التنوع | توفير حيز لنمو الجميع

27 آب/أغسطس 2008

قوانين الحرية الدينية تساعد في انتعاش ثقافة التسامح

البحاثة سكوت هانسون يناقش مسألة التنوع الديني في أميركا

 

من لويز فينير، المحررة في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن، 26 آب/أغسطس، 2008- قال خبير في مواضيع الهجرة والدين وشؤون المدن في أميركا أجرى دراسات وأبحاثاً عن حي سكني في نيويورك يصفه بأنه "ربما كان المكان الأكثر تنوعاً دينياً في العالم أجمع،" إن الانفتاح على الهجرة والقوانين التي تصون الحرية الدينية ساعدا في إيجاد الأوضاع الملائمة للتسامح الديني في الولايات المتحدة.

والحي الديني الذي ينصب اهتمام هانسون عليه هو حي فلاشينغ، في منطقة كوينز، الذي يضم أكثر من 200 مكان للعبادة ضمن رقعة لا تزيد مساحتها عن 6,5 كيلومترات مربعة. ومنطقة كوينز هي أحد الأقسام الإدارية الخمسة التي تشكل مدينة نيويورك.

وقال ر. سكوت هانسون، وهو مساعد أستاذ زائر للتاريخ في جامعة ولاية نيويورك (ستيت يونيفرستي أوف نيويورك) في بنغهامبتون وعضو في مشروع التعددية في جامعة هارفارد، إن حي فلاشينغ أصبح نموذجاً مثالياً على التعددية الدينية في الولايات المتحدة. وقد أجاب هانسون عن أسئلة حول التنوع الديني في أميركا في دردشة على الإنترنت نظمها موقع أميركا دوت غوف في 19 آب/أغسطس.

وأشار البحاثة إلى أنه في حين أن الكثير من المجتمعات المحلية الأميركية تتصف بالتنوع الديني، إلا أن كثافة مراكز العبادة الشديدة في فلاشينغ وانعدام النزاع الديني واسع النطاق في الحي يجعلانه مثالاً متميزا.

ويكفل التعديل الأول في الدستور الأميركي حق ممارسة الشعائر الدينية بحرية أو عدم العبادة إطلاقاً، ويحظر قيام الحكومة بإقامة دين قومي. وقال هانسن إن الحماية التي توفرها هذه "الحقوق الأساسية" ضرورية لخلق ثقافة تسامح.

وأضاف أنه "يبدو أن الظروف الملائمة للتنوع تنبثق من نظام حكم ديمقراطي يسمح بالهجرة ويصون الحرية الدينية من خلال القوانين."

وأوضح الأستاذ الجامعي في هذا الصدد بأنه رغم أهمية جهود المؤسسات الدينية والمنظمات الأهلية في تعزيز التسامح إلا أنها ليست كافية. وأردف: "يمكن للمرء أن يعثر على رسالة مشتركة تنادي بالتسامح في كل دين من الأديان الرئيسية في العالم، ولكنني أعتقد أن النظام الديمقراطي الذي يصون الحرية الدينية بواسطة القوانين هو الطريقة الوحيدة لضمان هذا."

ولحي فلاشينغ تاريخ طويل في مجال التسامح الديني. فقد أصدرت مجموعة من المستوطنين الأوائل في عام 1657 مذكرة علنية، "احتجاجاً،" شجبت فيه محاولة حكومة المستعمرة الهولندية فرض التمييز ضد طائفة الكويكرز (الصاحبيون). وقال هانسون إن "احتجاج فلاشينغ" كان من أوائل الجهود التي دعت إلى الحرية الدينية في الولايات المتحدة.

وأشار هانسون في مقال حول مشروع التعددية إلى أن هناك في فلاشينغ اليوم "ستة معابد هندوسية وهيكلين للسيخ وعدة مساجد ومعابد بوذية، يابانية وصينية وكورية، وهيكلاً طاوياً وأكثر من 100 كنيسة كورية وكنائس إنجيلية بروتستانتية لمهاجرين من دول أميركا اللاتينية، بالإضافة إلى ممارسي طقوس فالون غونغ الصينية وأتباع كنيسة شهود يهوه والكنيسة المورمونية... علاوة على بعض أقدم الكنائس والكنيس (الهياكل اليهودية) في المدينة."

وقال للمشاركين في الدردشة على الإنترنت إن معظم الزيادة في عدد سكان فلاشينغ ومنطقة كوينز نفسها تعزى إلى الهجرة من دول أميركا اللاتينية وشرق وجنوب آسيا.  وقد أظهر إحصاء السكان الذي أجري في عام 2000 أن أكثر من نصف سكان فلاشينغ هم من الأميركيين-الآسيويين، وأن منطقة كوينز أصبحت الآن أكثر مناطق الولايات المتحدة تنوعاً إثنيا.

وأضاف هانسون: "أعتقد أن السؤال الحقيقي الذي يدور في خلد الناس الآن بالنسبة للقرن الحادي والعشرين هو ما إذا كانت الأحياء، كحي فلاشينغ، قد أصبحت الآن متنوعة إلى حد مفرط يحول دون إحساس سكانه بأنهم ينتمون إلى مجتمع محلي واحد." واستطرد قائلاً إن من الممكن أن يشكل هذا مشكلة بالنسبة للمهاجرين من الجيل الأول وحديثي الوصول الذين "يحتاجون إلى الوقت للاستيطان وتشييد المؤسسات والاندماج" قبل أن يشعروا بأنهم جزء من المجتمع المحلي الذي يعيشون فيه."

ولكنه مضى إلى القول إن "الأميركيين-الآسيويين الذي ترعرعوا في فلاشينغ يتعاطون أكثر من أولياء أمورهم في شؤون المجتمع المحلي السياسية."

وأشار إلى أنه كانت هناك عدة محاولات منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي "قام بها زعماء دينيون وفعاليات محلية للجمع بين مجموعات دينية وإثنية مختلفة في المجتمع المحلي." وأوضح أن هذه المحاولات جاءت عادة كرد فعل على حوادث تخريب متعمد أو تعصب أعمى أو حوادث كالهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر، 2001،" ولكنها (أي المحاولات) كانت تتلاشى بعد ذلك. ونتيجة لهذا، فإن التفاعل بين الجماعات المختلفة ظل محدوداً وسطحياً نسبياً، وإن كان الزعماء قد تعرفوا على بعضهم بعضاً على الأقل."

وقال إنه "لم تظهر محاولة أكثر تنظيماً لرأب الصدع والتوصل إلى أرضية مشتركة إلا في الفترة الأخيرة."

ومضى هانسون إلى القول إن "الدراسات الحديثة تظهر أن أبناء الجيل الثاني والجيل الثالث (من سلالات المهاجرين) يصبحون في نهاية الأمر أكثر انخراطاً في المجتمع المدني، كما بدأ المرء يشاهد في فلاشينغ الآن من خلال مثال عضو مجلس المدينة، جون ليو، أول أميركي آسيوي يشغل ذلك المنصب." ويمثل ليو، الذي ولد في تايوان ووصل الولايات المتحدة وهو في الخامسة من العمر، المنطقة الشمالية الشرقية في كوينز في مجلس مدينة نيويورك.

ثم خلص الأستاذ الجامعي الأميركي إلى القول: "أتكهن بأنه سيكون هناك قدر أكبر بكثير من المشاركة المدنية ومن النشاط ذي المغزى بين الأديان في الأعوام القادمة."

وتجدر الإشارة إلى أن هانسون هو مؤلف كتاب "مدينة الآلهة: الحرية الدينية والهجرة والتعددية في فلاشينغ، بكوينز-مدينة نيويورك، 1945-2000،" المقرر صدوره في العام 2009.

نهاية النص

احفظ ضمن مفضلاتك عبر:     المفضل؟ كيف أختار مقالي