيلادلفيا أفضل منه استعداداً. كان قد اتخذ موقع القيادة في التأكد من أن أفضل المواهب في البلاد كانت حاضرة في المؤتمر. علاوة على ذلك، وفي الأسابيع التي سبقت الاجتماع، تبحّر بعمق في تجارب الاتحادات الكونفدرالية القديمة والحديثة وكتب مذكرة حول "عيوب النظام السياسي في الولايات المتحدة".

أقنع ماديسون، الذي كان أول من وصل إلى فيلادلفيا، وفد فرجينيا باقتراح خطة تتعدّى مُجرّد إعادة النظر في مواد الدستور، بل لتحل محلها حكومة قومية ذات سلطات واسعة. ومن جهة أخرى، يكون للكونغرس، الذي يستمد سلطاته من الشعب، السلطة "للتشريع في كل الحالات التي لا صلاحية فيها للولايات المنفصلة، أو التي سينقطع بسببها توافق الولايات المتحدة نتيجة ممارسة التشريعات الفردية". ابتعدت خطة فرجينيا أكثر عن المواد، فدعت إلى دستور يتم التصديق عليه ليس على يد هيئات الولايات التشريعية، بل من جانب مؤتمرات تنتخبها الناس في كل من الولايات المتعددة.

بعد قرار تحويل أنفسهم إلى لجنة العموم (Committee of the Whole)، ناقش المندوبون حسنات خطة فرجينيا. الذين كانوا يحثون على توسيع السلطات القومية بقيادة ماديسون وجيمس ويلسون، كانوا يفكرون أنه من الضروري إلغاء نظام الحكومة المركزية غير العملي محاولين تنفيذ السياسة من خلال الولايات. وبدلاً من ذلك، شددوا أن على الحكومة القومية أن تعمل مباشرة على الأفراد، وان يكون بإمكانها، عبر فرعيها التنفيذي والقضائي، فرض تنفيذ قوانينها ومراسيمها. علاوة على ذلك، دعت مبادئ المساواة الفردية إلى أن يكون التمثيل في الكونغرس قائماً على أساس عدد السكان وبالتالي إلى التخلي عن مبدأ التساوي ما بين الولايات. كان ماديسون وحلفاؤه يأملون البناء على الشعور السائد على نطاق واسع بين المندوبين بان الإصلاحات الخاصة أو الإصلاحات التدريجية للنظام القائم لن تكون كافية بعد الآن.

غير ان الإصلاحات الراديكالية كانت، في نظر العديد من مندوبي الولايات الصغيرة، جريئة أكثر مما يجب. ففي حين كان من الممكن لهم أن يوافقوا على الحاجة إلى توسيع سلطة الحكومة المركزية، بما في ذلك منحها سلطة جمع إيراداتها الخاصة وتنظيم التجارة، كانت الولايات الصغيرة تخشى سيطرة الولايات الكبيرة.

كانت المسألة المركزية تتعلق بقضية التمثيل. فقد أصّر وليم باترسون، من ولاية نيو جيرسي، أن ولايته "لن تنضم أبداً إلى الاتحاد على أساس الخطة الموضوعة أمام اللجنة". مع استمرار إصرار ماديسون وولسون على خطة قومية، بدا وكأن المندوبين إلى المؤتمر، أياً كان اتفاقهم حول المسائل الأخرى، سوف لن يتوصلوا إلى تفاهم حول مسألة التمثيل.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي