السلام والأمن | إقامة عالم أكثر استقراراً

07 أيار/مايو 2008

السيطرة على أكثر أسلحة العالم خطورة

 

ستيفين ج. ريدميكر

يقول ستيفين ج. ريدميكر، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون ضبط الأسلحة ومساعد وزيرة الخارجية بالوكالة للحد من انتشار الأسلحة النووية، في هذا المقال الاستهلالي إنه لا يمكن للدول الأعضاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية "أن تقف مكتوفة الأيدي وتسمح لكوريا الشمالية وإيران بتسليح نفسيهما بأسلحة نووية. ويؤكد ريدميكر أنه يتعين على الدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أن تصر على قيام هذين النظامين "بالتخلي عن طموحاتهما المتعلقة بالأسلحة النووية والعودة إلى التقيد بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية". وقد شغل ريدميكر قبل الانضمام إلى وزارة الخارجية منصب المستشار الخاص للجنة الأمن الوطني في مجلس النواب الأميركي.

لقد ظهر عالم جديد في 11 أيلول/سبتمبر 2001، عالم أكثر غموضاً وخطورة من العالم الذي كنا نعرفه قبل ذلك. وأصبح الأبرياء في مختلف دول العالم أهدافا لنوع جديد من الحرب. ويحاول الإرهابيون، بما في ذلك القاعدة، الحصول على أسلحة الدمار الشامل. وكان الإرهابيون قد أثبتوا استعدادهم لاستخدام هذه الأسلحة الفتاكة حتى قبل 11 أيلول/سبتمبر باستخدام الغاز السام في مترو الأنفاق بطوكيو. وأصبحت هذه الأسلحة أسلحة الإرهابيين المفضلة لأنهم  يريدون على وجه التحديد تدمير حياة الأبرياء على نطاق شامل وكيفما اتفق. وأعظم خطر يهدد العالم اليوم هو الرابطة بين الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

كما تسعى الدول المارقة التي تربطها روابط وثيقة بالمنظمات الإرهابية هي أيضاً إلى الحصول على هذه الأسلحة الفتاكة. وقد تحدّت كوريا الشمالية العالم وطردت المفتشين الدوليين وأعلنت انسحابها من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وادعت أخيراً أنها تملك أسلحة نووية. وأخفت إيران انتهاكاتها لتلك المعاهدة عن العالم طوال عقدين من الزمن تقريبا في محاولة لاكتساب المهارة للتكنولوجية الضرورية لصنع أسلحة نووية. وترفض إيران التخلي عن محاولتها رغم التأنيب الدولي الشديد الذي تواجهه.

وليس بوسعنا أن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لكوريا الشمالية وإيران بعصيان التزاماتهما، وبتسليح نفسيهما بالأسلحة النووية، وبتهديد السلام والاستقرار في منطقتيهما. ولا يقل عن ذلك كمبعث للقلق احتمال قيامهما بنقل التكنولوجيا أو الأسلحة النووية الحساسة إلى دول مارقة أخرى أو إلى منظمات إرهابية.

ونحن ندرك أن تجار السوق السوداء المجردين من أي وازع ضميري يسعون لتلبية الطلب المربح على أسلحة الدمار الشامل. وهم ينشطون في دول أكثر مما كنا نظن في السابق. وقد أصبح من المعروف الآن أن شبكة إمدادات عبد القدير خان قامت بصنع ونقل مواد خطرة عبر دول لم يداخلها الشك في ذلك ولم تكن لتسمح بذلك إطلاقاً لو أنها عرفت الحقيقة. وتزيد عملية سرية متطورة كهذه من احتمال حصول الإرهابيين على الأسلحة التي يرغبون فيها أكثر من غيرها. وفي حين أننا نعرف المزيد في كل يوم عن شبكة خان فإن هناك المزيد مما يجب عمله للكشف عن خفايا هذه الشبكة والحيلولة دون تكوّن شبكات سرية أخرى أو مواصلتها نشاطها في نشر الأسلحة النووية.

إن الأخطار ذات الأبعاد العالمية تتطلب رداً عالمية. وقد أوضح الرئيس بوش هذا المبدأ الأساسي في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، مشيرا إلى أننا "نسترشد بالإيمان بأنه ليس بوسع أي دولة أن تشيد عالما أفضل وأكثر أمنا بمفردها. وبإمكان التحالفات والمؤسسات المتعددة الأطراف أن تضاعف قوة الدول المحبة للحرية".

وتستدعي هذه التحديات اهتمامنا الكامل وتحركنا الآن. يتعين علينا أن ندعم ونؤيد نظام القواعد والمعاهدات الدولية الذي يحافظ على سلامتنا وأمننا. وهذا يتطلب التزاما بفرض تطبيق هذه القواعد، بإظهار أن هناك عواقب وخيمة للمخالفات. كما يتطلب من جميع الدول المسؤولة أن تعزز قوانينها وضوابطها لمنع الانتشار النووي، بما في ذلك تأمين موانئها وحدودها والسيطرة عليها. هذه هي مسؤوليتنا المشتركة، ذلك أنه ليس بيننا من يريد أن يساعد الإرهابيين عن غير قصد في الحصول على الأسلحة المريعة التي يسعون للحصول عليها.

ويجب علينا أن نظل متّحدين في إصرارنا على تخلي إيران وكوريا الشمالية عن طموحاتهما الخاصة بالأسلحة النووية والعودة إلى الإذعان لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وقد قدّمت ليبيا نموذجا إيجابيا. ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر 2003 اعترفت ليبيا بأنها سعت للحصول على أسلحة نووية وبأنها انتهكت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولكنها اتخذت خيارا استراتيجيا بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل. ويظهر ذلك أن من الممكن للدول أن تتخلى عن السعي للحصول على أسلحة غير مشروعة وأن تعزز أمنها القومي وتعود إلى حظيرة المجتمع الدولي.

وتتطلب التهديدات الجديدة والخطرة لانتشار الأسلحة النووية أدوات جديدة واستعدادا لتحسين نظام الحد من انتشار الأسلحة النووية وتكييفه بصورة خلاقة للمساعدة على حمايتنا جميعا. والمبادرة الأمنية الخاصة بالانتشار النووي واحدة من هذه الترتيبات الجديدة. وهي تشجع التعاون بين الدول لاعتراض الأسلحة  والمواد المحظورة قبل أن تصل إلى أهدافها المقصودة. ويعد ذلك من النجاحات الرئيسية في الجهود العالمية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وأمام أعضاء معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية فرصة مهمة لتعزيز المعاهدة في  مؤتمر المراجعة الذي يعقد على مدى شهر في أيار/مايو 2005. وهذا هو مؤتمر المراجعة السابع منذ أن وضعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية موضع التنفيذ في العام 1970. ولم يسبق مطلقاً لأعضاء المعاهدة أن واجهوا مثل هذا العدد من المخالفات التي وقعت خلال السنوات الأخيرة. وسوف  تبرز السفيرة جاكي ساندرز، الممثلة الخاصة للرئيس لشؤون الحد من  انتشار الأسلحة النووية في مقال منفصل، الأهداف الأميركية في مؤتمر المراجعة. ويتم حالياً إنجاز قدر كبير من العمل في منتديات عديدة لبحث التهديدات الجديدة للحد من الانتشار النووي، ويمكن لمؤتمر المراجعة أن يوفر تأكيدا سياسيا وزخما لهذا العمل. ويتعين علينا أن نتعاون عن كثب للحفاظ على دور معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في تشجيع السلام والأمن العالميين خلال العقود المقبلة.

لقد دعي المجتمع الدولي مرارا طوال القرن العشرين لمواجهة التهديدات الرئيسية للسلام والأمن والتغلب عليها. وقد انتصرنا. فلنرتق في هذا القرن الجديد إلى مستوى التحدي الذي يواجه عصرنا: الحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل وإحباط أهداف الإرهابيين الفتاكة. وليس لدي أدنى شك في أننا، إن عملنا معا، فإننا سننتصر في عصرنا. إننا نستطيع، عن طريق التعاون البنّاء والتصميم، المحافظة على سلامة مواطنينا وبناء مستقبل أكثر أمنا لأطفالنا.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي