الفنون| إعادة تشكيل الأفكار، التعبير عن الهوية

14 آب/أغسطس 2008

سينمائية مسلمة تعالج القضايا الاجتماعية بالدعابة والتعاطف

لينا خان مخرجة أفلام قصيرة حائزة على جوائز وأفلام وأشرطة فيديو موسيقية وإعلانات

 
السينمائية لينا خان في لوس آنجيلوس
السينمائية لينا خان في لوس آنجيلوس.

من سيرينا كيم، المراسلة الخاصة لموقع أميركا دوت غوف

بداية النص

لوس آنجلوس، - تتنقل لينا خان، بعد ظهر يوم قائظ الحرارة من أيام آب/أغسطس في لوس آنجلوس في غرف "هاند بروب روم،" وهي شركة تؤمن الأشياء اليدوية التي يستعان بها في الأفلام وعلى المسرح لأفلام هوليوود الضخمة مثل (The Aviator) و(The Departed). وتزخر الشركة بأمور كثيرة من لحوم الذبائح غير الحقيقية إلى تماثيل بوذا التايلاندية البرونزية إلى أرفف تنوء بما عليها من الأدوات والآلات والعجائب والغرائب التي تساعد في صنع سحر السينما. وتكتشف خان، المتلفعة بخمار من اللون الأخضر الفاتح والمرتدية سترة محتشمة، سيف نينجا بطول قدمين فتستله من غمده مبتهجة وقد أشرق وجهها المستدير بابتسامة شقية، قائلة: "هذا سيؤدي الغرض."

ورغم أن خان تختلف تماماً عن الصورة التي يحملها الناس في أذهانهم للسينمائيين، إذ إنها أنثى شابة ومسلمة متدينة وأميركية أصلها من الهند، إلا أنها وهي في الرابعة والعشرين من العمر وخريجة معهد السينما، سينمائية تكتب وتخرج أشرطة الفيديو الموسيقية والأفلام القصيرة، بالإضافة إلى الإعلانات الدعائية لمطعم يدعى كرايف (Crave). (ويقوم النينجا في أحد الإعلانات بقذف الساموزا الهندية المنطلقة بسرعة).

وقد فازت خان عن فيلمها "باسم يحاول،" وهو فيلم قصير مدته دقيقة واحدة يظهر بأسلوب فكاهي محاولة شاب أميركي مسلم الاندماج في المجتمع، من خلال رفع صوت الراديو في سيارته كثيراً، على سبيل المثال، ليسمع الجميع أنه يصغي لموسيقى الهيب هوب، بمبلغ 5 آلاف دولار. كما فاز فيلمها، "بلد يدعى الفردوس" (A Land Called Paradise)، وهو في جوهره فيديو موسيقى قصير طوله 3 دقائق على ألحان أغنية تحمل نفس الاسم يؤديها مطرب أغاني الريف كريم سلامة، بالجائزة الأولى، وقدرها 20 ألف دولار، من وان نايشن (One Nation)، وهي مجموعة مدافعة عن حقوق المسلمين رعت مسابقة الأفلام. وقد أدارت خان عشرات الرجال والنساء مختلفي الأصول لحمل يافطات تتضمن رسائل يودون تبليغها للعالم عنهم كمسلمين أميركيين. وتباينت الرسائل ما بين الطريفة الغريبة مثل "أنا أيضاً أتسوق من مخزن فيكتورياز سيكريت،" إلى الحزينة الجادة مثل "أختي توفيت في 11 أيلول/سبتمبر."

وقد أشاد أحد أعضاء لجنة التحكيم في مسابقة وان نايشن للعام 2007، بطل كرة السلة المحترف السابق كريم عبد الجبار، بفيلم "بلد يدعى الفردوس،" لـ"لغته السينمائية الجميلة،" في حين امتدحت الصحفية ماريان بيرل الفيلم "لأسلوبه الجديد العذب المتسم بالظرف في نفس الوقت الذي يعالج فيه الأحاسيس الأساسية التي يشعر بها المواطنون المسلمون وبقيتنا."

وقالت خان إن إخراج "بلد يدعى الفردوس،" تطلب جهداً كبيرا. وقد بدأ المشروع بسؤال: "لو كان بإمكانك أن تقول شيئاً لجميع الناس غير المسلمين في العالم، ما الذي كنت ستقوله؟"

وأضافت متذكرة: "أرسلت رسائل بريدية؛ وذهبت إلى المساجد؛ واستخدمت كل لائحة إلكترونية بأسماء المسلمين أمكنني التفكير فيها."

وكان الجواب الأول الذي تلقته خان هو "الإسلام ينهيني عن أفكاري الانتحارية." وقالت: "عند ذاك بالضبط عرفت أن ذلك هو الفيديو الذي سأصنعه. وما كنت سأفكر أنا بذلك. كنت أحاول تثبيت صور تمثل المسلمين، ولكنني لا أظن أنني أستطيع التكلم باسمهم جميعا. وكان هذا أول الخيط. وما لبثت أن تلقيت ألفين و500 إجابة، فجمعتها واخترت من بينها ما أردت وصنعت الفيديو."

لينا خان تبحث عن سلاح النينجا المثالي في غرفة الأشياء اليدوية التي يستعان بها في الأفلام
لينا خان تبحث عن سلاح النينجا المثالي في غرفة الأشياء اليدوية التي يستعان بها في الأفلام.

وقد تلقت خان منذ بدء عرض الفيديو المئات من الرسائل الإلكترونية من أناس قالوا إن الفيديو دفعهم إلى البكاء أو أوحى لهم ببدء نقاش حول الإسلام مع عائلاتهم أو هدم الجدران التي كانت الصور النمطية قد شيدتها. كما فتح الفيديو الأبواب المهنية أمام خان، كاجتماع مع صانع الأفلام الوثائقية مورغان سبيرلوك. وكرمها المجلس الإسلامي للشؤون العامة في حفل عشاء في هوليوود بوصفها سينمائية يجدر تتبع مسيرتها.

وقالت خان، وهي خريجة كلية السينما في جامعة كاليفورنيا، فرع لوس آنجلوس، "لو لم أشارك في المسابقة، لكنت ما زلت في المكان الذي كنت فيه في السابق."

وقد اهتمت خان بالسينما في بداية الأمر كناشطة اجتماعية، وهو أمر تعتبره من تعاليم الإسلام المهمة. فقد كان من المتوقع، إذ كانت على وشك الزواج، أن تتلقى خاتم خطوبة مرصعاً بالماس. وقالت "لم أرد أن تكون هناك أي صلة بيني وبين صناعة الماس، ماس الدم. إنها سيئة جدا. وتساءل أهلي عن سبب موقفي وحثوني على الذهاب وشراء خاتم في ماسة على اعتبار أن هذا أمراً غير مهم. ولكنني أعتقد أنه مهم. فهو اختبار يظهر ما إذا كان المرء قادراً على التضحية بأشيائه في سبيل الآخرين." وقد اختارت بدل الماس خاتماً مرصعاً بحجر كبير من المواسانايت.

كما أن خان لا تستخدم أثناء تصوير أفلامها سوى متعهدي الطعام الذين يستخدمون الدجاج الذي يعيش حراً طليقاً في الطبيعة. وقالت: "أخي يضحك مني دوما ويسميني ليزا سيمبسون،" في إشارة إلى الشقيقة الصغرى العقلانية المفكرة في مسلسل التلفزيون الأميركي ذا سمبسونز (The Simpsons).

وقد لاحظت خان عندما كانت طالبة تتخصص في العلوم السياسية والتاريخ في جامعة كاليفورنيا- لوس آنجلوس أن الطلبة كانوا يهتمون بعمليات الإبادة الجماعية، كالإبادة الجماعية في رواندا وفي دارفور، فقط إذا شاهدوا فيلماً عن الموضوع أو إذا ما أذاع ممثل ما الخبر وتبنى القضية. كما أنها كانت قد تعبت من مشاهدة أفلام هوليوود التي تستخدم الصور التي تربط بين الإرهاب وبين الوضوء والأذان مثل فيلم The Siege  وفيلم Black Hawk Down.

وقالت: "كانت تلك الأمور تنهشني. فقررت أن أخوض الميدان وأفعل شيئاً ما لمواجهتها بدل التذمر منها. وكنت أريد صنع أفلام تتناول القضايا الاجتماعية لأنني أظن أن الأفلام هي أفضل طريقة لرواية قصة، فعندها يصغي الناس حقاً ويشعرون برابطة تربط بينهم وبين الناس الذين يقاسون من تلك الأشياء." وهكذا أكملت الدراسة حتى حصلت على شهادة ماجستير في السينما في جامعة كاليفورنيا، لوس آنجلوس.

ونعود إلى مخزن "هاند بروب روم،" حيث تبحث خان في صندوق يحتوي على نجوم النينجا. وبعد أن تختار ما تريده تقفز في سيارتها التويوتا بريوس الحمراء وتقودها عبر هوليوود هيلز إلى شركة ملابس وسترن (وسترن كوستيوم كومباني) بحثاً عن أقنعة وبذلات النينجا.

وتتضمن مشاريعها المستقبلية، علاوة على إعلانات النينجا، مجموعة من الإعلانات عن الانتخابات الرئاسية وفيديو موسيقي آخر.

أما عندما يتعلق الأمر بفيلم شخصي طوله 40 دقيقة، فتكتفي بالقول: "إنهم يتوقعون شيئاً ضخماً وشعبيا. وبالتالي فنعم، أشعر ببعض الضغط." ولكن خان هي التي ستجعل ذلك يبدو كالسحر.

يمكن مشاهدة أعمال لينا خان "باسم يحاول" و"بلد يدعى الفردوس" على يوتيوب دوت كوم على الشبكة العنكبوتية.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي