الفنون| إعادة تشكيل الأفكار، التعبير عن الهوية

31 تموز/يوليو 2008

طوائف الآمش الأميركية تحافظ على تقاليدها العريقة في عالم عصري

لكن استخدام الآمش للتكنولوجيا يتفاوت بين طائفة وأخرى

 
صورة أكبر
في البلدات التي يصعب العثور فيها على أراض زراعية، يفتتح الآمش متاجر صغيرة لبيع اللحف أو قطع الأثاث المصنوعة يدويا
في البلدات التي يصعب العثور فيها على أراض زراعية، يفتتح الآمش متاجر صغيرة لبيع اللحف أو قطع الأثاث المصنوعة يدويا.

من سونيا ويكلي، المحررة في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن، 31 تموز/يوليو، 2008- ربما لاحظ المسافر بالسيارة في مقاطعة لانكستر، بولاية بنسلفانيا، صفاً طويلاً من السيارات التي تتقدم ببطء شديد في تلك المنطقة الريفية. وسيجد على الأرجح أن هناك على رأس صف السيارات عربة تجرها الخيل تقل أبناء الآمش المتمسكين بطريقة حياتهم في هذه المنطقة التي استوطنوها منذ عهد بعيد.

وقد يعتبر الزائر ما يشاهده في لانكستر رمزاً لشعب يعيش بأسلوب الحياة الذي كان سائداً في القرن التاسع عشر، وينأى أبناؤه بأنفسهم عن استعمال التكنولوجيا الحديثة مفضلين أسلوب حياة بدائي بدون تيار كهربائي أو أدوات الصرف الصحي الحديثة. ولكن هذه النظرة الشائعة إلى الحوالى 220 ألفاً من البالغين والأحداث الآمش الذين يعيشون في 27 ولاية أميركية، بالإضافة إلى أونتاريو بكندا، هي نظرة خاطئة إلى حد ما.

وقد درس المؤلف ديفيد ويفر-زيرتشر، مساعد أستاذ تاريخ الأديان في أميركا ورئيس دائرة الدراسات الدينية والتوراتية في كلية مسيا في بنسلفانيا، الأفكار الشائعة عن الآمش وهو يقول إن معظم ما يعتقده الناس عنهم يعود إلى ما تنشره وسائل الإعلام.

والواقع هو أن الآمش، الذين يفرض عليهم تفسيرهم الحرفي للعهدين القديم والجديد في التورات والإنجيل، النأي بأنفسهم عن العالم الكبير، أظهروا مرونة مدهشة في المحافظة على تقاليدهم التي تجل المجموعة والكنيسة والعائلة في نفس الوقت الذي برعوا فيه في تبني ما يختارونه من التكنولوجيا الحديثة. وقال ويفر-زيرتشر إنهم لا يترددون في استخدام التكنولوجيا التي تفيد مجتمعهم ولا تتعارض مع القيم التقليدية.

* وضع حدود التعامل مع العالم الخارجي

ولكن الآمش، نظراً لكونهم يقللون من قيمة الفرد مقارنة بالمجموعة، يميزون في الكثير من الأحيان بين استخدام تكنولوجيا معينة وامتلاكها شخصيا. فعلى سبيل المثال، ليس من النادر أن يشاهد المرء "أكواخ" هاتف صغيرة أمام منازل الآمش في مقاطعة لانكستر حيث يعيش حوالى 20 ألفاً منهم.

وأوضح ويفر-زيرتشر، "أن ملكية الهاتف قد تكون مشتركة بين عدة عائلات، وقد يتضمن آلة تسجيل للرسائل الهاتفية، ولكنه لا يؤثر على النشاطات اليومية. إنه (جهاز) مفيد ولكنهم لا يريدون الإفراط في التعويل عليه."

سيارة وعربة تتقاسمان الطريق في ولاية بنسلفانيا، حيث يتمسك الكثير من الآمش بتقاليدهم في عالم عصري
سيارة وعربة تتقاسمان الطريق في ولاية بنسلفانيا، حيث يتمسك الكثير من الآمش بتقاليدهم في عالم عصري.

وفي بعض الأحيان، تجبر الظروف الاقتصادية الآمش على اتخاذ القرارات المتعلقة بتقبل تكنولوجيا معينة أو إقامة صلات مع أشخاص من غير الآمش. ففي مقاطعة لانكستر، حيث كانت زيادة عدد الآمش أكثر بكثير مما يمكن للأراضي الزراعية استيعابه، قام الكثيرون منهم بافتتاح متاجر صغيرة للبيع بالتجزئة يبيعون فيها اللحف وقطع الأثاث المصنوعة يدويا.

وقال ويفر-زيرتشر إن "التعاطي مع السياح بصورة منتظمة يميل إلى أن يغير طريقة تعامل الآمش هنا مع العالم الخارجي. ففي المعاملات التجارية، يتعين عليهم إقامة علاقة مع الزبون."

* طرق كثيرة للحياة كآمش

تعمل كل دائرة تابعة لكنيسة آمش بشكل مستقل عن الدوائر الأخرى، وهناك أكثر من 1500 دائرة منتشرة بين طوائف الآمش الأربع: البيتشي (Beachy) آمش، والمنونايت (Mennonite) آمش، والنيو أوردر (New Order) آمش والأولد أوردر آمش (Old Order). وفي حين أن المعتقدات الأساسية واحدة بين جميع الطوائف إلا أن استخدام التكنولوجيا والتكيف مع الحياة العصرية الحديثة يختلف باختلاف الطوائف.

ويقول مركز يونغ لدراسات الطوائف القائلة بتجديد العماد والطوائف التَّقويَّة في كلية إليزابث تاون في مقاطعة لانكستر، إن أبناء طائفتي البيتشي والمنونايت يملكون السيارات ويستخدمون التيار الكهربائي العام. أما أبناء طائفتي النيو أوردر والأولد أوردر فيستخدمون العربات التي تجرها الخيل ولا يستعملون التيار الكهربائي العام. وتوجد غرف حمام ومراحيض في بيوت جميع الآمش باستثناء المجموعات الفرعية الأكثر محافظة.

وأوضح ويفر-زيرتشر أن الخلافات التي تنشب حول أي من التكنولوجيات هي التي سيتم استخدامها والكيفية التي سيتم استخدامها بها تؤدي في بعض الأحيان إلى انقسامات وظهور مجموعات جديدة. وأردف: "إن هذا كان بكل تأكيد ما حدث بالنسبة للمعدات الزراعية. فقد اختلفت المجموعات حول ما إذا كان يسمح باستخدام آلات رزم حشيش العلف في الحقول."

ويدور بعض أكثر الخلافات شيوعاً بين طوائف الآمش حول كيفية صنع عربات الخيل وتجهيزها. فعلى سبيل المثال، تفرض شروط السلامة تجهيز العربات إما بمصابيح تعمل على البطارية أو بمواد عاكسة للضوء لاستخدامها ليلا. ولكن، بعض المجموعات الأكثر محافظة تصر على عدم استخدام أي إضاءة.

ويدل لون العربة أحياناً على المجموعة الصغيرة التي ينتمي إليها صاحبها، وتتميز بعض المجموعات الفرعية بلون سقف العربة (أو غطائها). وقال ويفر- زيرتشر إن المرء "يسمع الناس أحياناً يشيرون إلى بعضهم بعضاً على أنهم من ذوي السقف الأبيض أو الأصفر أو الأسود. وقد لا تحصل على جواب منطقي إن أنت سألت أحد الآمش عن ذلك. ففي فترة ما، قرر شخص ما تمييز نفسه عن الآخرين باستخدام ذلك اللون."

وماري لو سودر، كاتبة انتقلت من فيلادلفيا إلى لانكستر قبل حوالى 20 عاما. وقد أثارت فضولها في بداية الأمر هذه المجموعة من الناس التي ترتدي الملابس البسيطة الخالية من أي زخرف والتي لا يقفل أعضاؤها أبواب منازلهم. أما الآن، فقد أصبحت مظاهر حياتهم البسيطة التي تشاهدها في المناسبات التي تذهب فيها إلى المناطق الريفية مألوفة تماماً لديها وكأنها مطعم مكدونالد الذي تمر أمامه بسيارتها في المدينة. وقالت حول ذلك: "الكل يتقبل طريقة حياتهم. إنهم جزء من النسيج الاجتماعي المألوف."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي