الاقتصاد والتجارة | تحقيق النمو عبر أسواق مفتوحة

24 تشرين الثاني/نوفمبر 2008

الدول ذات الاقتصاديات الكبرى تتحرك نحو التوصل لاستئصال جذور الأزمة المالية

التوجه نحو التعاون التنظيمي قد يساعد في تلافي الخلل والاضطراب في المستقبل

 

من أندريه زوانيتسكي، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- أعربت مجموعة من البلدان ذات الاقتصاديات الكبرى عن استعدادها لتلافي تفاقم الأزمة المالية العالمية بواسطة اتخاذ تدابير لإصلاح النظام المالي.

في الوقت ذاته اختلفت آراء المحللين الأميركيين حول ما تمخض عنه مؤتمر مجموعة العشرين، وتراوحت تلك الآراء بين ما وصف بأنه "ليس مخيبا للآمال ولا هو انتصار" وبين "أفضل مما كان متوقعا."

أما رأي باري آيكينغرين فهو في الوسط. فقد تحدث آيكينغرين، أستاذ مادتي الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنا ببيركلي إلى موقع أميركا دوت غوف قائلا إن من غير الواقعي أن يُتوقع المرء من قادة 19 بلدا من البلدان الصناعية والأسواق الناشئة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي اجتمعوا في واشنطن في أواسط تشرين الثاني/نوفمبر، "أن يحلوا كل مشاكل العالم الاقتصادية بين ليلة وضحاها".

وصرحت وندي دوبسون، رئيسة معهد الأعمال التجارية الدولي في جامعة تورنتو بكندا بأن القادة استطاعوا، رغم الوقت القصير جدا لاستعداداتهم، أن ينجزوا ما احتاجوا أن ينجزوه وهو أنهم بدأوا عملية جديدة ومحددة الأولويات، وشكلوا فريق عمل من الخبراء، وحددوا مهلة نهائية، وخططوا لاجتماعات متابعة. (طالع مقالة "الدول الاقتصادية الرئيسية في العالم تتفق على دفع النمو ومعالجة الأزمة،" المتعلقة بالموضوع).

وجرت قبل انعقاد القمة مناقشة بعض الأفكار المتعلقة بالإصلاحات التنظيمية الوسطية التي ووفق عليها في الاجتماع وبينها تشديد الإشراف على المنتجات المالية المركّبة وتعزيز التعاون. غير أن القمة نجحت في توطيد عملية من شأنها تطبيق بعض هذه الأفكار وتوسيع المجال أمام أفكار أخرى والإسراع في تطبيقها.

وقال آيكينغرين "إن هذا تدبير للتقدم" والنجاح على الرغم من أنه قد يحتاج إلى شهور أو سنين قبل أن يحدث التغيير فعلا.

وتنصب توصيات القمة في تركيزها على المجالات التي أسهمت في اضطراب الأسواق وهي المنتجات المالية المركّبة وصناديق المضاربات وصفقات التجارة خارج السوق ووكالات تقييم القروض والائتمانات وحساب الميزانيات غير المتوازنة وإدارة البنوك. ويرى المحللون أنه ما إذا كان تطبيق هذه التوصيات سيؤدي إلى نظام مالي أقل عيوبا وتعرضا للأزمات هو أمر سيتوقف على تفاصيل التطبيق.

غير أن آيكينغرين يرى أن تحقيق التقدم ممكن. فهو يقول إن الدول الآسيوية استطاعت في أعقاب آثار أزمة مالية إقليمية في أواخر التسعينات من القرن المنصرم أن تتعرف، بمساعدة الهيئات والمؤسسات المالية متعددة الأطراف، على المشاكل وتطبيق بعض الإصلاحات. وكانت النتيجة أن آسيا هي أقل تأثرا بالاضطراب الحالي من أي منطقة أخرى.

وينبغي على وزراء المالية والمشرفين على التنظيم هذه المرة أن يواجهوا التحديات والمشاكل التي نجمت عن الأسواق المالية وأصبحت أزمة عالمية.

والمشكلة الرئيسية، كما وصفتها دوبسون لأميركا دوت غوف، هي عدم كفاية تنظيم التدفقات المالية عبر الحدود وتجديد الالتزام على الصعيد القومي. وقالت إن بعض مقترحات مجموعة العشرين، كتشكيل هيئة للإشراف على البنوك تحاول معالجة هذه المشكلة بإخضاع الابتكار وتجديد الالتزام المالي لتدقيق أكثر تشددا ولكن دون خنقه. وأضافت أنه بغض النظر عن الشكل الذي تتخذه التدابير المدققة المتشددة في النهاية فإن "على المنظِّمين أن يعملوا معا بشكل أوثق."

وأضافت دوبسون قائلة "إننى آمل أن تكون هذه هي إحدى الفرص الكبيرة التي خلقتها الأزمة."

وقال آيكينغرين إن الأزمة أظهرت أن التنظيم على المستوى القومي لا ينفع في الواقع في الأسواق المترابطة. ومثال ذلك أنه عندما تعرضت السندات المالية الأميركية المدعومة بالرهونات إلى التلف نهب السكان الخزينة في بلدة صغيرة في النرويج، وأدى انهيار المصارف الكبرى في آيسلندا إلى التأثير على المودعين في بريطانيا وهولندا.

إلا أن آيكينغرين أضاف أنه بما أننا ما زلنا نعيش في عالم دوله ذات سيادة فإن أي محاولة جذرية لإعادة ابتكار الهيكل المالي العالمي ربما لا تلقى قبولا. وقال إنه "سيكون لنا منظَّم مالي عالمي جديد في نفس الوقت الذي يصبح لنا فيه جيش عالمي." وفي رأيه أن أي نظام مالي عالمي سيكون مجرد صورة مقوّاة للنظام القديم.

ويرى كثير من المحللين أن جعل منتدى الاستقرار المالي، وهو هيئة استشارية دولية لوضع المعايير، العقل المدبر للإصلاح وتوسيع عضويته بحيث تشمل الأسواق الناشئة يضع الإصلاحات على الطريق الصحيح. ويرى آيكينغرين أن صندوق النقد الدولي يستطيع أن يساهم في تحقيق مزيد من إصلاح  النظام المالي العالمي على هذا الطريق عن طريق أداء واجباته القانونية.

ويقول الخبراء إن صندوق النقد الدولي أخفق حتى الآن في القيام بدوره المقرر له في النظام المالي لأن الدول الأعضاء القوية المسيطرة، غالبا ما ترفض الالتزام بقواعد الصندوق ونظمه. ولم تسفر أي محاولات بذلت في السنوات الأخيرة لجعل المؤسسة أكثر تمثيلا وفاعلية عن تغييرات تذكر.

ويرى المراقبون أن مطالبة صندوق النقد الدولي بأن يكون منفذ القواعد والأحكام الحالية والمعايير الجديدة التي يضعها منتدى الاستقرار المالي في المستقبل ستؤدي إلى نفس النتيجة والتأثير ما لم تمنح البلدان الأعضاء في الصندوق شرعية واستقلالا أوسع.

وقال آيكينغرين إن صندوق النقد الدولي سيظل غير مستعد لانتقاد الممارسات المالية التي تنتهجها البلدان الممولة للصندوق ما لم يصبح أكثر مناعة في مواجهة الاعتبارات السياسية.

ويعتبر بعض المحللين أن الخطوات الفورية التي اتفق عليها القادة لمعالجة التباطؤ الاقتصادي الشديد كانت مخيبة للآمال إلى حد ما. فقد وافقت مجموعة العشرين على تدابير مالية لحفز الطلب وتحريكه بشكل عام، ولكنها أخفقت في التوصل إلى وضع خطة لعمل منسّق. ودعت المجموعة أيضا إلى توفير تمويل كاف لصندوق النقد الدولي من أجل دعم الأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية، لكنها لم تضع مستويات محددة للتمويل.

وقال آيكينغرين إن البعض يعتقد بأن أهم جزء في الخطوات التي تم الاتفاق عليها هو التعهد بعدم فرض أي حواجز جديدة أمام التجارة والاستثمار مدة 12 شهرا والقيام بمحاولة أخرى لتنشيط المحادثات التجارية العالمية المتوقفة. وأضاف قوله "إن من المهم جدا إبقاء الالتزام بهذا التعهد."

هناك مزيد من الأفكار والطروحات الخاصة بكيفية إنعاش الاقتصاد العالمي وإصلاح النظام المالي متوفرة باللغة الإنجليزية على مواقع بعض الجامعات ومراكز الأبحاث بما فيها مركز أبحاث السياسات الاقتصادية وعلى موقع معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي