الدفاع عن كرامة الانسان | حقوق الانسان

27 تشرين الأول/أكتوبر 2008

نبذة عن حياة شارل حبيب مالك

 

بداية النص

برهن شارل حبيب مالك، العالم اللبناني أستاذ الفلسفة والرياضيات والفيزياء وسكرتير لجنة الأمم المتحدة للحقوق الإنسانية، على أهمية دوره الأساسي في بلورة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وضمان موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة عليه أيضا. وقام بعد ذلك بتمثيل بلاده في الأمم المتحدة ثم احتل مقعدا في مجلس النواب اللبناني واضطلع بمهام منصب وزير خارجية لبنان.

وُلد شارل حبيب مالك في بلدة بطرّام، بمنطقة الكورة في شمال لبنان، في العام 1906. ودرس وتخرّج في الجامعة الأميركية ببيروت في العام 1927 ثم حصل على الدكتوراة من جامعة هارفرد في العام 1937. وبعد أن أمضى ثماني سنوات في جامعته الأم، الجامعة الأميركية في بيروت معلما للرياضيات والفيزياء، بدأ شارل مالك مسيرة حياته الدبلوماسية وزيراً مفوضاً ثم سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة. وبصفته رئيس وفد لبنان إلى مؤتمر سان فرانسيسكو الذي وضع ميثاق الأمم المتحدة، وقّع شارل مالك الميثاق باسم بلاده.

وفي حين إن الميثاق نص على أهداف بينها "تعزيز الحقوق الإنسانية والدعوة إلى احترامها" فقد افتقر إلى صيغة مقبولة تصف تلك الحقوق وتحدّدها. إذ كان يترتب على الأمم المتحدة أن تحدد تلك الحقوق قبل أن تضمنها وتؤمنها. ولذا تقرر تشكيل لجنة دائمة للحقوق الإنسانية تختص بالقضية. وقد اختير شارل مالك أول مقرر للجنة.

وكان لمالك صوت هام مسموع أثناء قيام اللجنة بالتفكير في النصوص والمواد الأساسية التي أصبحت في ما بعد تشكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وشكّلت مناظراته مع المندوب الصيني زانغ بينغوين حول الدور الذي ينبغي أن يكون للحقوق الطبيعية في الميثاق ذروة نموذجية في التعامل الدولي. وقدّم مالك إسهامات هامة بالنسبة لإطار المفاهيم التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما فيها القرار الخاص بتحديد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمفهوم الواسع الكافي بحيث لا يتعدى على سيادة البلدان.

تزايدت أهمية خبرة شارل مالك ومعرفته في الوقت الذي أحالت فيه لجنة وضع مسودة مشروع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المقترح على الجمعية العامة. وأوكلت الجمعية العامة للجنتها الثالثة المنوطة بالشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية مهمة دراسة الوثيقة. وترأس مالك مناقشات اللجنة. وقد كتب جون همفري، مدير القسم الأميركي في الأمانة العامة للأمم المتحدة، في مذكراته قائلا: "كنا محظوظين بأن كان شارل مالك رئيسا. فقد كان ملما بالمسار التشريعي للوثيقة."

فبصفته سكرتيرا للجنة حقوق الإنسان، كان مالك على اطلاع وثيق بكل جوانب وتفاصيل الإعلان العالمي. وعمل بجد وجهد في شرح الأفكار التي انطوى عليها الإعلان للجنة الثالثة. وكاد مصير الوثيقة يواجه الفشل في عرضها على الجمعية العامة نتيجة تدقيق المندوبين في كل كلمة وعبارة. وبعد أن عقدت اللجنة الثالثة أكثر من 80 جلسة وناقشت 168 تعديلا، وافقت أخيرا على مسودة الوثيقة، وكان لم يبق سوى أسبوع واحد على نهاية دورة الجمعية العامة.

عرض شارل مارك الإعلان وقدمه للجمعية العامة في قاعة غصّت بالمندوبين والصحفيين والمتفرجين. وقال:

"آلاف العقول والأيدي ساعدت في وضع هذه الصيغة. وألزم كل عضو في الأمم المتحدة نفسه جادا باحترام الحقوق الإنسانية وتطبيقها. أما ما هي هذه الحقوق على وجه التحديد، فلم يسبق لنا أن أُبلغنا بها أبدا لا في الميثاق ولا في غيره من الأدوات الوطنية. وهذه أول مرة تطرح فيها مبادئ الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية بهذا الشكل الرسمي وبتفاصيل محددة. وأنا الآن على علم بما ألزمت حكومتي نفسها بتعزيزه وتحقيقه وتطبيقه. ... أستطيع الآن أن أروّج ضد حكومتي، وإذا لم تف هي بتعهدها، فإنني أشعر بالتأييد المعنوي من العالم بأسره."

بقي شارل مالك في الأمم المتحدة بعد إقرار الشرعة العالمية سفيرا لبلده لبنان لدى المنظمة. وعندما تخلّت إليانور روزفلت عن رئاسة لجنة الحقوق الإنسانية اقترحت مالك بديلا لها، واحتل المنصب فعلا لمدة سنة. ومثّل مالك لبنان كسفير لدى الولايات المتحدة من العام 1953 حتى العام 1955. واختير أثناء تمثيله لبنان في الأمم المتحدة رئيسا لمجلس الأمن الدولي في كانون الثاني/يناير 1954. وفي العام 1958 ترأس اجتماعات الدورة الثالثة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

علاوة على انشغاله بعمله في الأمم المتحدة، كان مالك معنيا في كثير من شؤون الخدمة الحكومية في لبنان. فقد عمل وزيرا للشؤون الخارجية من العام 1956 حتى العام 1958 ووزيرا للتربية الوطنية والفنون، وكان عضوا في البرلمان، مجلس النواب.

بعد سنوات طويلة أمضاها في الخدمة الدبلوماسية والرسمية عاد مالك في العام 1960 إلى التدريس في الجامعة الأميركية في بيروت. وحطّ كمحاضر زائر وأستاذ متميز في عدد من الكليات والجامعات المختلفة في الخارج. وحصل شارل مالك على ما يقرب من 50 درجة وشهادة شرف من المعاهد العلمية في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا. توفي في العام 1987.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي