الصحة العالمية | التصدي لتحديات الصحة العالمية

20 تشرين الأول/أكتوبر 2008

دمية متحركة مصابة بنقص المناعة المكتسبة تتألق في برنامج تلفزيوني في جنوب إفريقيا

"كامي" يعشقها الأطفال وتساعدهم في فهم مرض يؤلمهم ويحيرهم

 

من فيليب كوراتا، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

جوهانزبيرغ، جنوب إفريقيا،- أشهر وأبرز شخصية في مجال مكافحة نقص المناعة المكتسبة/الإيدز في جنوب إفريقيا  هي شخصية بطول مترين يكسوها الفراء الأصفر وتجيد سبع لغات، ويعشقها ملايين الأطفال.

هذه الشخصية هي كامي، التي يقول ولد له من العمر ست سنوات بصوت عال في مركز مابتيلا لرعاية وحضانة الأطفال، في ضواحي جوهانيسبيرغ: "إنها تعلمني أن أتناول الدواء."

ويصرخ صبي آخر قائلا: ""كامي تعلمني أن آكل الخضار."

بينما يصيح  ولد ثالث: "كامي تقول لي أن أذهب الى الطبيب حينما أشعر بالمرض."

وكان هؤلاء الأطفال يعربون عن شعورهم بالسعادة الغامرة حينما شاهدوا كامي تقف بينهم. وكامي هي نجمة برنامج "تاكالاني سيسامي،" برنامج جنوب إفريقيا المشتق من برنامج "سيسامي ستريت" الأميركي. وقد زارت كامي مشفى سويتو ومركز مابتيلا لرعاية الأطفال يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر لإحياء ذكرى اليوم العالمي للمشافي والرعاية المسكّنة ولتوجيه الشكر للحكومة الأميركية على دورها في مكافحة هذا المرض الذي يصيب ملايين الناس في جنوب إفريقيا ويقضي عليهم.

وبدأ الأطفال، لدى مشاهدة كامي منتصبة أمامهم بفرائها الأصفر الفاقع، ولم يكن أي منهم قد شاهدها شخصياً عن قرب من قبل، يتجادلون بصوت عال حول ما إذا كانت إنسانة أم لا. لكن كامي لم تقل شيئاً بل اكتفت بهز رأسها والتأشير بيديها ومعانقة الأطفال قبل أن تلوح مودعة وتغادر المكان تاركة الأطفال بدون جواب شاف.

وقد بدأت كامي سيرتها الفنية في تلفزيون وإذاعة جنوب إفريقيا في 2002 نتيجة جهد تعاوني  بين هيئة إذاعة جنوب افريقيا و"سيسامي ستريت" و"المابيتس" في الولايات المتحدة.  وقد لعبت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية دورا رئيسيا في تنسيق هذه الشراكة.

ويقول جيفري مولاوا من هيئة إذاعة جنوب إفريقيا إن "لكامي تأثيراً هائلا على حياة ملايين الأطفال هنا. فكامي نفسها مصابة بفيروس نقص المناعة وهي يتيمة في الخامسة من العمر تبنتها شخصيات أخرى في برنامج تاكالاني سيسامي". وهي ذكية ومتواضعة ومرحة وذات شخصية محببة. ويتعلم الأطفال الذي يصغون إلى كامي ويشاهدونها أنه ليس من العار أن يكون الإنسان مصابا بنقص المناعة المكتسبة/الإيدز."

وتكاد لا توجد في جنوب إفريقيا أي عائلة لم يصب الإيدز أحد أفرادها، وعائلة مولاوا من هذه العائلات التي فتك الإيدز بأحد أبنائها. وقد فقد ابن أخيه البالغ من العمر 9 سنوات، والمصاب بفيروس نقص المناعة، والدته وهو في سن الثانية وقد تولت جدته تربيته.  وبعد 3 سنوات من ذلك تبين أن جدته مصابة بذلك المرض المروع.

ويقول مولاوا: "من الصعب جدا شرح هذا لصبي عمره ست سنوات لأن عالمه كله ينهار أمام عينيه. ومن الصعب القول له: ستكون الأمور على ما يرام. ولهذا السبب تحدث كامي فارقا كبيرا في حياة أهالي جنوب افريقيا إذ صار بإمكان الوالدين أن يجلسوا مع أطفالهم ويستخدموا كامي لشرح مرض الإيدز لأولادهم، كما أن المعلمين يستخدمون كامي للتحدث عن الإيدز في المدارس."

وأهم إسهام تقوم به كامي، علاوة على إظهار أهمية تناول الأطعمة المغذية والأدوية، هو المساعدة في تبديد وصمة العار المقترنة بالإصابة بمرض الإيدز.

ويقول مولاوا: "كامي تتحدى المجتمع بقولها: أنا طفلة مثلكم تماما." وتظهر كامي في إحدى حلقات البرنامج في المستشفى وقد أقعدها المرض، فيما يأتي أطفال لعيادتها والغناء لها. وفي الحلقة التالية، تغادر كامي المستشفى وتذهب الى السوق لشراء فاكهة وخضار مغذية.

وقالت نولانلا دوبا، مديرة مشفى سويتو، إن كامي والشخصيات الأخرى في برنامجها،  يساعدون في تبديل النظرة التقليدية إلى مرض الإيدز.

وأضافت: "لقد بدأنا نلمس تغييرا، وهناك الآن انفتاح وصراحة أكثر في الإقرار بالإصابة بنقص المناعة المكتسبة/الإيدز. وقد تباطأ معدل ظهور إصابات جديدة. إن كامي تحدث فرقا."

وأشار مالك جعفر، الذي يعمل لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى أنه حينما بدأت الولايات المتحدة تمويل عمل مكافحة الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبة بناء على خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز (بيبفار) في 2004 ، كان حوالي 30 ألف مواطن من جنوب افريقيا يتناولون عقاقير لمكافحة المرض.  وقد ارتفع العدد منذ ذلك الحين حتى أصبح الآن زهاء نصف مليون شخص، وهذا أفضل دليل على أن الناس  بدأوا يتقدمون لإجراء الفحوصات وتناول الدواء.

وقالت نيكيوي دوبي، المشرفة على مركز مابتيلا الذي زارته كامي، إنها لمست تحسنا في موقف المجتمع في ما يتعلق بمرض الإيدز/ نقص المناعة المكتسبة خلال السنوات القليلة الماضية.  وأضافت: "حينما افتتحنا المركز لم تكن لدى الناس أي رغبة في أن تكون لهم صلة بنا. أما الآن، فهم يريدون أن يأتي أولادهم إلينا. فهم يرون أن هذا مكان تغدق على أبنائهم فيه الرعاية والحنان.  وهم يتعلمون هنا ويتلقون طعاما ودواء فتتحسن حالتهم بما يكفي للعودة الى منازلهم أو إلى المدارس."

وقد وضع مشفى سويتو ومركز مابتيلا لرعاية الأطفال دليلين عن مرض نقص المناعة المكتسبة/الإيدز أخذت حكومة جنوب إفريقيا وحكومات الدول المجاورة في اعتمادهما.

وتنوي الولايات المتحدة مواصلة تمويلها لنشاط مكافحة نقص المناعة المكتسبة/الإيدز من خلال رصد 38 بليون دولار لجهود المكافحة في جميع أنحاء العالم على مدى السنوات الخمس القادمة.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي