02 حزيران/يونيو 2005

أميركيون عرب يروون تجارب نشأتهم وترعرعهم في الولايات المتحدة

ويقولون إنه يتعين معالجة أمر الصور النمطية السلبية والمفاهيم الخاطئة عن العرب

 

من نينو قادر، مراسل نشرة واشنطن

بداية النص

واشنطن، 2 حزيران/يونيو، 2005- تحدث عدد من الشبان الأميركيين العرب عن التجارب التي مروا بها أثناء ترعرعهم في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة، وذلك في مؤتمر اللجنة الأميركية-العربية لمكافحة التمييز الذي عقد من 27 إلى 29 أيار/مايو المنصرم.

وكانت نور نجيب، التي ترعرعت في ولاية وسكونسن أول المتحدثين، مستعرضة التجارب التي مرت بها كتلميذة في المرحلة الثانوية بعد الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر. وقالت نور إن صفتي "عربي" و"مسلم" حُمّلتا مضموناً سلبياًً وأنه أصبح من المهم الآن أن يبذل كل جهد ممكن بطريقة فاعلة سباقة لتثقيف زملائها حول الموضوع كي تمحو الصور النمطية من أفكارهم.

وأضافت أنه "لا يوجد أي عذر يبرر عدم التعاطي مع الموضوع بنشاط."

وقد نظمت نور حواراً بين الأديان للشباب في وسكونسن، وأطلقت مبادرة في مدرستها حيث "قام الطلبة بأدوار أميركيين-عرب يواجهون ظروفاً مختلفة." كما انتقدت نور الكثير من مواد قانون "الوطنية" الذي تم تبنيه في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر. وقد منحت رابطة الحريات المدنية الأميركية نور لقب "شخصية العام 2005 بين الشباب في مجال تأييد الحريات المدنية" تقديراً لجهودها الكثيرة. وأشارت نور إلى أن "كل مجموعة من الأقليات في أميركا واجهت تمييزاً عنصرياً،" وأعربت عن اعتقادها بأن الانخراط النشط في المجتمع سيؤدي في نهاية المطاف إلى العدالة الاجتماعية.

وكانت ربيكا أبو شديد، وهي من كليفلاند بولاية أوهايو، وإن كانت جذور عائلتها تعود إلى لبنان، المتحدثة الثانية في الندوة. وقد روت ربيكا كيفية احتفال عائلتها بعيد الشكر. وقالت إن الأميركيين يحتفلون تقليدياً بعيد الشكر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام بتناول وجبة تشتمل على الديك الرومي وصلصة مرق اللحم والبطاطا المهروسة وصلصة التوت البري (الكرانبري). وأشارت إلى أن الوجبة التي تتناولها عائلتها بمناسبة عيد الشكر لا تختلف عن ذلك إلا في أنها تشتمل أيضاً على الحمص والتبولة والخبز العربي.

واعتبرت ربيكا نفسها محظوظة لأنها لم تواجه أي تمييز أو تعصب ضدها أثناء نشأتها في كليفلاند. وقالت إن أول مرة واجهت فيها نوعاً من التمييز العرقي كانت عندما التحقت بجامعة كورنيل في ولاية نيويورك. وقد روت تجربتها في قاعة الطعام حيث يجلس الطلبة في مجموعات كل حسب المجموعة التي ينتمي إليها: البيض، والسود والآسيويون، والمتحدرون من أميركا اللاتينية، والآخرون، مضيفة أنه "هكذا أصبحتُ عربية" في تلك اللحظة. فقد قررت أن تنضم إلى مائدة صديقتها المتحدرة من أميركا اللاتينية، وما أن جلست في مكانها حتى سأل أحدهم زميلتها عن سبب دعوتها فتاة بيضاء إلى الانضمام إلى المائدة. وما كان من صديقتها إلا أن أجابت أن ربيكا "عربية"، فتقبل الجميع الأمر لأنهم لم يعودوا يعتبرونها بيضاء.

ولكن ربيكا أضافت أن "الأمور كانت على ما يرام عندما ذهبت بعد ذلك لقضاء إجازتي في منزلنا في كليفلاند." أما عندما عادت إلى منزل العائلة بعد 11 أيلول/سبتمبر فكانت "العربية التي يعرفها الجميع." وهكذا أصبحت لدى تواجدها في المنزل "سفيرة تمثل العالم العربي" في مجتمعها المحلي في كليفلاند. وأوصت ربيكا الأميركيين العرب بـ"الانخراط" في مجتمعاتهم وقالت إنه ينبغي عليهم "التواصل مع الآخرين وإتاحة المجال لهم لمعرفتكم." وأضافت أنه من المهم أن "ينخرط (الأميركيون العرب) في محاورة وتثقيف" الأميركيين الآخرين. وقد قررت، لدى تخرجها في كورنيل، الانتقال إلى واشنطن والانضمام إلى المعهد الأميركي العربي بوصفها محللة العلاقات والسياسات الحكومية.

وتحدث بعد ذلك الطالب في جامعة فرجينيا، طارق إسماعيل. وروى طارق، الذي وُلد وترعرع في توليدو، بولاية أوهايو، كيف كان نطق الأساتذة لاسمه مصدر مضايقة له دوما. فقد كان الأستاذ أو الأستاذة يواصل نطق أسماء التلاميذ الموجودين على اللائحة دون تردد إلى أن يتوقف لدى رؤيته اسم "طارق إسماعيل." وروى كيف كان زملاؤه ينقذون الأستاذ من الورطة فيصيحون "تا ريك" قبل أن يخطئ الأستاذ في لفظ الاسم. وقال: "إن اسمي في الواقع هبة لي، (لأن) الناس يسألونك على الفور من أين أنت،" مما يتيح لي لعب دور سفير نوايا حسنة لتراثي.

وأوضح طارق ما يمر به المرء كعربي أميركي وكأميركي عربي. فقد روى، كعربي أميركي، تجربة أثناء مشاركته في مباراة للبيسبول لفئة الصغار في ولاية أوهايو. ووصف أول مرة كان عليه فيها ضرب الكرة. فأثناء استعداده لضرب أول كرة يرميها قاذف الكرة، صاح والده من مكانه بين الجمهور بلكنة عربية واضحة جدا، "إضربها يا ولد، علمهم كيف يكون ضربها‍‍." كما استعاد ذكريات إخراجه وجبة الغداء التي يحملها الطلبة إلى المدرسة ليظهر للجميع أنها ساندويتش كفتة في حين يحمل كل الطلبة ساوندويتشات أميركية مثل ساندويتش زبدة فستق العبيد والمربّى.

وروى طارق بعد ذلك حادثة وقعت له عندما ذهب إلى الشرق الأوسط، ليشرح تجربة حدثت له كأميركي عربي. فقال إنه أثناء وجوده هناك ذهب إلى ملعب كرة القدم وانضم إلى اللاعبين، فبدأ الأطفال يهتفون معاً "أمريكي، أمريكي."

وقال طارق الذي يشعر وكأنه يعيش في عالمين "أحمل اسماً غريباً ولدي جدان غريبان، فأنا عربي وأميركي،" وهو يشعر بالتالي أنه يمكنه أن يكون ممثلاً جيداً للطرفين.

أما المتحدث الرابع والأخير، فكان روبرت العنا، وهو أميركي لبناني من ولاية أوهايو. وينتمي روبرت إلى عائلة كبيرة "تجمعها علاقات حميمة" قال إنها تذكره بفيلم "عرسي اليوناني الكبير." وقد درس في مدرسة كاثوليكية وتخرج أخيراً من الجامعة. وقال إن أكثرية السكان في بلدته لندهيرست من الأميركيين الإيطاليين، وأنه كثيراً ما يعتقد الناس خطأ أنه إيطالي، رغم أنه يضع حول عنقه قلادة فيها شجرة أرز كبيرة. وأضاف أن معرفته باللغة العربية محدودة جداً مثل الكثير من الأميركيين العرب الآخرين.

وقد بدأ اهتمام روبرت بالسياسة عندما كان شاباً يافعاً فرشح نفسه لمجلس المدينة وهو في العشرين من العمر. وعندما حان يوم الانتخابات، 2 تشرين الثاني/نوفمبر، 2004، كان "يوماً رائعاً خلت سماؤه من أي سُحب"، ولكن روبرت شعر أنه "مريض وحنجرته ملتهبة". ورغم ذلك كان متفائلاً بفرص نجاحه في الانتخابات، ولكنه خسر التفوق الذي كان قد حققه في البداية وما لبث خصمه الذي كان يشغل المنصب أن فاز عليه بفارق 40 صوتا. وكان روبرت قد واجه قبل ذلك ببضع سنوات، في أعقاب 11 أيلول/سبتمبر تماما، تحديات تختلف عن ذلك. ذلك أن عائلته تملك عدداً من محطات البنزين والمطاعم التي تبيع السندويتش والوجبات البسيطة، وبدأت تتلقى تهديدات بتفجير قنابل في ممتلكاتها لأنها عائلة عربية. ولكن أصدقاءه الأميركيين كانوا يهبون في كثير من الأحيان إلى الدفاع عنه حتى دون طلبه منهم ذلك. وأكد روبرت للمستمعين على أنه "يجب علينا أن نثقف الناس حول مَن نحن، وأن نقف بقامة منتصبة بدون خوف." وقال إن عامة الشعب "بحاجة لأن تعرف أن 99,999 بالمئة من العرب" ليست لها علاقة بالإرهاب من قريب أو بعيد. وأضاف: "إن عائلاتنا لم تعلمنا أبداً ممارسة العنف."

واختتم روبرت حديثه بعبارة للشاعر الأميركي العربي الشهير جبران خليل جبران مؤداها: "ما أمس إلا ذكرى اليوم، وما غد إلا حلم اليوم."

وقد أشار عدد من المتناقشين في الندوة إلى أن المهاجرين المنتمين إلى المجموعات الإثنية المختلفة يواجهون فترات اندماج صعبة في الولايات المتحدة قبل أن يتم تقبلهم تماماً. إلا أنه كانت هناك فكرة رئيسية ترددت في جميع التجارب التي رواها كل من المشتركين في الندوة وهي أنهم يشعرون جميعاً الآن بضرورة معالجة أمر الصور النمطية والانطباعات الخاطئة الموجودة عن العرب في الولايات المتحدة. ويبدو أن الأميركيين العرب يقومون بدور سفراء غير مباشرين بالنسبة للمواطنين الأميركيين الآخرين الراغبين في معرفة المزيد عن العالم العربي. وتجدر الإشارة إلى أن مركز المعلومات الإحصائية في المعهد الأميركي العربي يقدر عدد الأميركيين العرب حالياً بـ 3,5 مليون نسمة. وتلقى أصوات أشخاص أمثال ربيكا ونور وطارق وروبرت صدى في نفوس الأميركيين الآخرين لأنهم هم أيضاً أميركيون.

وقالت منسقة شؤون الاتصالات في اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز، سوار بندر، إن ندوة "النشوء كأميركيين" عادة "من أكثر النشاطات شعبية" في مؤتمرات اللجنة السنوية. هذا وقد وفد إلى العاصمة الأميركية حوالى ألفي أميركي عربي للاحتفال بذكرى مرور 25 سنة على تأسيس اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز، وهي أكبر منظمة أميركية-عربية شعبية في الولايات المتحدة. وتلتزم اللجنة "بالدفاع عن حقوق الأشخاص المتحدرين من أصل عربي" و"بتعزيز تراثهم الثقافي الغزير."

نهاية النص

(تصدر نشرة واشنطن عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية، وعنوانه على شبكة الويب: http://usinfo.state.gov) * اشترك بنشرة واشنطن العربية لتصلك يومياً على عنوان بريدك الإلكتروني، عند حوالى الساعة الخامسة بتوقيت غرينيتش. للاشتراك، إضغط على العنوان التالي، http://usinfo.state.gov/arabic واتبع الارشادات.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي