مواطنون لهم حرية التعبير | الديمقراطية في العالم

14 أيار/مايو 2008

التحوّل نحو المحلي، المحلي فعلاً

 

تسمح تكنولوجيا وسائل الإعلام الجديدة للناس العاديين، القاطنين في الأحياء والقرى الصغيرة، خلق معلومات على الإنترنت لا يكتشفها رادار وسائل الإعلام التقليدية كالصحف ومحطات التلفزيون والإذاعة. وتمكن هذه المُقاربة التي تهتم بما يحدث على أضيق نطاق محلي المواطنين أيضاً من توحيد صفوفهم وتنظيم جهودهم بشأن القضايا المحلية. وبهذا، تنشأ الأسس الشعبية اللازمة للمشاركة السياسية.

قال الرئيس الراحل لمجلس النواب الأميركي، تيب أونيل، "كل السياسة محلية". وفي الولايات المتحدة اليوم تتفتح براعم السياسيين، من كافة الاتجاهات، على مواقع تُسمى مواقع وسائل إعلام المواطن، والمواقع المحلية بامتياز (Hyperlocal sites)، ومدونات المكان (Placeblogs)، وهي نقاط على الإنترنت يقوم فيها أفراد من مجتمعات محلية صغيرة بالكتابة والتقاط الصور لأنفسهم وإنتاج شرائط الفيديو عن أنفسهم وعن القضايا التي تهمهم.

أطلقت دراسة مسحية أجرت في العام 2007 لمواقع وسائل إعلام المواطنين على تلك المواقع اسم المواقع "المحلية جدا" التي توفر أنواع الأخبار ووجهات النظر الخاصة بالأهالي المحليين في البلدة والحي السكني، والتي لا تعتبرها منافذ الصحف الكبرى "أخباراً"، أو لا تتوفر لديها الموارد اللازمة من الموظفين لتغطيتها. ويحث مؤسسو هذه المواقع جيرانهم وأصدقاءهم وأهاليهم ومعارفهم على تقديم  محتوى قد يشبه الأخبار، مثل المعلومات حول أحداث أو قضايا محلية، أو محتوى قد يكون شخصياً تماماً، مثل التأملات حول الواقع المحلي أو استعراض الخدمات أو شركات الأعمال المحلية أو تقديم المشورة حول الحِرف أو التقنيات المحلية للعناية بالحدائق.

وجاء في الدراسة المسحية التي أجراها معهد الصحافة التفاعلية (J-Lab) في جامعة مريلاند، أن مواقع وسائل إعلام المواطن "تعتمد لحيويتها على مواطنين يتشاطرون أفكارهم وملاحظاتهم وتجاربهم". وأن "النظرة الذاتية تسود فيها."

أمّا الموضوعية، أي عدم السماح للرأي الشخصي بأن يؤثر في الريبورتاجات الإخبارية، فقد ظلت مبدأً أخلاقياً أساسياً اتّبعه الصحافيون الأميركيون طوال عقود. لكن مواقع إعلام المواطن تُدين بوجودها إلى الناس الذين يهتمون بمجتمعاتهم المحلية ويرغبون في جعلها أفضل. ولا يوجد في الكثير من الأحيان أي اهتمام لدى المساهمين في هذه الوسائل في حجب عواطفهم الشخصية خلف معيار الموضوعية.

وتختلف هذه المواقع باختلاف البلدات والأحياء التي تبرز فيها. فقد تقفز المناقشات الجارية على خط الإنترنت من إعلان حول لقاء لخريجي مدرسة محلية، إلى الخلافات المحلية، إلى نصائح حول التخطيط للعطلة، وحتى إلى سياسة الانتخابات الرئاسية.

وقالت الدراسة التي تحمل عنوان، "وسائل إعلام المواطن: هل هي موضة أو مستقبل الأخبار"، والتي أجرتها المؤسسة التي تُعرف أيضاً باسم جاي-لاب (J-Lab)، أن هذه المواقع المحلية جداً بدأت تنتشر على شبكة الإنترنت بأعداد كبيرة جداً في العام 2005. لكن الكثير من هذه المواقع يمرّ في فترة إنشاء طويلة وبطيئة بعد ظهوره قبل أن ينضم إليه أبناء المجتمع المحلي فعلاً ويبدأوا المساهمة بدفق ثابت من المحتوى الإخباري.

ففي العام 2003، أسس اثنان من مصممي مواقع الإنترنت من سكان مدينة برتلبورو، في ولاية فرمنت، الموقع ibrattelboro.com. ويقول أحد مؤسسي الموقع، كريستوفر غروتكه، إنه وشريكه واظبا على إنتاج معظم المحتوى بنفسيهما في الأشهر الستة الأولى، ثم اكتسب الموقع أتباعاً له من المساهمين النشطين في المجتمع الأهلي. وأضاف، "والمواطنون هم الذين يكتبون ويقومون بالعمل "الصحفي" في الموقع منذ سنوات."

كما وجدت دراسة معهد جاي-لاب، أن لدى هذه المواقع، على وجه العموم، قرّاء مخلصين، ولكن كثيراً ما تكون أعدادهم صغيرة، وأن مستقبلها قد لا يدوم إلى أبعد من طاقات مجموعة أساسية من المؤسسين والمتطوعين.

وتختلف الطرق التي تؤمّن هذه المواقع استدامتها من خلالها بنفس قدر اختلاف محتواها. فمعهد جاي-لاب نفسه قدم بعض المِنَح الصغيرة لإطلاق بعض هذه المواقع، وذلك انسجاماً مع ما يرمي إليه من مساعدة منظمات الأخبار والمواطنين في استعمال التكنولوجيا الخلاقة لتشجيع مناقشة قضايا السياسة العامة. وهناك مواقع أخرى من إعلام أو صحافة المواطن، يمولها  مؤسسوها بشكل تام، بينما تتمكن مواقع أخرى من تحصيل بعض الإيرادات من خلال الإعلانات المحلية.

قال بول باس، مؤسس موقع NewHavenIndependent.org في سياق إجابته على أسئلة الدراسة التي أجراها معهد جاي-لاب، "أعتقد بأننا سنرى خلال بضع سنوات بروز أربعة أو خمسة مواقع إنترنت (محلية جداً) لكل مدينة، ولن يكون أي موقع منها دائماً." وأضاف يقول، "لن يُشكِّل أي من هذه المواقع مطلقاً عملية كبيرة. لكنني أعتقد أن ما سوف يبقى على المدى الطويل هو "ظاهرة "صحافة المواطن.

شارلين بورتر

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهات نظر أو سياسات الحكومة الأميركية.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي