التعليم والدراسة | نحو تحقيق أهداف المستقبل

01 أيار/مايو 2008

50 سنة بعد براون: لماذا لا تزال الكليات والجامعات المخصصة تاريخياً للسود مهمة

 

كتبت بيفرلي دانيال تاتوم حول دور الكليات المخصصة تاريخياً للسود في تأكيد هوية الطلاب الأميركيين من أصل إفريقي، بينما تمنحهم في نفس الوقت فرصة لقاء طلاب من خلفيات ومنظورات متنوعة. وهي رئيسة كلية سبيلمن في أتلنتا في ولاية جورجيا وكاتبة مقال "لماذا يجلس كل الطلاب السود سوية في الكافتيريا"، وكتاب "محادثات أخرى حول العرق" (Basic Books, 2003).

لقد ولدت في العام 1954، أي بعد أربعة أشهر فقط بعد صدور قرار المحكمة العليا في قضية بروان ضد مجلس التعليم الذي أبطل مبدأ "منفصل لكن متساوٍ" في التمييز العنصري في المدارس. دخلت العالم في مدينة تالاهاسي في ولاية فلوريدا حيث مارس والدي التعليم في جامعة فلوريدا إيه إند أم (A&M) في دائرة الفنون. كان يرغب في الالتحاق بجامعة ولاية فلوريدا للحصول على شهادة الدكتوراه، لكن في العام 1954 كانت ولاية فلوريدا ما تزال تمنع التحاق الطلاب السود بالدراسات العليا. بدلاً من ذك، دفعوا له ثمن تذكرة القطار إلى ولاية بنسلفانيا، وفي العام 1957 أتم تحصيل شهادته في جامعة ولاية بنسلفانيا. وبعد سنة أصبح أول أستاذ محاضر أسود في كلية الولاية في بريدج ووتر، في مدينة بريدج ووتر في ولاية مساتشوسيتس، وهو المجتمع الذي نشأت فيه. أما اليوم فإن رئيس كلية الولاية في بريدج ووتر أصبح ملون البشرة، وفي شباط/فبراير من العام 2004 ألقيت أنا، الامرأة السوداء، الخطاب الافتتاحي في مؤتمر التعليم العالي الذي كانت تستضيفه جامعة ولاية فلوريدا. ولم يكن بالإمكان تخيّل حصول أي من هذين الأمرين في العام 1954.

وبصفتي معلمة ذات خبرة تعليم من عدة سنوات حول العنصرية في مؤسسات ذات غالبية من البيض، والآن بما أنني الرئيس التاسع لكلية سبيلمن، أقدم كلية مخصصة للنساء من السود، فقد أصبح لدي الآن نظرة جديدة حول استيعاب معنى دعوى بروان ضد مجلس التعليم. فكما العديد من الجامعات والكليات المخصصة تاريخياً للسود، تواجه كلية سبيلمن تحدياً جديداً لطلابها من الجامعات والكليات ذات الغالبية البيضاء والتي كانت ترفضهم في الماضي. ولكن المنافسة المتزايدة، أدت إلى عدة تحسينات في كلية سبيلمن. فخلال الفترة التي سبقت قرار براون، كان يتم تشجيع الأساتذة المحاضرين على زيادة جهودهم في الأبحاث ونشرها، ومن ثم إنشاء مصادر جديدة للمنح الدراسية. فالجهود الناجحة لجمع الأموال وزيادة المنح وفرت استقرارية مالية ودفعت لإنجاز أبنية سكنية جديدة وأبنية أكاديمية، وبذلك خلقت بيئة تجذب حالياً حوالى 4000 امرأة شابة موهوبة سنوياً تتنافس للحصول على 525 مقعداً دراسياً متوفراً في حصص السنة الجامعية الأولى.

لماذا لا زالت الكليات المخصصة للسود مثل كلية سبيلمن مهمة، وبل أنها أيضاً الخيار المفضل للعديد من الطلاب السود الموهوبين؟ إن اختيار الكلية هو انعكاس للهوية؛ فهي بيان عن كيفية رؤيتك لذاتك، من أنت الآن، وماذا تتمنى أن تصبح. ينجذب الطلاب نحو بيئات يجدون فيها ذاتهم بطرق قوية، في أمكنة حيث يشعرون على أنهم نقطة الارتكاز في الجهود التعليمية.

منذ عدة سنوات، وكجزء من أبحاثي حول تطور الهوية العنصرية لدى طلاب كليات السود الذين نشأوا في مجتمعات أغلبيتها من البيض، أجريت مقابلات مع طلاب اختاروا الالتحاق بكليات مخصصة تاريخياً للسود. إحدى النساء الشابات علّقت على خبرتها في الكلية المخصصة تاريخياً للسود حين قالت: "أدرك أن ما يسعدني عند التنزه عبر حرم الكلية هو أني أعرف "أن هذا المكان أنشئ لي". لا يوجد العديد من الأماكن في أميركا حيث تستطيع امرأة سوداء أن تقول ذلك. إن أهمية تأكيد الهوية في خيار الكلية هو أمر لا يمكننا التقليل من أهميته.

رغم أن معظم أحرام الكليات أصبحت أكثر تنوعاً الآن مقارنة مع ما كانت عليه في العام 1954، لا تزال المؤسسات تكافح لاستيعاب مبادئ إنشاء بيئات حصرية تؤدي إلى رفع الإمكانيات الفكرية والقيادية لجميع طلابها. وهذه المبادئ تتمثل في تأكيد الهوية، وبناء المجتمع، ورعاية قدرات القيادة. هذه الأبعاد الثلاثة حاسمة في إقامة بيئات تعليمية فعالة عبر كافة مستويات التعليم. إن ترجمة المبادئ إلى أفعال يتطلب منا روتينياً طرح أسئلة هامة على بعضنا البعض. ماذا نعكس في بيئتنا؟ من هو الناقص في الصورة؟ ما هي الفرص المتوفرة لبناء المجتمع؟ وكيف يمكننا شمل الطلاب بحيث تُشحذ لديهم مهارات القيادة في سياق متنوع.

كخبيرة في العلاقات العنصرية، كثيراً ما يُطرح عليّ السؤال التالي: لماذا قررتِ قيادة معهد متجانس مثل كلية سبيلمن. وبالطبع، فإن السؤال يعتمد على افتراض خاطئ. فرغم أن 97% من طلابنا مصنفين عنصرياً على أنهم "سود"، فإن الجسم الطلابي متنوع تماماً. يأتي طلاب سبيلمن من جميع مناطق الولايات المتحدة ومن العديد من الدول الأخرى، ومن ضواحي البيض، والمجتمعات الريفية، وكذلك من المناطق المدينية للسود. فكافة أجزاء الشتات السود (الدياسبورا) موجودة وتوفر تنوعاً في الخبرات ووجهات النظر لدى النساء الملتحقات بالكلية وهو ما يؤدي إلى توليد العديد من إمكانيات الحوار. نجد لحظة تطورية في حياة الشباب الملونين بحيث يصبح الحوار "ضمن مجموعة" بنفس الأهمية، إن لم يكن أحياناً أكثر أهمية من الحوار، ما "بين المجموعات". وحتى ضمن سياق الجامعات والكليات المخصصة تاريخياً للسود، فمن الممكن خلق فرص حوار للاثنين معاً.

العديد منا لديه رؤية حول الكليات حيث تتوفر لكافة الطلاب نفس الفرص والتشجيع لتحقيق مستوى تعليم مرتفع. وهذه الرؤية تتضمن قيام مجتمعات متعددة الاثنيات متميزة بالمساواة، وليس فقط العلاقات بين المجموعات. وهي رؤية تعليم لا يجب أن تُنمّي فحسب التطور الفكري عن طريق تزويد الطلاب بأدوات التفكير والتكلم، والكتابة، والاستنتاجات الكمية، ولكن يجب أيضاً أن تزود كافة الطلاب بالمهارات والخبرة اللازمة للمشاركة الفعلية في مجتمع متنوّع. ان مثل هذه البيئة التعليمية غير موجودة على نحو واسع في المجتمع الأميركي، أو، حسب معرفتي، في أي مكان آخر. لكن الرؤية تُشكّل المخطط للمستقبل.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة آراء أو سياسات حكومة الولايات المتحدة، ولا تتحمل وزارة الخارجية الأميركية أية مسؤولية تجاه محتوى المجلات الإلكترونية، أو فيما يخص الوصول المستمر إلى مواقع الانترنت الموصولة بها.

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي