08 تموز/يوليو 2008

كتّاب أميركيون عرب يرسمون الحياة بكل ألوانها البهيجة والقاتمة

لجنة من الكتّاب تقول إن كثيرا من الروايات والدواوين الشعرية ينشر في أميركا

 
إستوحت إفلين شاكر قصصها القصيرة من تجارب سيدات لبنانيات في أميركا
إستوحت إفلين شاكر قصصها القصيرة من تجارب سيدات لبنانيات في أميركا.

من بيرتون بولاغ، المراسل الخاص لموقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- تكتب سوزان معدّي درّاج في إحدى قصصها في مجموعة قصصها "ميراث المنفى: حكايات من جنوب فيلي (فلادلفيا)" أن البنت حنان ذات الأعوام الثمانية لا تريد أن تحضر أمها الفلسطينية إلى غرفتها الدراسية في المدرسة في فيلادلفيا للزيارة في اليوم المخصص للوالدين.

وتقول إن الفتاة تشعر بالإحراج والخجل من لكنة أمها ورطانتها باللغة الإنجليزية، فتقول لمعلمتها إن أمها مريضة ثم تجلس وحيدة في أرجوحة بساحة الألعاب في المدرسة. والأم تبقى في البيت يعتصرها الألم وتشعر بأنها مرفوضة منبوذة.

كان في الحكاية صدى للحقيقة عند لجنة من الكتاب والأدباء الأميركيين العرب خلال المؤتمر السنوي للجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز الذي انعقد في واشنطن العاصمة من 13 إلى 15 حزيران/يونيو. ويعبر كثير من الكمّ الأدبي المتزايد الذي ينتجه الكتاب العرب الأميركيون عن الصراع الذي يخوضه المهاجرون من الشرق الأوسط أو أبناؤهم وهم يسلكون الطريق الوعر المؤلم أحيانا في مسيرتهم إلى اتخاذ أميركا وطنا لهم.

ويشترك أدب الأميركيين العرب في هذا المضمار مع أدب غيرهم من جاليات المهاجرين  كالأيرلنديين والإيطاليين واليهود من حيث مواجهتهم للتحديات العديدة بما فيها التعصب، وهم يستبقلون الحياة ويصنعونها في بلد الغربة.

يقول جيفري باسل كبير خبراء دراسة السكان في مركز بيو الإسباني الذي يقوم بدراسة الهجرة إلى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية، إن هذا النمط يتكرر في كثير من مجمل تاريخ الولايات المتحدة. ويضيف باسل قوله "نحن نعتز بكوننا أمة من المهاجرين." لكن هناك في جيل من الأجيال من يشعرون بأن أحدث المهاجرين "أتوا من ثقافات غريبة وهم غير قادرين على الاندماج والانصهار مثل ما فعل أجدادنا."

وتقول ناتالي حنظل الشاعرة الأميركية الفلسطينية التي ترأست جلسة اللجنة إن المهاجرين الأميركيين والجماعات العرقية يشتركون في ثراء وأعباء كونهم "بين ثقافتين." وهم يشعرون أحيانا بأنهم ليسوا في وطنهم في أي منهما.

وكما في قصة البنت في روايات درّاج كانت إفلين شاكر تنكمش حرجا عندما تسمع والديها لبنانيي الأصل يتحدثان إلى الجيران. وتقول "كنت في البداية أشعر بالإحراج للكنة والديّ" غير أن ذلك الشعور انحسر بعد أن بدأت شاكر حياتها الأكاديمية. وتضيف أن شعورها "تأثر بالطفرة الإثنية العرقية التي شهدتها فترة السبعينات" عندما بدأت الجماعات والجاليات العرقية تحتفل وتعتز بتراثها المتميز.

وتقول شاكر إنه لم يكن في تلك الأثناء سوى النزر اليسير من الأدب الأميركي العربي. وعمدت شاكر التي تقاعدت من عملها أستاذة للأدب في كلية بنتلي بالقرب من مدينة بوسطن إلى إجراء مقابلات مع النساء في مجتمعها. وتقول إنه على الرغم من أنهن لم يكن "يعرفنني فقد بحن لي بخصوصياتهن الحميمة وذكرياتهن الأليمة." وتروي أن امرأة انتسبت في الستينات إلى كلية رادكليف التي كانت تعتبر من معاهد النخبة النسائية. وذات يوم نهضت كل أخواتها في المهجع المشترك وتركن المائدة عندما صرحت لهن بأن أجدادها كانوا مهاجرين من لبنان.

وصرحت شاكر بأن الاستعداد الذي أبدته النساء اللواتي قابلتهن لإطلاعها على قصصهن "أكسبني الجرأة." فكان أن ألفت كتابا واقعيا غير روائي ثم كتبت عشر قصص قصيرة في مجموعة تحت عنوان "سلامي إلى لبنان: قصص نساء لبنانيات عن تجاربهن في أميركا."

وتلاحظ مارلين ماكغارث التي درست في رادكليف أيضا أن طالبات رادكليف في الستينات من القرن المنصرم كن كلهن تقريبا من عائلات البيض البروتستانت ذوي الثراء. (رادكليف الآن معهد للبحوث ضمن جامعة هافرد). وتقول ماكغارث التي تشغل منصب مدير التسجيل في الجامعة إن "هارفرد مكان أكثر تنوعا." وتشير إلى أن 40 بالمئة من الطلبة الجدد الذين سيلتحقون بالجامعة في الخريف القادم من غير البيض.

لا تنطوي إلا قلة من أعمال الأميركيين العرب الأدبية على الصدمة الجماعية المثيرة للعواطف والجدل بقدر ما تثيره أعمال الأميركيين الفلسطينيين. ولدت سوزان أبو الهوا لعائلة فلسطينية تحولت إلى لاجئين نتيجة لحرب الأيام الستة في العام 1967. تروي قصتها تحت عنوانها المثير "جرح داود" (تحريف لشعار "نجمة داود" الإسرائيلي) المنشورة في العام 2007 حكاية تاريخية لأربعة أجيال من عائلة فلسطينية فقدت أرضها ووطنها نتيجة لنشوء إسرائيل في حدث أصبح عنوانه "النكبة." وقد أثار الكتاب جدلا واتهامات بمعاداة السامية في أميركا. غير أن الكتاب لقي رواجا أكبر في نسخه المترجمة إلى بعض لغات أوروبا.

واتسمت كتابات كتاب أميركيين عرب آخرين إلى حد كبير بطابع الإحباط لعدم فهمهم واستيعاب ما يكتبون في أميركا. وتقول برّاج "إن الأمر الوحيد الذي ساعدني فعلا هو قراءتي أعمال الكتاب الأميركيين الأفريقيين." وقالت إنها تعلمت من لانغستون هيوز وغيره أن شخصيات الرواية قد تعبر عن غضب الكاتب ولكنها تبقى مع ذلك شخصيات فردية غنية البنية.

وتضيف الكاتبة درّاج قولها "حتى الناس الغاضبون لهم حياة مفعمة بالحب."

جاءت هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 لتشكل نقطة تحول في حياة الأميركيين بمن فيهم أولئك ذوي الأصول الشرق أوسطية. فقد تعرض بعض العرب الأميركيين لعداء متزايد وأصبحوا موضع شك وريبة. وأصبح الأميركيون في الوقت نفسه أكثر اهتماما بفهم العالم العربي.

ومع ذلك فقد جادل المشاركون في اللجنة بأنه حتى الرغبة في الفهم والاطلاع جاءت مصبوغة بأفكار سابقة مترسبة. وتقول درّاج إنه "كان هناك كثير اهتمام بالأدب الأميركي العربي. لكننا يجب أن نكون حذرين واعين بأنه اهتمام غير صادق. فالمحررون (الناشرون) يريدون قصصا مكررة عن نساء وبنات تحررن من ارتداء الحجاب."

وبعد، فإن نشر الأدب الأميركي العربي في ازدياد، ويلقى كثير منه النقد والمراجعة في صحف شهيرة متنفذة كنشرة جريدة نيويورك تايمز المختصة بمراجعة الكتب. وتخلص درّاج إلى القول إنه إذا كان نتاج أي كاتب عربي أميركي جيدا فإنه لا شك سيلقى من ينشره.

يتفق مع هذا القول الشاعر الأميركي اللبناني حيّان شرارة. وهو الذي قام بمراجعة وتحرير مجموعة شعرية من عمل 39 شاعرا صدرت تحت عنوان "يود الحديث: مختارات من الشعر العربي الأميركي المعاصر."  ويقول شرارة "ما كنت لأعثر أبدا على هذا العدد من كتاب الرواية من الأميركيين العرب قبل عشر سنوات."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي