العطاء الأميركي | تقوية المجتمعات عبر السخاء

02 حزيران/يونيو 2008

أطفال باناما يستفيدون من زيارة باخرة المستشفى الأميركية

 

بقلم ديفيد شلبي

كولون، باناما. تعرف يوكيشا نوويل ماذا تريد أن تفعله تماماً بعد أن تُكمل دراستها. فهي تحلم في فتح صالون تجميل. إلا أنها خلال السنتين الماضيتين، لم تشعر هذه الفتاة البانامية بأي شكل من الأشكال على أنها جميلة. فقد كان الكيس الغشائي المنتفخ على عنقها يشكل مصدراً دائماً من المضايقات والخجل.

وكانت والدتها قد أخذتها إلى أطباء محليين عديدين، لكن لم يكن لدى أي واحد منهم المواد اللازمة لإزالة الكيس الغشائي. كما أنهم خشوا أن تُؤدي العملية الجراحية الدقيقة إلى إلحاق أذى دائم بصوت الفتاة.

عندما علم أحد الأطباء الذين عالجوا يوكيشا أنه من المقرر أن ترسو باخرة المستشفى كومفورت، التابعة لسلاح البحرية الأميركي، في ميناء كولون، بباناما، أوصى الفتاة بزيارة الأطباء الجراحين على الباخرة لمعرفة ما إذا كانوا يستطيعون مساعدتها. بعد فترة قصيرة قضتها يوكيشا في غرفة العمليات الجراحية في الباخرة، تغيّر مظهرها فوفر لها ذلك فرصة عيش حياة طبيعية أفضل.

تحمل الباخرة كومفورت فريقاً طبياً يتألف من أكثر من 500 مهني طبي في رحلة تدوم أربعة أشهر، وتزور خلالها 12 دولة في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي لتقديم خدمات الرعاية الصحية  الأولية، وإجراء العمليات الجراحية الثانوية، وإعادة تأهيل العيادات، وإصلاح المعدات الطبية، والتدريب الطبي للعاملين المحليين في حقل الرعاية الصحية.

من بين آلاف الفحوصات البدنية وفحوصات الأسنان التي أجراها العاملون في الباخرة في كولون، تبين أن حفنة من الحالات كانت تُشكِّل مشاكل تهدد الحياة، وكان من المُمكن عدم اكتشافها لولا إجراء هذه الفحوصات. وكما قال رئيس الفريق الطبي في الباخرة، بروس بوينتون، فحتى السن المصاب بخراج قد يقتل الإنسان إذا تُرك بدون علاج. وجرت هناك فحوصات عديدة أخرى أدت إلى تخفيف الأوجاع والآلام البسيطة. مع هذا، فإن بعض العمليات الجراحية التي أُجريت على الباخرة كومفورت بدلت حياة الناس بدرجة دراماتيكية.

الممرضة ديان سبيرانزا، المتطوعة على متن الباخرة مع مُنظمة "مشروع الأمل" غير الحكومية، تعمل في تصنيف أنواع العلاجات المُقدمة للمرضى في العيادات الأهلية المحلية التي يقيمها العاملون في الباخرة في كل ميناء. تحدثت ديان، في مقابلة أُجريت معها، عن امرأة جاءت إلى العيادة في كولون تُعاني من كيس دهني كبير فوق عينها. تُحال مثل هذا الحالات في العادة إلى غرفة العمليات الجراحية في الباخرة لاستئصالها، ولكن مواعيد غرف العمليات كانت كلها محجوزة حينذاك.

إلاّ أن طبيب جراح متطوع في "مشروع الأمل" كان يعمل في العيادة رفض إرجاع المرأة دون علاج. فجمع بصعوبة زوج من القفازات المُطهرة ومبضع. ثم قام باستئصال الكيس الدهني مستعملاً حفاضات تستخدم مرة واحدة كضمادة حول نقطة شق الجرح.

قالت سبيرانزا إن الفريق الطبي أعطى المرأة مرآة بعد إجراء العملية فدهشت عندما رأت وجهها بدون الورم الكبير فوق عينها. "كانت شديدة السعادة. هذا الأمر سيترك أثراً دائما في حياة تلك المرأة. لقد بدّل شكلها وصارت تشعر بأن حياتها أصبحت أفضل."

وقالت أن مبادرة الطبيب الجراح تُثبت ان الأمر لا يحتاج إلى غرفة عمليات جراحية مُكلفة لتغيير حياة الناس. وأكدت قائلة، "عندما توجد الإرادة ينفتح السبيل."

مارك اندروز، احد أعضاء فريق مستشفى البحرية كومفورت، يعمل كنظّاراتي في العيادات الأهلية المحلية للباخرة. وهو يروي قصة شاب دخل العيادة وكان مُصاباً بماء زرقاء شديدة في عينيه مما جعله يرى غشاوة ضوء فقط من إحدى عينيه ولا يرى شيئاً في العين الأخرى. وبعد إجراء عملية جراحية للشاب على متن الباخرة، استعاد بصره مما سمح له بالعودة إلى حياته الطبيعية بالكامل.

ومع ان تحول حياة هذا الشاب بالذات كان دراماتيكياً، فإن أندروز يحصل أيضاً على الرضى الذاتي من خلال قدرته على التأثير في حياة غيره من الناس بطرق صغيرة أيضاً. فخلال خمسة أيام من العمل في كولون، زوّد أندروز وفريقه نظارات إلى مئات الأطفال. وقال إنه يشعر بارتياح كبير لمعرفته بأن هذه النظارات سوف تمكن الأطفال من مطالعة كتبهم المدرسية وما سوف يكتب على الألواح السوداء في المدرسة خلال السنوات العشر القادمة.

وأضاف قائلاً أن ابتسامات الأطفال عندما يستطيعون رؤية وجوه أهلهم بوضوح للمرة الأولى منذ سنوات، يجعل عمله يستحق كل ذلك العناء بالكامل.

أردف أندروز يقول، "هذه التعابير هي الجزء الأفضل من عملي. فأكون قد كسبت عشرة أضعاف ما صرفته من جهد في هذا العمل."

بعد مرورها عبر قنال باناما، تتجه الباخرة  كومفورت إلى نيكاراغوا حيث تكرر نفس العمليات. أما اندروز، وسبيرانزا، وبقية العاملين في الفريق الطبي على متن الباخرة، فإنهم يتطلعون قُدماً لمعرفة "كم حياة سوف يستطيعون تحسينها بواسطة عملية جراحية بسيطة أو زوج نظارات بسيط."

____________________________

ديفيد شلبي هو رئيس دائرة الديمقراطية والقضايا العالمية في مكتب برامج الإعلام الخارجي. نشرت هذه المقالة في الأصل على الموقع: usinfo.state.gov. .

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي