الحكومة الأميركية | توازن ثابت بين المؤسسات

01 ايلول/سبتمبر 2008

المؤتمر الدستوري لسنة 1787

 

بداية النص

في الخامس عشر من أيار/مايو، 1776، أعطى المؤتمر المنعقد في وليمسبرغ، بولاية بفرجينيا، والعامل بصفة هيئة الحكم الفعلية لتلك الولاية، تعليماته إلى مندوبي تلك المستعمرة في المؤتمر القاري في فيلادلفيا ليتقدّم بقرار يعلن فيه "المستعمرات المتحدة ولايات حرة ومستقلة".

إعلان الاستقلال هذا عن بريطانيا العظمى الذي تبناه المؤتمر القاري في 4 تموز/يوليو وضع المستعمرات السابقة في مسار لا عودة عنه أنشأ الولايات المتحدة الأميركية. لكن إنشاء الولايات المتحدة الأميركية لم يحصل كله مرة واحدة. فبعد إحدى عشرة سنة، سافرت مجموعة أخرى من المندوبين إلى فيلادلفيا لصياغة دستور للدولة الجديدة، دستور لا يزال حتى اليوم يُحدد قانونها وصفتها.

كانت الطريق من الاستقلال إلى الحكومة الدستورية إحدى أعظم الرحلات في تاريخ الحكم الديمقراطي، طريق تميزت بالتجارب والأخطاء، وأنتجت في نهاية المطاف بالتأكيد أكثر الدساتير القومية المكتوبة تأثيراً على الإطلاق. وحتى قبل الانفصال عن بريطانيا، كانت المستعمرات الأميركية تعمل على تنشئة ثقافتها الدستورية المستقبلية.

كانت المجالس الدنيا للجمعيات الدستورية أكثر الهيئات ديمقراطية في العالم الناطق بالإنكليزية، كما أن الحوار مع البلد الأم كان يشحذ شعور الأميركيين بأهمية القضايا الدستورية. وطيلة عقد من الزمن قبل اندلاع الثورة، قادت الخلافات حول الضرائب والمحاكمات دون مُحلفّين وغيرها من المسائل إلى دفق من الكراريس والمناشير والقرارات، فشكّلت جميعها بالأساس قضية قانونية دستورية ضد السياسة البريطانية.

إعلان الاستقلال، كما فهمه مؤسسو الديمقراطية الأميركية، استلزم إرساء الأسس الفكرية للحكم الذاتي. ففي نفس اليوم الذي تحدث فيه مؤتمر وليمسبرغ عن الاستقلال، بدأ المندوبون العمل على إعلان للحقوق وعلى دستور لفرجينيا. وسرعان ما لحقت بإعلان الحقوق في فرجينيا إعلانات مماثلة في ولايات أخرى، حتى أنها أثرّت على الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن (1789).

الدساتير المبكرة للولايات المتحدة الأميركية – كل ولاية تبنت دستوراً - تنوعت بالنسبة لتفاصيلها (على سبيل المثال، أنشأت بعض الولايات مجلساً تشريعياً واحداً، بينما اختارت ولايات أخرى مجالس تشريعية ثنائية. لكنها تشاطرت الالتزام الأساسي مبادئ الجمهورية، تلك المبادئ التي كانت تبدو آنذاك ثورية في معظم أنحاء العالم، أي موافقة المحكومين، الحكومة المحدودة، الحقوق الأساسية، والسيطرة الشعبية على الحكومة.

حملت التجارب المبكرة هذه في الحكم الجمهوري عيوباً ذات شأن. فواضعو دساتير الولايات الأولية، الذين كانوا يتذكرون تجاربهم كمستعمرين أميركيين شماليين مع السلطات الملكية البريطانية (بمن فيهم حكام ومحاكم المستعمرات) منحوا ثقة مبالغ فيها للمجالس التشريعية. كان مبدأ المراجعة والتوازن بين مختلف فروع الحكومة مسألة نظرية أكثر منها واقعية. كان انتخاب الحكام يجري على يد الهيئات التشريعية (وهكذا يعتمد عليها) كما أن السلطة القضائية كانت إلى حد كبير في مرحلة تكوينها. كان العيب الآخر في تصاميمها الأصلية في أن صياغة الدساتير كانت تتم على أيدي كيانات خدمت أيضاً كهيئات تشريعية مما جعل الخطوط الفاصلة غير واضحة بين القانون الأساسي والقانون العادي.

ولكن، في العام 1780، خطت ولاية مساتشوستس خطوة هامة إلى الأمام في تصميم الدساتير عندما انتخب الأهالي مؤتمراً لكتابة دستور. وقد تم التصويت على هذا الدستور عن طريق استفتاء عام.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي