تسخير قوة الأفكار | الإبداع والاختراع

07 أيار/مايو 2008

ألعاب المستقبل

 

بقلم مايك فوغل

ما زالت المُشاركة في الألعاب الرياضية ومُمارسة النشاطات البدنية جزءاً هاماً من أسلوب الحياة الأميركية منذ أكثر من قرن. وخلال هذه الفترة، تطوّرت المعدات الرياضية والألعاب نفسها وتحسّنت بشكل هائل. لكن الأمريكيين لم يكتفوا بما حققوه، بل يواصلون البحث عن، والعثور على، طرق جديدة لجعل الألعاب الرياضية ومُعداتها أفضل، وأكثر أماناً، وأقل إضراراً بالبيئة، وأكثر اجتذاباً لانخراط المُتحمسين بها.

ألعاب إكس تدخل دائرة الضوء

تواصل مباريات الألعاب الخطرة جداً، أو ألعاب إكس، توسيع حدود المُنافسات الرياضية التقليدية في كل عام بتقديم نشاطات رياضية جديدة ومُثيرة، في حين تواصل العمل في نفس الوقت على تقليص تأثير هذه الألعاب على البيئة إلى أدنى حد ممكن. وفي كانون الثاني/يناير، ضمت دورة الألعاب الشتوية الخطرة الثانية عشرة جمهور المُشجعين نفسه إلى النشاطات إذ إنهم قاموا باختيار الفائزين في بعض النشاطات من خلال الاقتراع المباشر.

ودورة ألعاب إكس هي أضخم مباراة في العالم لرياضة التزحلق على اللوح ذي العجلات (سكيتبوردينغ)، ولكن الدورة تطورت بشكل كبير وأصبحت تشمل مباريات رياضة بي ام اكس (وهي اختصار لدراجة موتوكروس، وهي رياضة تتضمن درّاجات هوائية خاصة لها عجلات أكبر أو أصغر حجماً من الدراجات التقليدية، ويستطيع راكبها تنفيذ حركات بهلوانية عليها)، والرياضات المائية، ورياضة التزلج على لوح على الثلج أو ركوب الثلج (سنوبوردينغ)، وسباقات الرّالي  للسيارات، والقفز المعلّق أو البانغي، وركوب الريح، والتسلق على الجليد، وعدد كبير من الرياضات الخطرة الأخرى. ويتزايد حضور جماهير المُشجعين لهذه المباريات السنة تلو الأخرى، وتتم حالياً تغطية  ألعاب إكس على مدى 24 ساعة على الشبكات التلفزيونية الرياضية مثل إيه بي سي (ABC) و "إي إس بي أن" (ESPN)، ومرافق هذه المحطة الأخيرة على الإنترنت وفي الإذاعة.

وستدخل دورة ألعاب أكس الشتوية الثانية عشرة التي ستقام في كولورادو لأول مرة سباق "سرعة وأسلوب مركبة الثلج" التي تدمج بين الأسلوب الهوائي الحر وسرعة سباقات الضاحية على الثلج في مُنافسة واحدة. ويقوم المتنافسون فيها بالتزلج جنباً إلى جنب في المضمار والقفز البهلواني في الهواء ومن فوق الحواجز. وتُحتسب العلامات على أساس صعوبة الأعمال البارعة المنفذة والوقت الإجمالي الذي يستهلكه المُتسابق لقطع مضمار السباق بأكمله.

وقد أضيفت أيضاً المباريات الجوية الكبرى، حيث يتنافس الرياضيون في بلوغ أعلى ارتفاع ممكن، إلى مباريات التزلج والسنوبوردينغ. ويتنافس في كل شوط أربعة رياضيين فقط، ويشترك جمهور المُشجعين في التصويت للفائزين في كل شوط، بحيث يأتي نصف علامات كل متنافس من اقتراع الجمهور مُباشرة عبر الرسائل الهاتفية القصيرة، ويأتي النصف الآخر من المُحللين الذين يشاركون في التعليق المُباشر على المباريات في التلفزيون.

ومباريات ألعاب أكس، التي كانت تعرف أصلاً بالألعاب الخطرة، توسعت بسرعة لتصبح حدثاً عالمياً وظاهرة تسويقية أكبر بكثير على الأرجح مما كان يتصوره مبتدعوها.

وقد برزت دورة ألعاب إكس إلى الوجود في العام 1993، عندما قرر مديرون تنفيذيون في شبكة إي إس بي إن (ESPN) الرياضية جمع هؤلاء الرياضيين الدوليين في نشاطات رياضية صيفية كل سنتين. ونظمت أول دورة مباريات لألعاب أكس في العام 1995 في نيو إنغلاند، وتضمنت 27 نشاطاًً في تسع فئات من الألعاب الرياضية.

وقد كانت ردة فعل المُشاهدين والجهات الراعية والرياضيين إيجابية إلى درجة أن الشبكة التلفزيونية قررت جعل هذه الألعاب حدثاً سنوياً. ثم أطلق عليها اسم مباريات ألعاب إكس في العام 1996 وأصبحت تُقام كل ستة أشهر لتشمل الألعاب الرياضية الشتوية في العام 1997. وتم بث دورة مباريات الألعاب الشتوية الأولى على شاشات التلفزة إلى حوالي 200 بلد وإقليم في 21 لغة مُختلفة. كما جرى بثها أيضاً على شبكة إيه بي سي، وهي الشبكة الأم لمحطة إي إس بي إن.

وانتقلت ألعاب إكس إلى المجال البيئي في العام 2004، عندما تم إدخال ألعاب إكس الصديقة للبيئة (XGE) من خلال برنامج شامل يدفع الإشراف البيئي عبر كافة جوانب التخطيط لهذه الألعاب. وتهدف مباريات إكس الرفيقة بالبيئة إلى تقليص تأثير المباريات على البيئة إلى أقصى حد ممكن من خلال تقليل حجم النفايات إلى الحد الأدنى واستخدام الموارد القابلة للتجديد، وشراء المنتجات النظيفة بيئياً، ومنع التلوث.

وهكذا أصبحت مباريات ألعاب إكس، بعد أقل من عقدين من إنشائها، تحظى بشعبية هائلة لدى الرياضيين، والجهات الراعية، والمتفرجين في جميع أنحاء العالم. وأصبحت كذلك فرعاً أساسياً من علامة ESPN التجارية.

الرياضات الجمالية

يتخطى الإبداع في الرياضة التكنولوجيا ومعدات الألعاب نفسها. فقد بدأت مجموعة من الرياضات الجديدة الهجين، أو "الجمالية"، تغزو الحلبة الرياضية.

اخترع طالب الدراسات العليا، في جامعة رَتغرز، توم روسوتي، لعبة سماها "الهيرلنغ الخفيف" وهي نسخة ألطف من "الهيرلنغ" (التي يلعبها فريقان بالعصي أو المضارب وكرة) وهي اللعبة الوطنية الايرلندية السريعة والعنيفة جداً. لعبة روسوتي تستخدم فيها أهداف لعبة كرة القدم ومضارب بلاستيكية مجوّفة وكرات بيضاء بلاستيكية فيها ثقوب، أي نفس المعدات المستخدمة في لعبة الكرة الخفيفة "ويفل بول". وقد اخترع روسوتي لعبته عندما قيل له إن اللعبة الأصلية عنيفة جداً بالنسبة لمن لا يتقنونها. وهو يقوم ?تسخين المضارب فوق لهب لجعلها مسطحة بشكل شبيه جداً بمضارب لعبة الهيرلنغ العنيفة. ويمكّن مثل هذا التعديل لعبة الهيرلنغ الخفيفة من المحافظة على حدة لعبة الهيرلنغ الأصلية العنيفة مع جعل اللعبة أكثر أماناً للاعبين الجدد.

أمّا إريك هايبرغ، من ولاية تكساس، فقد اخترع لعبة "موجو كيك بول " لتكون بمثابة تمرينات رياضية. ولا تشبه هذه اللعبة إلا قليلاً لعبة "الكيك بول"، التي هي مزيج من البيسبول وكرة القدم وتلعب في الكثير من حصص الرياضة في المدارس الأميركية، وتتضمن أيضاً عناصر من لعبة "دودج بول" وهي لعبة أخرى شائعة في المدارس الأميركية. أما لعبة "موجو كيك بول" فتستخدم ست كرات ويقذف الضارب الكرات إلى أفراد فريقه ويسجل اللاعبون الأهداف على القاعدة الثالثة.

أما لعبة "بولو درّاجات الشوارع الهوائية" فقد أثبتت وجودها في عدد من المدن الأميركية مؤخراً، وهي تختلف عن غيرها من الرياضات الجمالية من ناحية أنها تتطلب درجة أكبر من البراعة والخفة البدنية. ذلك أنه يتعين على اللاعبين المحافظة على توازنهم على درّاجاتهم الهوائية بينما يواجههم خصومهم بمضارب البولو ويزاحمونهم على كرة الهوكي.

ومن أهم ميزات الرياضات الجمالية، أنه يمكن لمشاركين يتمتعون بدرجات لياقة وقدرات بدنية مختلفة  اللعب والتنافس معا. لم يكن هايبورغ من محبي الألعاب المتسمة بدرجة تنافس عالية جداً وقد أراد هو وتوم روسوتي إيجاد مجالات رياضية توفر المتعة غير الرسمية بدل التنافس الشديد. وتوفر جميع هذه الجهود للناس مجالاً للقيام بنشاطات بدنية تتعدى الرياضات المألوفة التي اعتدناها جميعا.

تكنولوجيا لحماية الرأس

في غضون السنوات العشرين الماضية، تسلل مصطلح "الارتجاج المخي" إلى لغة الرياضيين على جميع المستويات. فاللاعبون المتقاعدون في الرياضات التصادمية، مثل كرة القدم الأميركية والهوكي يشيرون إلى أنهم كانوا يلعبون أثناء شعورهم "بالصداع"، دون أن يدركوا مدى خطورة ما ربما كان ارتجاجاً مخياً لم يتم تشخيصه.

ويمكن أن يساعد التقدم الذي تم تحقيقه في تصنيع الملابس والمعدات الواقية في التخفيف من بواعث قلق الرياضيين في هذا المجال الآن. فقد قامت "مجموعة ريدل الرياضية"، وهي شركة لتصنيع المعدات الرياضية في ولاية إلينوي، بتصميم خوذات للاعبي كرة القدم الأميركية مُجهزة بأجهزة استشعار تستطيع قياس شدة الصدمة وبالتالي المساعدة في كشف إمكانية حصول ارتجاج مخي.

وفي كل خوذة مجهزة بتقنية "نظام استشعار شدة الصدمة الدماغية" (HITS)، ست "مقاييس تسارع" مغروسة في بطانتها. وتقوم أجهزة الاستشعار هذه، التي طورتها شركة "سايمبكس" المحدودة  في نيوهامبشير، بتحديد موقع الصدمة وشدتها ومدتها واتجاه تأثيرها. وتُرسل معطيات القياس لاسلكياً وبصورة متواصلة إلى جهاز كمبيوتر جانبي لا ينفذ إليه الماء يرصده فريق طبي. ويستطيع الفريق الطبي مراقبة المعطيات باستمرار، إلا أنه يتم أيضاً إرسال إشارة تنبيه كلما سجلت خوذة من خوذات اللاعبين صدمة تتخطى شدتها حداً مُعيّناً مُحدداً مسبقاً.

ولدى حصول ذلك، يمكن استدعاء ملف اللاعب المصاب على شاشة الكمبيوتر، ويمكن فوراً لموظفي الفريق رؤية سجل الصدمات التي أصيب بها اللاعب خلال التمارين والمباريات السابقة.

وقبل بدء الموسم، يتم إجراء فحص على الكمبيوتر مدته 25 دقيقة لكل لاعب لتحديد الخط الأساسي المرجعي لسلوك دماغه. فإذا حذّر نظام الاستشعار الفريق الطبي باحتمال وجود إصابة في الرأس، يتم فحص اللاعب مجدداً وتقارن نتيجة الفحص الجديد مع النتيجة المرجعية الأساسية.

ويعتبر ارتجاج الدماغ المتكرر من أخطار الرياضات التصادمية على جميع المستويات التي ظلت مخفية حتى الآن. ويكون لكل ارتجاج تال تأثير أكبر على اللاعب، لكن تكنولوجيا نظام استشعار شدة الصدمة الدماغية (HITS) سوف تساعد في ضمان توفر فترة التعافي اللازمة للاعبين بعد الإصابة التي قد تسبب الارتجاج المخي قبل عودتهم إلى اللعب.

المعدات الرياضية تصبح خضراء

بعد ما يُقارب الأربعين عاماً من الاحتفال بيوم الأرض في العام 1970، أصبح لدى المستهلك خيارات بيئية سليمة إلى حد أكبر في كل مجال من مجالات التسوق تقريباً. ومن إحدى الخيارات الإضافية التي أُدخلت مؤخراً على المنتجات الاستهلاكية الخضراء، السلع الرياضية وأجهزة التمارين الرياضية.

ولأن الكثير من ألواح ركوب الأمواج تطلى براتنج البوليستر المضر بالبيئة وبالعمال الذين يستخدمون تلك المادة، طوّر بعض المصنعين مؤخراً الراتنج الإيبوكسي المصنع ومكونات طبيعية. وعلاوة على كونه هذه المواد لا تضر البيئة، فإنها تقاوم الارتطامات والكشط أكثر من الألواح المطلية بالبوليستر.

تصنع عادة كرة القدم وكرة الرياضات المشابهة ممتازة النوعية من كرة داخلية مطاطية تغطى بأخرى من مادة البولي يوريثان أو الجلد الاصطناعي. لكن الاستهلاك المتواصل والمتكرر لشجر المطاط يمكن أن يقلّص الغابات. ولذا تقوم شركة "فاير ترايد الرياضية" الكائنة في سياتل بتصنيع كرات تكون فيها الكرة الداخلية وغلافها الخارجي مصنوعين من مواد متوافقة مع المواصفات الفنية لمجلس القيّمين على الغابات (FSC). تضمن شهادة المجلس كون المطاط قد أخذ من غابات تُدار بطريقة مسؤولة، كما تفرض القوانين الدولية.

وهناك ملايين من الأحداث الذين يتزحلقون على ألواح التزحلق، ومعظم اللاعبين الجديين يكسرون لوحاً واحداً على الأقل في كل سنة. وبدلاً من استعمال الخشب، بدأ منتجو الألواح، مثل "كومت"، و"هابيتات" و"لوديد بوردس" و"سكتور 9" بإنتاج ألواح "خضراء" (غير مؤذية للبيئة) مصنوعة من الخيزران والقنب والألياف الزجاجية. ويعتبر الكثير من ممارسي هذه الرياضة الألواح "الخضراء"  أفضل أداء وأقوى وأكثر مرونة.

كما وتستخدم شركة "كالفي ديزاين" القنب والخيزران لصناعة دراجات هوائية صديقة للبيئة. وكانت هذه الشركة تنتج خلال العقدين الماضيين درّاجات سباق غالية الثمن مصنوعة من ألياف الكربون، وفي حين أن درّاجات الخيزران تزن أكثر بقليل من تلك المصنوعة من ألياف الكربون، لكنها أفضل لناحية امتصاص صدمات الطرقات والاهتزازات. أما شركة "فنتشر سنوبوردز" القائمة في كولورادو فتستعمل الخشب المحصود بطريقة تؤمن الاستدامة، والخيزران، والقطن العضوي، والقنب لصناعة ألواحها.

ويبدو أن الزبائن مستعدون لاقتناء المعدات المشتقة من المواد الصديقة للبيئة، طالما ظل الأداء والمتانة مؤمنين ولم تتم التضحية بهما.

مايك فوغل كاتب ومحرر نشر سابقاً مقالات عن الهوكي والبايسبول والطعام والموسيقى. وهو يقطن حالياً في ولاية مريلاند.

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسات الحكومة الأميركية.


احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي