تسخير قوة الأفكار | الإبداع والاختراع

07 أيار/مايو 2008

لمحة عن مبتكر شاب: لويس فون آن

 

لويس فون آن لديه رؤيا طموحة ومدى انتباه قصير. فهذا الشاب البالغ من العمر 29 عاماً، المتخصص في علم الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون في بتسبيرغ بولاية بنسلفانيا، يفضل القصص القصيرة على الروايات الطويلة، وبرامج التلفزيون على القصص القصيرة، والإنترنت على كل ما ذكر أعلاه. وإذا كان الآخرون يشاطرونه ما يشكو منه، فإن ذلك سيكون في صالحه: فهو يخطط لتسخير سرعة نفاد الصبر التي اشتهر بها أبناء جيله لتغيير العالم.

يقول لويس، "إن اكبر وأعظم مشاريع الإنسانية احتاجت إلى ما يقارب مئة ألف شخص لإنجازها، مثل قناة بناما وأهرامات مصر. أمّا الآن ولأول مرة في التاريخ، فيمكننا أن نجمع بسهولة عدداً من الناس أكبر من ذلك بكثير لكي يعملوا معاً. تخيلوا ما يمكن أن ينجزه 500 مليون إنسان يعملون معاً."

وشرط النجاح هو حملهم جميعاً على التعاون. ومثله مثل "توم سوير"، وجد لويس حلاً بسيطاً وغير مؤذٍ: تحويل المهمة إلى لعبة. وهو يشير إلى أن لعبة الورق "سوليتر" على الكمبيوتر تلتهم ملايين الساعات من أوقات الناس في السنة، دون استفادة أي شخص منها. أما "الألعاب الهادفة" التي ابتدعها فسوف تنجز أنواعاً عديدة من المهمات المفيدة. سوف يقوم اللاعبون بترجمة مستندات من لغة إلى أخرى أو بتسهيل عملية تصفح العميان للإنترنت، وسوف يستمتعون في نفس الوقت بما يقومون به. ولن يدركوا، ما لم يتنبهوا إلى التفاصيل الدقيقة، أنهم يقومون بعمل جيد.

أما ما يثير اهتمام البحاثة في فكرة "الكمبيوتر الإنساني"، كما يسميه،  فليس إمكانية حَمل الناس على إنجاز مهمات مملة متكررة بقدر ما هو إمكانية النجاح في تدريب أجهزة الكمبيوتر على القيام بهذه المهمات. والعديد من المهمات التي ينجزها الناس بسهولة صعبة إلى حد مدهش بالنسبة للكمبيوتر،  خاصة تلك التي يتعلمها الأطفال بسهولة، مثل تصنيف الأشياء، والتعرف على الوجوه، وتعلم اللغات الشفوية، وقراءة الخطوط اليدوية.

يقول مايكل كيرنز، وهو عالم كمبيوتر في جامعة بنسلفانيا: "هناك عدد كبير من الناس ممن يدرسون المشكلة الصعبة المتعلقة بتعليم الكمبيوتر كيف يتعلم، وهناك الكثير من الناس الذين يدركون قيمة الإنترنت الترفيهية. لكن من النادر العثور على شخص مثل فون آن الذي تعمق في دراسة فكرة الجمع بين الأمرين."

يقول فون آن إن "هدفه الكبير"، هو جعل أجهزة الكمبيوتر قادرة على القيام بأي شيء يستطيع الناس القيام به. ويضيف قائلاً، "أعتقد أن الأمر سيتحقق بالتأكيد، إن لم يكن خلال 50 عاماً، فسيكون خلال مئة عام."

وفي هذه الأثناء، ضم فون آن جهوده إلى جهود أرشيف الإنترنت، وهو مكتبة رقمية، لجعل  مستخدمي الكمبيوتر يساعدون في "ترقيم" كتب المكتبات القديمة، من خلال قيامهم، مثلاً، بطباعة الكلمات التي تصعب قراءتها من الكتب الممسوحة، عندما يتقدمون بطلب اشتراك في البريد الإلكتروني. وهو يعمل أيضاً لحساب وزارة الأمن الوطني لإعداد لعبة تساعد مراقبي حقائب المسافرين على الشاشات في عملهم من خلال لفت انتباههم إلى تفاصيل مهمة في الصورة الممسوحة بأشعة أكس. وهو يعكف أيضاً، بمساعدة طالب الدراسات العليا، سيفرن هاكر، والمبرمج مايكل كروفورد، على تطوير لعبة لتصنيف الصور في لائحة حسب مستواها الجمالي: وهو يخطط لاستخدام المعطيات في تعليم أجهزة الكمبيوتر عن "الجمال". وحتى الآن، تحتل جِراء الكلاب والأطفال مرتبة قريبة من القمة. وقد يعترض متذوقو الجمال على هذا الترتيب. لكن ذلك لن يردع فون آن عن المضي قدماً نحو هدفه المنشود.

ويقول عالم الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون، مانويل بلوم، الأستاذ الذي كان مشرفاً على فون آن، إن "لويس لا يخاف أي شيء. إنه على استعداد لسبر غور مجالات لا يجرؤ أحد غيره على دخولها."

هذه المقالة مقتبسة من مقالة "اللاعب" بقلم بولي شلمان، والتي ظهرت أصلاً في مجلة "سميثسونيان"، في تشرين الأول/اكتوبر 2007. بولي شلمان كاتبة ومحررة في مجلة "ساينس"، ومؤلفة رواية "الحماس"، وهي كوميديا رومانسية شبيهة بروايات جين أوستن تدور حول فتاتين مراهقتين في نيويورك.

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسات الحكومة الأميركية.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي