التعليم والدراسة | نحو تحقيق أهداف المستقبل

10 كانون الأول/ديسمبر 2008

الطلاب يحتفون بالتنوع والتسامح عن طريق "الاختلاط" على موائد وجبات الغداء

برنامج خاص يتوخى تمكين الشباب من مناصرة العدالة الاجتماعية

 

من جفري توماس، المحرر في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن،- احتفى ملايين الطلاب في آلاف المدارس والجامعات في الولايات المتحدة وبلدان العالم الأخرى مؤخرا بالتنوع والتسامح بتناول وجبات الغداء معا جلوسا إلى موائد لا يلتقون عندها عادة بهدف الاجتماع أو "الاختلاط" مع مجموعات مختلفة من الطلاب. ويوم الاختلاط على الغداء جزء من حملة قومية هدفها تشجيع الطلاب على التساؤل عن الحواجز الاجتماعية وتجاوزها.

ويستخدم بعض المدارس هذه المبادرة كجزء من برنامج يستمر طوال السنة لتقصي الاختلافات ومد الجسور بين الطلاب المختلفين عرقيا وعنصريا ودينيا، وغيرها من الاختلافات، كالإعاقة والجنس والطبقات.

وعلى الصعيد الدولي، هناك مدارس مشاركة في هذا النشاط في أوروبا والشرق الأوسط وكندا وأميركا اللاتينية.

ويوم الاختلاط على الغداء جزء من برنامج تعليم التسامح التابع لمركز قانون فقر الجنوب الذي قدم مجانا منذ العام 1991 معلمين ومواد تعليمية للصفوف هدفها تعزيز فهم التنوع واحترامه. وكان مركز قانون فقر الجنوب قد أنشئ في العام 1971 مكتب محاماة يعمل للدفاع عن الحقوق المدنية ويحاول حل جرائم عدم التسامح التي بدون حل، وتحقيق العدالة وإنهاء الفصل العنصري في بعض المنظمات والمعاهد التي كانت تقاوم الدمج العنصري. ووسّع مركز الجنوب نشاطه في العام 1981 بحيث شمل مراقبة الجماعات التي تضمر أحقادا وكراهية عنصرية. وبدأ المركز في أوائل التسعينات من القرن المنصرم في تطوير برامج تعليمية نموذجية للتسامح آملا تزويد المعلمين بالأدوات الضرورية لمكافحة التعصب وآثاره الضارة قبل أن يقع الضرر.

غير أن العاملين في برامج التسامح آنذاك لم يرضوا ويقنعوا بمجرد نشاطات يوجهها المعلمون. فقد رأوا أن هناك حاجة لمنح الشباب صوتا وأسلوبا يجعلان لهم نشاطا في الصراع من أجل التسامح والعدالة الاجتماعية.

ووصفت سامانثا إليوت بريغز، مديرة مركز قانون فقر الجنوب، أصل الفكرة بقولها "كانت أشد ساعات الفصل (العنصري) اليومي في حياة الطفل هي ساعة الغداء. فكيف يمكنه أن يتعلم إذا كان يسير خائفا في الأروقة (الممرات) أو إذا كان لا يريد دخول الكافتيريا (المطعم) لتناول الغداء لأن كل واحد سينظر إليه أو يسخر منه، أو يخشى أن يكون وحيدا؟ فساعة الغداء يمكن أن تكون مؤلمة جدا تتسم بالعزلة بالنسبة لشاب لا يتناسب وجوده فيها."

وأضافت بريغز أن "الاختلاط يبدأ هناك في الكافتيريا في محاولة لتمكين الشباب من اتخاذ موقف والتنقل في الكافتيريا."

وقد تم نشاط سابع يوم الاختلاط على الغداء في 13 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن المدارس مدعوّة إلى تنظيم أيام اختلاط في أي يوم من الأيام.

وقالت بريغز إن ذلك "يمنح (الطلاب) الحرية، تحت غطاء نشاط الحدث الخاص، في أن يلتقوا فعلا مع أناس كانوا يتحاشون لقاءهم خجلا، وفرصة كي يعبروا عن أنفسهم أمام مجموعة من الناس ربما لم يمنحوهم أي وقت حتى في اليوم السابق. فهو في الواقع يوم من النوع الذي يتخلى فيه الجميع عن تحفظاتهم."

شاركت بريغز في نشاطات يوم الاختلاط على الغداء أول مرة عندما كانت تعلّم في جامعة ألاباما التي قالت إن "لها تاريخها الخاص في القضايا العنصرية والفصل العنصري. فلا تزال الأماكن العامة المشتركة (في الجامعة) منقسمة. فأغلبية الطلبة البيض يجلسون في ناحية، بينما تجلس أغلبية الطلبة السود في الناحية الأخرى."

وقالت إنها تركت للطلاب حرية اختيار الاختلاط كمشروع لتعليم الخدمات "فكان الطلاب يقولون دائما بعد (الاختلاط) ’إن هذا شيء يجب أن نفعله على أساس منتظم. لا ينبغي أن يكون يوم الثلاثاء في شهر تشرين الثاني/نوفمبر فقط. هذا أمر يجب أن نفعله في كل شهر.‘ ولذا حاولنا أن نجعله برنامجا على مدار السنة."

وتقول بريغز التي تقوم بزيارات سنوية إلى المدارس المشاركة في المشروع إن المعلمين الذين راودتهم شكوك في السابق يأتون إليها ليقولوا "نأمل أن يحسب حسابنا في أن نكون في الطابق الأرضي (حيث الكافتيريا) في السنة القادمة لأن الطلاب أفادوا كثيرا جدا أكثر بكثير مما كنا نتصور."

وتبيّن من استطلاع أجراه منظمو يوم الاختلاط على الغداء في العام 2008، أن البرنامج يؤدي إلى تفاعلات إيجابية بين الطلاب في خارج دوائرهم الاجتماعية، كما أنه زاد الوعي بالحواجز الاجتماعية والانقسامات في داخل المدارس. وقال أكثر من أربعة أخماس الذين جرى استطلاعهم إن الحدث ساعد الطلاب على تكوين أصدقاء جدد. وقال عدد مماثل إن ذلك زاد من إحساسهم  تجاه التسامح والعدالة الاجتماعية.

وبريغز متحمسة جدا لتعليم التسامح، فهي تقول "إن الطريقة التي ننظر بها إلى المشاكل الاجتماعية هي أن هذا العالم مشوش في الدرجة الأولى. فالكبار (الراشدون) لا يعتقدون أنها مشكلة، فهي بالنسبة لهم لا مشكلة، وإنما هي مسألة تحل نفسها بنفسها. وكل ما في الأمر هو أن على المرء أن يصمد. فهذا جزء من الحياة."

وترد بريغز قائلة إن "هذا ليس صحيحا. إذ لا ينبغي أن يكون جزءا من الحياة. فكم من الأطفال يعانون من اضطراب في الأكل لهذا السبب، وكم منهم انتحر، وكم من الأطفال تعاطى المخدرات، وكم منهم من ارتكب فورات من القتل الجماعي لأنه أسيء فهمهم وتم تجاهلهم؟"

وتقول بريغز "إن بناء احترام الذات من أصعب ما يمكن إنجازه من الأمور وأكثرها تحديا مع طفل" مشيرة إلى أن هؤلاء الشبان يمضون معظم أوقاتهم في المدرسة خلال أيام الأسبوع "ولذا يجب أن تتوفر للمعلمين والمعنيين الكبار وسائل دعم هؤلاء الطلاب ومساعدتهم على النشوء والتطور إلى كائنات سعيدة وموفورة العافية."

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي