الحكومة الأميركية | توازن ثابت بين المؤسسات

07 كانون الثاني/يناير 2009

الاحتفال بتنصيب أوباما يشمل تكريم الأميركيين السود الذين تطوعوا في الحرب الأهلية

مسيرة استعراضية لسرية من المشاة تمثل سرية مساتشوستس الأصلية التي شاركت في الحرب

 

من ستيفن كوفمان، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- تساءل ويندل فيليبس الذي كان من أبرز المنادين بإلغاء الرق في أميركا في العام 1863 في ذروة الحرب الأهلية "هل سيحارب العبد؟" وقال "إذا سألك أحد ذلك، قل له ’لا.‘ أما إذا سألك هل سيحارب الزنجي، فقل له ’نعم.‘"

كانت سرية مشاة متطوعي مساتشوستس الـ54 المؤلفة من المجندين الأميركيين الأفارقة والضباط البيض آنذاك ما تزال في دور التشكيل. ثم أثبتت صواب رأي فيليبس وألهمت أعدادا كبيرة من الأميركيين الأفارقة بالانضمام إلى القوات العسكرية الأميركية.

والآن، وبعد مضي 146 سنة ستشارك سرية تعيد تمثيل وحدة الحرب الأهلية وتضم أحفادا ومتحدرين من جنود تلك الفرقة في الاستعراض الذي يقام في الاحتفال بتنصيب باراك أوباما رئيسا في 20 كانون الثاني/يناير. وهو حدث وصفه بني وايت الملازم في تلك السرية بأنه "أعظم شرف أناله."

نشأ وايت البالغ 64 عاما من عمره في بوسطن. وهو رغم اهتمامه بالحرب الأهلية لم يكن على دراية بتاريخ تشكيل السرية 54 ولم يعلم به إلا في العام 1989 ومن الفيلم السينمائي "المجد" الذي صوّر الوحدة العسكرية وألهمه بالانضمام إلى غيره من أهالي منطقة نيوإنغلاند وتشكيل السرية والمشاركة في إعادة تمثيل السرية الأصلية.

لم يكن الرجال الـ600 الذين ضمتهم السرية 54 الأصلية أول الأميركيين الأفارقة الذين خاضوا المعارك العسكرية الأميركية، ولكنهم كانوا أول وحدة تتلقى تدريبا عسكريا مماثلا لما يتلقاه الجنود البيض. وحازوا شهرة بالنيابة عن كل الجنود الأميركيين الأفارقة لما أبدوا من شجاعة ومهارة وخاصة بعد أن شنوا هجوم 18 تموز/يوليو 1863 على حصن فورت واغنر بالقرب من مدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا وقتل أو جرح فيه نحو نصفهم.

وخاض الجنود الحرب رغم ضآلة رواتبهم التي كانت تقل عن رواتب أمثالهم من البيض ورغم علمهم بأن الحكومة الكونفدرالية الإنفصالية  أصدرت مرسوما يقول بأن الجنود السود وقادتهم البيض سيقتلون حتى ولو استسلموا.

اعتراف تاريخي بعد طول انتظار

صرح وايت لموقع أميركا دوت غوف بقوله: "عندما كنت أصغر سنا مررت أثناء رحلة مدرسية  بالنصب التذكاري (لسرية ماساتشوستس 54) في وسط مدينة بوسطن... ولم يقولوا شيئا أبدا عن من يكونون."

وقال إنه تبين من بحثه أنه لم يسمح للوحدة بعد نهاية الحرب في العام 1865 بأن تشارك في العرض الذي جرى في واشنطن بمناسبة الانتصار ولم يعترف بالفضل بداية لأي من المحاربين الذين اشتركوا في السرية والذين كان معظمهم يعيش في منطقة فقيرة بالقرب من مقر حكومة مساتشوستس في بيكون هيل ببوسطن.

بدأ إنشاء النصب في بوسطن في العام 1884 وأصبح الجاويش وليام هارفي كارني بعد أربعة عقود من معركة الهجوم على حصن فورت واغنر، أول أميركي إفريقي ينال وسام الشرف.

وفي العام 1999، تم في واشنطن إنشاء النصب التذكاري للمحاربين الأميركيين الأفارقة في الحرب الأهلية لا لتكريم السرية 54 وحسب، بل ولتكريم 204,145 من الجنود السود الذين حاربوا في سبيل الاتحاد في الحرب الأهلية الأميركية.

وقال وايت إنه على الرغم من أن فيلم المجد جلب الانتباه إلى الوحدة العسكرية وخدمة الأميركيين الأفارقة في الحرب الأهلية، فإنه يشك في صحة بعض عناصر الفيلم، كحرمان الجنود السود من الزي العسكري والبنادق الرامية وبعض الأحداث التي تظهر أنهم عوملوا معاملة تختلف عن نظرائهم البيض.

قال وايت إن حاكم مساتشوستس في العام 1863 "كان حازما بالنسبة لكيفية معاملتهم وأراد معاملتهم كمعاملة الجنود البيض تماما. وجاءوا إلى معسكرات (التدريب) وإلى المهاجع كغيرهم. وصرفت لهم البزات العسكرية والأسلحة ودربوا تماما مثل ما جرى تدريب البيض."

غير أنه صحيح أنهم  تلقوا رواتب أقل من رواتب الجنود البيض. وقال وايت إن معدل الراتب الشهري للجندي كان 13 دولارا يخصم منها 3 دولارات مقابل الزي العسكري.

وأضاف وايت أن مشرعي ولاية مساتشوستس "أرادوا معاملة (الجنود السود) كسائقي شاحنات لا يشاركون في القتال فعلا. ولذا حسموا منهم 3 دولارات أخرى ... ولم يدفع لهم سوى 7 دولارات في الشهر."

استمر الحال على هذا المنوال 18 شهرا ظل خلالها الجنود السود وكثير من ضباطهم البيض يرفضون قبول أي دفعات كما صورهم الفيلم حتى حل الكونغرس الأميركي هذه المشكلة. وقال وايت إن ثلاثة من الجنود الأميركيين الأفارقة أصبحوا بنهاية الحرب ضباط صف في السرية.

ليس مجرد استعراض عادي

استعاد وايت ذكرى زيارته لفورت واغنر وقال إن المنطقة تغيرت كثيرا عما كانت في العام 1863 لأن أجزاء من أرض المعركة القريبة من الشاطئ والحصن قد جرفتها المياه لكن أهميتها ما تزال قائمة.

وأضاف قوله "إنه مدعاة للاندهاش فعلا أن أقف في نفس البقعة التي حارب فيها الجنود. قضينا نحو ساعتين نتجول مشيا على كثبان رمال الشاطئ حيث شارك الجنود الأصليون في المعركة.

وفي تطلعه إلى 20 كانون الثاني/يناير حين ينصب أول رئيس أميركي أفريقي، قال وايت إنه يحاول إقناع نفسه بأن ما سيكون هو "مجرد استعراض آخر" وذلك كي يتمالك ضبط مشاعره وهو يقود وحدته في الاستعراض.

ثم يخلص إلى القول: "لكن طبعا، ومن الواضح أن الأمر بالنسبة لي هو أكثر من ذلك. لقد شاركت في مسيرات استعراضية مختلفة عندما كان عمرى 15 سنة تقريبا، لكن هذه ستكون أعظم شرف نلته على الإطلاق."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي