التعليم والدراسة | نحو تحقيق أهداف المستقبل

06 كانون الثاني/يناير 2009

موسوعة ويكيبديا على شبكة الإنترنت تحدث تحولا وطفرة في مجال الأبحاث

لكن بعض الصحفيين والعلماء يشككون بمصداقية الموسوعة الإلكترونية

 

من أندريه زفانيتسكي، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

سان فرانسيسكو،- غيرت أكبر موسوعة إلكترونية في العالم، وأكثرها إقبالا وشعبية، الطريقة التي تنتشر بها المعلومات وتستعمل، لكنها لم تسلم من الانتقادات أو الاعتراضات.

يأتي ترتيب ويكيبديا التي انطلقت في العام 2001 بين المواقع العشرة التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الإقبال عليها واستعمالها، وتفخر بأنها  كانت تضم في أيلول/سبتمبر المنصرم، أكثر من 13 مليون مقال وبحث في 250 لغة.

ويقول جاي والش المتحدث باسم مؤسسة ويكيميديا، المؤسسة الأم التي أطلقت ويكيبيديا، إن الموسوعة المرجعية على شبكة الإنترنت تعزو نجاحها لكونها أول موسوعة حية. فمضمونها ومحتواها يبقى في تدفق متحرك دائم نتيجة للمتطوعين المجهولين الذين يكتبون المقالات الجديدة وينقحون مرارا وتكرارا كثيرا من المقالات الموجودة. أما المقالات الموضوعية المرتبطة بأحداث معاصرة فيتم تحديثها بصورة مطردة تقريبا ويعمل في تحديثها مئات الأشخاص، وذلك ضمانا لتعبيرها عن الأحداث الجارية. وقال والش إنه لهذا السبب قوبل كثير من المقالات الجديدة ذات العلاقات بانتخابات 2008 باهتمام فوري كبير بعد نشرها مباشرة.

وقال والش إن المنظمات غير الربحية كانت من أوائل المؤسسات والهيئات التي أدركت فائدة الموسوعة على شبكة الإنترنت. وأضاف أن المؤسسات استطاعت من خلال قدرتها على الاطلاع السريع على القضايا والأماكن المختلفة "أن تغير في أسلوبها الذي كانت تتعامل به مع المشاكل والأوضاع المختلفة."

علاوة على ذلك، تغلغلت وايكيبيديا إلى وسائل الإعلام الرئيسية وغرف الدراسة الجامعية. ويقول البعض بأن حجم المعلومات الهائل الذي تضمه الموسوعة وسهولة الوصول إليها يرجحان فائدتها للصحفيين والطلاب الذين يواجهون ضغوط المواعيد النهائية.

غير أن معظم الصحف والمجلات وكثيرا من الجامعات حاولت أن تبعد نفسها عن الموسوعة، فقد منعت الاقتباس عنها أو الاستشهاد بها لأنها تعتبرها مصدرا غير موثوق. ويصفها فيليب بلانشارد المحرر في جريدة واشنطن بوست بأنها "تفاهات." غير أن محررين وكتابا آخرين يستخدمونها كمصدر إرشادي أو خريطة طريق إلى مراجع ومصادر أوثق.

وتعترف وايكيبيديا نفسها بأن مقالاتها ليست تامة وكاملة دائما أو دقيقة مع أنها تقول باستمرار إنها تعمل من أجل زيادة دقة معلوماتها والحيلولة دون التنقيح التخريبي والعمل على حذف المقالات أو المقاطع غير الموثوقة على الأقل.

وقال والش إن لويكيبديا أحكاما وقواعد متبعة. فهي تستبعد الأبحاث الأصلية الأولية وتعتمد بدلا من ذلك على المصادر الموثوقة المنشورة، وتتوخى أن تعبر مقالاتها عن وجهة نظر محايدة. وقد التزم المساهمون بالمقالات والمحررون المسجلون الذين يصححون ويزيلون الأخطاء من المقالات في غضون ساعات من نشرها أحيانا التزاما شديدا بهذه القواعد.

أما طلاب الجامعات فكانوا أسرع من الصحفيين في تقبل وايكبيديا. لكن بعض الأساتذة يرفضون السماح للطلاب بالاستشهاد بها في دراساتهم.

فقد صرح شارمان لكتنتستاين الأستاذ المشارك في جامعة ديكن بأستراليا لمجلة "تك وورلد أستراليا" التي تصدر على شبكة الإنترنت بأن اعتماد الطلاب على وايكيبيديا كمصدر رئيسي للبحث "يزيح" ويستبعد المعلومات القيّمة ويخلق جيلا غير قادر على الإفادة من آراء "الخبراء الثقات".

غير أن وايكيبيديا وجدت من يدافع عنها في الوسط الأكاديمي. وتقول صحيفة هارفرد اليومية "هارفرد كريمزون" إن هناك على سبيل المثال أساتذة وزملاء مدرّسين في جامعة هارفرد يدرجونها في مناهجهم الدراسية. وهم يقولون إن بعض مقالات وايكيبيديا مفيد جدا.

أما العلماء الذين لا يثقون بوايكيبيديا فغالبا ما يقولون إن عدم ثقتهم ترجع إلى أن الموقع معرض للأخطاء ويقللون من شأن الخبرة بالقول إنها تعتمد على مساهمات "الهواة."

غير أن هذا الانطباع قد لا يكون صحيحا فعلا. ففي العام 2005 استخلصت المجلة العلمية نيتشر (الطبيعة) من دراسة أجرتها أن وايكيبيديا كانت قريبة في دقتها في مقالات العلوم في ذلك الوقت من موسوعة إنسايكلوبيديا بريتانيكا. ووجد الأستاذ السابق الراحل في جامعة جورج ميسون روي روزنزويغ الذي درّس التاريخ أن عرض وايكيبيديا للتاريخ كان مماثلا في دقة الحقائق لموسوعة مؤسسة مايكروسوفت التجارية المتوفرة على شبكة الإنترنت باسم إنكارتا.

ونشرت مجلة "أميركان جورناليزم رفيو" نقلا عن كاثي ديفيدسون الأستاذة المحاضرة في جامعة دوك في مقالة لها في العام 2008 ما يوحي بأن وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية لا تثق بويكيبديا لأنها لم تتوصل إلى طريقة بعد للإفادة من الإنترنت لصالحها.

وقال والش إن وايكيبيديا حاولت تشجيع العلماء على الإسهام بعطائهم للموسوعة حرصا على تحسين نوعيتها، وهي محاولة لم تسفر حتى الآن عن كثير من المجندين. وأضاف أن العلماء الذين يعكفون على صقل خبراتهم لا يجدون متسعا من الوقت للكتابة لموسوعة لا تجلب لهم اعترافا أو تكسبهم شهرة. وأوضح أن الخبراء الذين يسهمون بعطائهم لوايكيبيديا لا يعلنون عن أنفسهم كخبراء.

يحرص المشرفون على وايكيبيديا على المحافظة على طابعها الفريد وشخصيتها كموسوعة ديمقراطية يستطيع أي شخص، خبيرا كان أم لا، أن يسهم فيها. وصرح جيمي ويلز الذي شارك في إنشاء ويكيبديا على شبكة الإنترنت لمجلة كرونيكل للتعليم العالي بان وايكيبيديا ترحب بمزيد من الأساتذة طالما أنهم لا يسيئون للمساهمين الآخرين ويقللون من شأنهم.

وهناك موسوعتان أخريان تنافسان وايكيبيديا بشكل مباشر هما ستيزينديوم (Citizendium) التي بدأها لاري سانغر أحد مؤسسي وايكيبيديا، ونول (Knol) التي أنشأتها مؤسسة غوغل. وتعتمد الموسوعتان على الخبراء والمحررين المخضرمين بدلا من المتحمسين ذوي الاطلاع الجيد.

ويعرب المساهمون في رفد ويكيبديا بالمعلومات والمقالات عن اعتقادهم بأن الموسوعة القيمة تستمد قوتها من اعتمادها على معرفة الكثيرين بدلا من الاعتماد على قلة منتخبة. ويقول غريغوري كرين رئيس تحرير مكتبة بيرسيوس الرقمية في جامعة تافت إنهم ربما كانوا على حق. إذ كتب في مقال له في العام 2005 أن قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية وضع خلال فترة 70 عاما وساهم في وضعه آلاف الناس بمن فيهم "سجين في مصحة للمجرمين المجانين."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي