السلام والأمن | إقامة عالم أكثر استقراراً

07 أيار/مايو 2008

استهداف تشريعي لأسلحة الدمار الشامل

 

رتشارد ج. لوغار

يقول السناتور الأميركي رتشارد لوغار رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إن العالم مليء بالأسلحة والمواد النووية والكيماوية والبيولوجية. وهو واضع ثلاثة قوانين استهلت ثم وسعت الجهود الأميركية الرامية لمساعدة الاتحاد السوفييتي السابق على "حماية وتفكيك مخزونه الضخم من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، ووسائل إطلاقها والمواد المتصلة بها." إلا أنه يؤكد أنه يتعين القيام بالمزيد "للسيطرة على التهديدات الناجمة عن الأسلحة البيولوجية والكيماوية" حول العالم ولمعالجة العديد من قضايا الانتشار النووي الباقية، وبينها الأسلحة الروسية التكتيكية قصيرة المدى، ومخزون الوقود النووي المستنفد، وعدم وجود اتفاقيات نووية مع الهند وباكستان، وضرورة قيام الشركات الأميركية والأوروبية بتوفير "وظائف دائمة في القطاع الخاص" للعلماء الذين قد "يغريهم العمل في مساعدة آخرين على الحصول على أسلحة خطرة" في حال عدم توفر ذلك.

وقد انتخب السناتور لوغار، الذي ينتمي للحزب الجمهوري، إلى عضوية مجلس الشيوخ الأميركي لأول مرة عن ولاية إنديانا في العام 1976، وهو صاحب أطول فترة خدمة في مجلس الشيوخ الأميركي في تاريخ تلك الولاية.

لقد اتفق الرئيس بوش والرئيس الروسي فلاديمير بوتن في مؤتمر قمتهما الأخير في براتيسلافا على التوصل إلى تعزيزات أمنية تعاونية في مرافق خزن الرؤوس الحربية – والمواد- النووية الروسية في موعد لا يتجاوز العام 2008. وهذا الموعد النهائي الجديد المعجل تطور سار ويؤكد أهمية وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وقد أصبحت أسلحة الدمار الشامل أكبر تحد للأمن القومي يواجه الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. ومن سوء الحظ أن عددا قليلا من الناس يدرك هذه الحقيقة. وكان التهديد النووي الإرهابي يكاد لا يذكر في استطلاعات الرأي العام في عقد التسعينيات من القرن الماضي، ولم تكن لدى أي من مرشحي الحزبين السياسيين الرئيسيين في انتخابات الرئاسة في العام 2000 مواقف واضحة إزاء الإرهاب النووي أو استراتيجيات عدم الانتشار.

وفي وجه هذه اللامبالاة واسعة الانتشار، اقتضى قانون نان – لوغار الذي تبنيته مع السناتور السابق سام نان في العام 1991 وجود يقظة دائمة للحصول على التمويل والدعم لعمل هذا القانون لتأمين المواد النووية التي تعود إلى عهد الاتحاد السوفييتي.

إلا أن هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر وما تم الكشف عنه بعد ذلك حول الإرهاب العالمي غيرت كل ذلك. وألقى الرئيس بوش ومنافسه الرئيسي السناتور جون كيري خلال حملة انتخابات الرئاسة في العام 2004 خطبا رئيسية تتعلق بمكافحة الانتشار. واتفقا خلال مناظراتهما على أن أكبر تهديد لأمننا القومي هو وقوع أسلحة الدمار الشامل في أيدي إرهابيين. وأشار تقرير لجنة 11 أيلول/ سبتمبر، وهي لجنة مستقلة حققت في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر إلى أن "منع انتشار (أسلحة الدمار الشامل) يبرر بذل أقصى الجهود" وإلى أن "قانون نان – لوغار يحتاج الآن إلى توسيع وتحسين وموارد".

الحلقة الرابعة

وللقيام بذلك بالذات قدّمت في وقت سابق من هذا العام الحلقة الرابعة من تشريع نان – لوغار في الكونغرس. وقد سرى مفعول المبادرة الأصلية، التي سميت رسميا البرنامج التعاوني لتقليص التهديد، في العام 1993 ووفرت تمويلا وخبرة أميركيين لمساعدة الاتحاد السوفييتي السابق على حماية وتفكيك مخزونه الهائل من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، ووسائل إطلاقها والمواد ذات الصلة بها. وفي العام 1997 قدمت بالاشتراك مع السناتور نان والسناتور بيت دومينيتشي، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيو مكسيكو، قانون الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل، الذي وسع نطاق قانون نان – لوغار في الاتحاد السوفييتي ووفر خبرة تتعلق بأسلحة الدمار الشامل للمستجيبين الأوائل في المدن الأميركية.

ووقّع الرئيس بوش في العام 2003 قانون توسيع نان – لوغار الذي أجاز تطبيق قانون نان – لوغار خارج الاتحاد السوفييتي السابق. وسيوفر مشروع قانوني الجديد المزيد من المرونة في مواصلة مشروعات نان – لوغار خارج الاتحاد السوفييتي السابق، وسيتخلص من الشروط التي فرضها الكونغرس على التشريعات والتي عرقلت المشروعات الحساسة زمنيا. ويتعين علينا أن نحدّ من الروتين والخلافات داخل الحكومة الأميركية التي تعرقل الاستجابات السريعة لفرص تحقيق عدم الانتشار.

ولكن ما زال هناك الكثير مما ينبغي القيام به رغم هذه الإنجازات ورغم النجاح الذي تحقق في براتيسلافا. فالعالم مليء بالأسلحة والمواد النووية والكيماوية والبيولوجية. ومن حسن الحظ أن حكومة الرئيس بوش تتحرك على عدة جبهات. ففي مجال تقليص التهديد التعاوني، تسعى الميزانية المقترحة للسنة المالية 2006 لتخصيص 415،5 مليون دولار لقانون نان – لوغار، أي بزيادة على السنة المالية 2005 وبما يكفي لتنفيذ جميع النشاطات المقررة.

وبعد إصدار طلب الميزانية في شهر شباط/فبراير 2005 بقليل أعلن الرئيسان بوش وبوتن عن خطوات هامة لزيادة الجهود التعاونية لتعزيز أمن المخزون النووي الروسي ضد الإرهابيين. ويؤكد هذا التقدم مجددا الحاجة إلى توسيع برنامج نان – لوغار والتخلص من الشروط التي فرضها الكونغرس وعمليات التوثيق التي دأبت على إبطاء تنفيذ هذه الجهود.

اغتنموا الفرصة

من الضروري، حتى في الوقت الذي تركز فيه الاهتمام الدولي أخيراًعلى البرامج النووية في كوريا الشمالية وإيران، اغتنام هذه الفرصة للسيطرة على تهديدات الأسلحة البيولوجية والكيماوية وتحقيق إنجازات كبيرة في مجالات الانتشار النووي التالية:

* إدخال الأسلحة النووية التكتيكية قصيرة المدى الروسية في برنامج نان – لوغار. فرغم كل النجاح الذي حققناه في إبطال مفعول الصواريخ العابرة للقارات والرؤوس الحربية الاستراتيجية الروسية، رفضت موسكو حتى الآن بحث الأسلحة التكتيكية التي قد تكون أكثر خطورة.

* السيطرة على المواد النووية في جميع أنحاء العالم. وتشكل الكميات الضخمة من المواد التي تصلح لصنع الأسلحة والموجودة خارج الاتحاد السوفييتي السابق تهديدا للأمن العالمي. وعلينا أن نسارع في البرامج الدولية الحالية للتخلص من مخزون وقود المفاعلات المستنفد وتحويل مفاعلات الأبحاث إلى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب.

* التوصل إلى اتفاقيات نووية مع الهند وباكستان. يتعين على الولايات المتحدة أن تكرس جهودا مستمرة لتشجيع إجراءات بناء الثقة ودعم الخطوات المشجعة التي اتخذها هذان الخصمان المسلحان بالأسلحة النووية، والاهتمام في نفس الوقت بالتقيد بالتزامات معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. 

* التخلص من العقبات البيروقراطية الأميركية والروسية للتعاون لتأمين مواقع مواد الانشطار النووي والرؤوس النووية المعرضة للخطر. وإذا كان للجانبين أن يحققا التزاماتهما في براتيسلافا، سيتعين على روسيا أن تتوقف عن منع الوصول إلى المواقع ورفض توفير أوضاع الإعفاء من الضرائب للتبرعات من الدول المشاركة في الجهد، وسيتعين عليها توفير الحماية من المسؤولية القانونية للشركاء في مجموعة الثماني.

* إقناع المزيد من الشركات الأميركية والأوروبية بتوظيف علماء الأسلحة. ويعمل معظم عشرات الآلاف من العلماء الذين قمنا بتوظيفهم في وظائف ترعاها الحكومات أو تحصل على إعانات من الحكومات. ويتعين علينا نقل عدد أكبر بكثير من هؤلاء الرجال والنساء إلى وظائف دائمة في القطاع الخاص لكي لا يغريهم العمل في وظائف تساعد آخرين على الحصول على أسلحة خطرة.

* تحقيق إبرام روسيا لاتفاقية نان – لوغار الشاملة. وهذه الاتفاقية، التي تقوم على أساسها جميع أعمال تقليص التهديد الأميركية في الاتحاد السوفييتي السابق، بحاجة إلى تمديدها رسميا، إلا أن الرئيس بوتن رفض حتى الآن رفعها إلى الدوما للتصويت عليها. ذلك أنه بدون الضمانات التي تشتمل عليها الاتفاقية، والتي تمنع فرض ضرائب من قبل السلطات الروسية على التبرعات لتطهير الأسلحة وتحمي المقاولين الأميركيين من المسؤولية القانونية أثناء قيامهم بهذا المجهود المحفوف بالمخاطر، قد يتوقف العمل في هذا المجال.

* استكمال اتفاقية تنظيم البلوتونيوم. ففي قمة براتيسلافا، استمرت قضايا المسؤولية القانونية إحباط الجهود الرامية إلى تدمير 34 طنا متريا من البلوتونيوم الروسي، وذلك رغم تجديد الضغط الأميركي لحل هذه المسألة.

* زيادة سرعة النشاطات بموجب شراكة مجموعة الثماني العالمية لمكافحة أسلحة ومواد الدمار الشامل، وهي الشراكة التي أسست في العام 2002. وتفي الولايات المتحدة باتفاقها الخاص بتوفير 10 آلاف مليون دولار على مدى 10 سنوات للتخلص من الأسلحة، ولكن شركاءنا في مجتمع الديمقراطيات الصناعية الرئيسية ما زالوا يعملون على الإيفاء بتعهداتهم المماثلة. والأهم من ذلك هو أننا نحتاج إلى التركيز على تحويل التعهدات إلى مشاريع.

إن الفرصة المؤاتية لمعالجة هذه التهديدات لن تظل متاحة إلى أجل غير مسمى. ويتعين على قيادتنا السياسية وخبراء الحد من الانتشار أن يتصرفوا الآن لمتابعة ما تم التوصل إليه في القمة الأخيرة وللعمل مع السلطات الروسية لفتح الأبواب الأخيرة أمام تفكيك برنامج أسلحتها النووية. وأرجو أن يقوم الكونغرس بدوره من خلال إقرار مشروع قانون نان – لوغار للتخلص من العقبات المحتملة في طريق الجداول الزمنية لاتفاقية براتيسلافا. كما يتعين علينا أن نطوف العالم لاكتشاف وخلق الفرص لتفكيك البرامج الخطرة خارج الاتحاد السوفييتي السابق. فنحن لن نتمكن من الوفاء بالتزاماتنا لحماية الشعب الأميركي، بل وشعوب جميع الدول، إلا بالعمل ليل نهار للعثور على أسلحة الدمار الشامل والتخلص منها.   

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي