لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ طباعة ارسال لصديق
 

بيان الأدميرال "ويليام فالون"، البحرية الأميركية،  قائد قيادة المنطقة الوسطى الأميركية أمام لجنة  القوات المسلحة في مجلس الشيوخ  حول وضع قيادة المنطقة الوسطى الأميركية 18 أبريل/نيسان  2007

لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ


1- مقدمة

سيدي الرئيس، السادة أعضاء اللجنة:

نيابة عن أفراد قيادة المنطقة الوسطى الأميركية من الرجال والنساء، أود أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي للإدلاء بالشهادة حول وضع قيادتنا، ولتقديم تقييماً للوضع الأمني والاستقرار في منطقة مسؤوليتنا.

إن القيادة في عامها السادس على التوالي من العمليات القتالية وتواصل منطقتنا في مواجهة انعدام الأمن الذي يضاعفه التطرف الميال للعنف.  وتركز العمليات في العراق على توفير الأمن للسكان وفي نفس الوقت زيادة قدرات الحكومة وقوات الأمن العراقية على الدفاع عن شعبها وتأمينه.  وفي أفغانستان، تستمر الجهود في مساعدة الحكومة التمثيلية الجديدة بتوفير التعليم والتدريب والحوكمة، وأيضاً بالدعم في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن.  ويتطلب تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة التطبيق المُرَكَّز والمُنَسَّق للقوة العسكرية، كما يتطلب جهداً قوياً بين الوكالات.  وعن طريق مساعدة الأشخاص على إدارة التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، يمكننا أن ندعم مصالح السلام والحكومة التمثيلية.

وفي أسابيعي الست الأولى كقائد لقيادة المنطقة الوسطى، سافرت إلى العديد من الدول والتقيت شخصياً بالزعماء لمناقشة الوضع في المنطقة وللحصول على دعمهم لجهودنا.  وهناك عدد من الانطباعات تشكل تقييمي الكلي، وهو انطباع التفاؤل الحذر.

إن أولويتنا الأولى هي تحقيق الاستقرار والأمن في العراق، حيث أن العنف الطائفي المتواصل يهدد العراق والمنطقة ككل، ويمنع حدوث التقدم الاقتصادي الضروري.  وهناك ضرورة لكل من الأمن والفرص الاقتصادية لإقناع الشعب العراقي بأنه من الممكن الحصول على حياة أفضل.  ويفهم الزعماء العراقيون في بغداد أن قدرتهم على بث الثقة في نفوس السكان هي شيء لازم وضروري لنجاحهم في إحلال الاستقرار في البلاد، وأنه يلزم عليهم أن يتخذوا قرارات حول الحوكمة تكون ذات طابع تمثيلي لجميع أطياف السكان.  ومع أن المصالح الطائفية تعمل بكثرة في محاولة لتقسيمهم، فإن أعداد ضخمة من الشعب العراقي يُظْهِرون أنهم قد سئموا من العنف وأنهم مستعدون للتعاون مع قوات الأمن العراقية وقوات الائتلاف.

وفي أفغانستان، أعتقد أنه قد تم وضع أساس الأمن والحوكمة.  فالغالبية العظمى من السكان تؤيد الحكومة التمثيلية والرخاء، وليس وحشية حركة طالبان، وهم يهبون ويقاتلون من أجل مستقبل بلادهم.  وتنمو قدرات قوات الأمن الأفغانية، ولا سيما الجيش الوطني الأفغاني، كما أن الجيش الوطني الأفغاني متحمس ولديه قيادة جيدة.  إلا أن أجزاء كثيرة من البلاد لم تعرف أبداً الحكم المركزي، وتفتقر للخدمات الاجتماعية الأساسية والبنية التحتية، وتحتاج بشدة للمزيد من القدرات من أجل تلبية احتياجات السكان الذين يتعرضون للضغط من حركة طالبان.  

ومع أن العراق وأفغانستان بحاجة لجيرانهما لمساعدتهما، فإن إيران وسوريا لم يتعاونا في الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب وتشجيع المصالحة.  وسياستهما وأعمالهما تهدد الأمن الداخلي لجيرانهما والاستقرار الكلي للمنطقة.

إن النظام الإيراني يقدم الدعم المادي للمتطرفين الذين يلجأون للعنف في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين.  فهو يمد الميليشيات الشيعية في العراق بالتدريب والتمويل والأسلحة، بما فيها العبوات الناسفة القاتلة.  كما أنه يواصل في تقديم الأموال والأسلحة لحزب الله، الذي يهدد الحكومة الشرعية في لبنان.  

وقد كان أكثر أنشطة إيران إخلالاً بالاستقرار سعيها للحصول على تكنولوجيا الأسلحة النووية في تحد للمجتمع الدولي، والهيئة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.  إن إيران المسلحة بالأسلحة النووية ستشكل المزيد من التهديد للاستقرار الإقليمي، وربما تدفع المنطقة إلى سباق للتسلح، وتزيد من احتمال حصول المتطرفين على أسلحة الدمار الشامل.

لا تزال الحكومة السورية تتدخل في شؤون لبنان.  كما أن دعمها لحزب الله يتسبب في تقويض الاستقرار بالبلاد، وهي تعرقل التحقيق في اغتيال "رفيق الحريري".

وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، سافر إرهابيون ومفجرون انتحاريون ومقاتلون أجانب عبر سوريا لمهاجمة القوات العراقية وقوات الائتلاف.  وقد تغاضت الحكومة في دمشق عن تواجد وعمليات المتمردين العراقيين السنة الذين أججوا القتال في بغداد وفي أماكن أخرى من البلاد.

وفي لبنان، تواجه الحكومة جماعات المعارضة والاحتجاجات العنيفة، لكن قوات الجيش اللبناني تحفظ نظاماً هشاً.  وقد وقف مئات الآلاف من اللبنانيين علانية ضد الاغتيال والإرهاب، ولتأييد حكومتهم المنتخبة ولمستقبل سلمي ومزدهر.  ويستمر المجتمع الدولي في دعم الحكومة المنتخبة من قِبَل الشعب في بيروت وقواتها الأمنية النظامية الشرعية.

وفي منطقة القرن الأفريقي، يستمر السودان في تحدي المجتمع الدولي ويقاوم نشر قوة حفظ سلام فعالة تابعة للأمم المتحدة في دارفور.  ولم تتفق إثيوبيا وإريتريا بعد على الشروط لترسيم حدودهما المشتركة، وقد فرضت إريتريا بعض القيود على عمليات الأمم المتحدة هناك.  وقد اتهمت إثيوبيا حكومة الرئيس "إسياس أفورقي" برعاية الجماعات المسلحة والمتطرفين الميالين للعنف في الصومال، حيث يظل الوضع غير مستقر.  وبعثة الاتحاد الأفريقي للصومال غير قادرة على توفير الأمن خارج مواقعها العسكرية، ما يؤدي إلى وجود بلد مُعَرَّض لعودة تنظيم القاعدة والحركات المرتبطة به.

هذه الانطباعات تُسَلِّط الضوء على كل من التحديات والفرص في منطقة مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى.  ونحن نشارك مشاركة كبيرة في عدة مناطق، لكن لدينا عناصر أساسية للنجاح في دعم المصالح الأمنية الأميركية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.  فالجنود والبحارة والملاحون الجويون وجنود المارينز المكرسون، الذين يعملون مع شركاء الائتلاف وشركاء الوكالات الأخرى، هم الذين يقودون الطريق.  ويعمل معنا حلفاء أوفياء، كما أن الشركات القوية مع الدول الصديقة تُسَهِّل من مساعينا.  وهناك ما يزيد عن 800.000 شخص في المنطقة يخدمون في القوات الأمنية بتلك الدول، وهم يخاطرون بحياتهم من أجل محاربة الإرهاب.  وهم يمثلون صوتاً قوياً للأمل، والانتصار في نهاية الأمر، عن طريق القتال، والموت في أحيان كثيرة، من أجل ضمان عدم خضوع بلادهم للتطرف والإرهاب.

وفيما نمضي للأمام، فإن مبادراتنا مُنَظَّمة في خمسة مجالات تركيز: تهيئة الأوضاع للاستقرار في العراق؛ بسط الحوكمة والأمن في أفغانستان؛ إضعاف الشبكات والعمليات المتطرفة العنيفة؛ تعزيز العلاقات والتأثير على الدول للإسهام في الاستقرار الإقليمي؛ وضبط وضع القوة لبناء وإدامة القدرات القتالية المشتركة والمُجَمَّعة والاستعداد القتالي.

2- تهيئة الأوضاع للاستقرار في العراق

تقود القوة المتعددة الجنسيات بالعراق التابعة لقيادة المنطقة الوسطى حوالي 145.000 جندي أميركي و12.600 جندي من الائتلاف من 26 دولة يعملون على تطوير قدرات الأمن والحوكمة الحرجة.  وهدفنا المشترك هو حكومة تمثيلية في العراق يمكنها الحفاظ على حكم القانون واحترام حقوق المواطنين وتوفير الأمن وتكون حليفاً في الحرب على الإرهاب.

ويتطلب تحقيق هذه الأهداف الاهتمام المُرَكَّز من كافة عناصر الحكومة الأميركية.  وقد أدى تفجر العنف الطائفي، الذي سلط الضوء عليه تفجير شبكة القاعدة لمسجد الإمام العسكري في سامراء يوم 22 فبراير/شباط 2006، أدى إلى إحداث تغيير دراماتيكي في الوضع الأمني والسياسي.  وبعد تحمل حوالي ثلاث سنوات من الهجمات التي شنها بصورة رئيسية الإرهابيون والمقاتلون الأجانب، انتقم مسلحو الشيعة بشن حملة موسعة من عمليات الاختطاف والتعذيب والقتل.  وقد أصبح العنف الطائفي متواصلاً ويهدد التقدم السياسي والاقتصادي.

ومع الزيادة المتواصلة لقوات الأمن العرقية والأميركية والالتزام المتجدد ما بين الوكالات، أعتقد أنه يمكننا تحقيق المزيد من الأمن دعماً للعملية السياسية العراقية الناشئة.  وقد أدت الزيادة من القوات العسكرية الإضافية إلى بغداد في عملية "فرض القانون" إلى تعطيل العناصر المتطرفة، كما أدت إلى خفض، على الأقل مؤقتاً، من العنف العرقي، وقد رحبت بها غالبية سكان المدينة.  ويمثل إنشاء مراكز الأمن المشتركة بعض الأمل الدائم في تحسين التنسيق بين القوات العراقية وقوات الائتلاف وتواجدها في الأحياء.  وأعتقد أن هذه المراكز سوف تُحَسِّن أيضاً الوصول إلى المعلومات حول أنشطة المتمردين. 

وفي ضوء ذلك، أدرك أن لدينا فرصة محدودة نستفيد فيها من الإمكانات التي توفرها لنا الزيادة في القوات.  يلزم أن يرى السكان المحليون نتائج ملموسة ليحصلوا على إحساس بمستقبل أكثر أملاً، ونتيجة لذلك، يبدءون في الإيمان ببدائل للتطرف.

لدى جماعات التمرد في العراق دوافع متعددة، كثيراً ما تكون متعارضة، لإدامة العنف.  إلا أن الخيط المشترك بينها هو معارضتها للوجود الأميركي ووجود الائتلاف والرفض لقبول شرعية حكومة شاملة وممثلة لأطياف الشعب.  وتسعى القاعدة في العراق للتحريض على حرب طائفية بين العرب السنة والشيعة من خلال هجمات خسيسة وضخمة على المدنيين.  وهناك دعم شعبي ضئيل جداً لهذه الجماعات.  ويبدو أن بعض المجتمعات المحلية السنية تقاوم التخويف الذي تمارسه شبكة القاعدة في العراق.  حيث بدأ عدة زعماء محليون ومؤيدوهم في تقديم الدعم النشط لقوات الشرطة العراقية وقوات الجيش العراقي النظامية ضد تهديدات المتطرفين.

وتسعى بعض الميليشيات الشيعية، ولا سيما جيش المهدي، إلى زيادة نفوذها السياسي وتوسيع الأنشطة غير المشروعة تحت ستار حماية مجتمعاتها المحلية.  وهذه الجماعات تهدد الاستقرار وتقوض الثقة في قوات الأمن العراقية والحكومة المركزية.  وفرق الموت التابعة لها مسؤولة عن غالبية العنف الطائفي ضد السنة في بغداد.  وتشكل مسألة تغلغل أعضاء هذه الجماعات في الشرطة أمراً صعب الحل على نحو خاص، حيث أنها تقوض الثقة في المؤسسات العراقية الناشئة. 

وتعتمد عملية تحييد هذه الجماعات جزئياً على تعطيل الدعم الذي تحصل عليه من دول الجوار، حيث أن نقل التكنولوجيا الفتاكة والأسلحة والأموال من عناصر في إيران إلى الميليشيات الشيعية يهدد الاستقرار.  وبنفس الطريقة، فإن المتطرفين العرب السنة مستمرون في تلقي المساعدات المعنوية والمادية واللوجستية الخارجية من داعمين خصوصيين في سوريا وغيرها من البلاد.  ولمواجهة هذه المؤثرات ولقطع خطوات جريئة لعبور الانقسامات الطائفية، فإن الحكومة العراقية بحاجة للحصول على دعم مستمر من المجتمع الدولي ومن جيرانها.     

لا أعتقد أن هذه الفصائل المختلفة في العراق تتشارك في رؤية متشابهة تتعلق بأرضية سياسية وسطى شاملة، كما أنها لا تتفق على الطريقة التي تصل بها إلى هذا الأمر.  يلزم على الحكومة العراقية أن تمضي للأمام نحو الإدماج عن طريق تمرير تشريعات حول المصالحة، ومشاركة عائدات النفط والغاز، وسلطات المحافظات.  وعلاوة على ذلك، فإن إجراء انتخابات المحافظات في وقتها وتمرير التعديلات الدستورية حول الأمور التي تم الاتفاق عليها العام الماضي سيقلل من حوافز العنف.

كما أجد أن التنفيذ السيئ للميزانية قد منع تطوير البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية لمواطني العراق.  وفي حين أن فرق إعادة إعمار المحافظات تساعد في تحسين أداء الحكومة المحلية وقدراتها، فإن عملية تأسيس الحوكمة الجيدة طويلة الأجل سوف تستغرق وقتاً طويلاً.  وعلى المدى القريب، فإن المجتمعات المحلية ستستفيد من برامج خلق الوظائف، ومن التوسيع الكبير لبرامج القروض متناهية الصغر، وإعادة تأهيل الشركات المملوكة للدولة القابلة للحياة التي يمكن افتتاحها للقيام بالأعمال بسرعة.

ولا تزال عملية تطوير قوة أمنية عراقية فعالة وذاتية الاكتفاء تحتل قمة الأولويات.  وفي يناير/كانون الثاني 2006، كان هناك 230.000 عضو في قوات الأمن المُجَمَّعة.  أما اليوم، فيوجد أكثر من 330.000 جندي ورجل شرطة مجهز ممن تلقوا تدريبات ويلعبون دوراً متزايداً في مواجهة المتطرفين والمجرمين.  كما أن قوات الأمن العراقية توسع عمليات القيادة والتحكم كجزء من خطة أمن بغداد.

وفيما ننظر للأمام، فسوف نستمر في نقل المسؤوليات للحكومة العراقية حسبما تسمح الظروف.  وينبغي أن يعطي هذا الشعب العراقي المزيد من الثقة في بناء وإدامة مؤسساته.

إن تحقيق أهدافنا الاستراتيجية في العراق سيتطلب الجهود المُرَكَّزة لقدرات حكومتنا، ومشاركة الفصائل العراقية الرئيسية وتقليل المؤثرات الخارجية التي تقوض الاستقرار، والأهم من هذا كله، القيادة الشجاعة والجيدة المتواصلة من جانب الحكومة العراقية. 

3- بسط الحوكمة والأمن في أفغانستان

إن التهديد الرئيسي الذي يشكله متمردو حركة طالبان يعمل في أغلبه في الولايات الجنوبية والشرقية من البلاد.  وفي حين أنهم يظلون غير متمتعين بالشعبية في معظم المناطق، فإن الجيوب الصغيرة من المتطرفين المتشددين عازمة على تأكيد سيطرتها وتقويض الحكومة الميالة للإصلاح.  وفيما مدت قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) التابعة لحلف الناتو عملياتها العام الماضي للمناطق التي لم يكن متنازعاً عليها من قبل، فإن هجمات المتمردين زادت إلى أعلى مستوياتها منذ سقوط حركة طالبان عام 2001.  إلا أن مستوى العنف استقر في شهر أكتوبر/تشرين الأول وظل أقل من مستوياته معظم الشتاء.  

نتوقع أن تزداد أنشطة طالبان من الآن حتى الصيف لكننا نعتقد أن توقعات شن هجوم ضخم من قبل طالبان مبالغ فيها.  وعلى الرغم من القدرة على التسبب في مستويات مرتفعة من العنف المحلي، فإنها غير قادرة على إلحاق الهزيمة العسكرية بالجيش الوطني الأفغاني وقوات الائتلاف.  وفي حين أننا سنواصل في مواجهة تهديدات المتمردين عسكرياً، فسوف نعمل مع الوكالات الأخرى ومع جهد دولي واسع النطاق لمساعدة الأفغان على توسيع الحوكمة وتشجيع التنمية الاقتصادية.  

إن تحسين الحوكمة الأفغانية والبنية التحتية والاقتصاد يتطلب جهداً مُنَسَّقاً.  وتتمثل الأولويات في الطرق والكهرباء، يأتي بعدها التنمية الزراعية والقروض الصغيرة ومهارات الوظائف والتعليم.  وتنخرط قوة إيساف على نحو نشط في المبادرات في هذه المجالات، من بناء المدارس وإمدادها بالإمدادات إلى تشجيع وحث نمو المشاريع الصغيرة.  وإلى أن يكون هناك مؤسسات حكومية مستدامة وبديل قابل لحياة لمحصول الخشخاش الأفغاني، فإن تهريب الأفيون سيظل جزءاً رئيسياً في مستقبل البلاد.

وبالإضافة إلى أنشطة إعادة الإعمار والتنمية، فقد ركزت الجهود على الجيش الوطني الأفغاني.  والآن بعد أن وصل الجيش إلى 50 بالمائة من قوامه النهائي المطلوب، فإن جنوده البالغ عددهم 35.000 جندي يتمتعون بمستوى عال من الدعم من الشعب، وينمون على نحو مطرد في الكفاءة والفعالية والاحترافية.  ومع أننا أحرزنا بعض التقدم في توفير الأفراد للشرطة الوطنية الأفغانية والدوريات الحدودية، التي تتكون في الوقت الراهن من حوالي 46.000 ضابط، فإن هذه القوات لا تزال متأخرة بعدة خطوات وراء الجيش.  وفيما تصبح قوات الأمن الأفغانية قادرة على حفظ الأمن وتنمية القوات، فإننا سوف نقوم بنقل المسؤوليات إليها وننتقل إلى علاقة أمنية طويلة الأجل.

وعلى الرغم من التطورات الإيجابية في قوات الأمن الوطنية الأفغانية، فإن الأمن طويل الأجل يتطلب التعطيل الفعال للعمليات المتطرفة عبر الحدود.  لذا فإن التعاون الأمني الضروري مع باكستان آخذ في الازدياد، لكن هناك المزيد من الأعمال التي يلزم تنفيذها.  وفي حين أن مسائل أمن الحدود والملاذات الآمنة للمتمردين تمثل مشاكل صعبة، فإن التنسيق على المستويات التكتيكية في كلا البلدين ومع قوة إيساف آخذ في الازدياد.  ومن المتوقع أن يفضي هذا إلى المزيد من إجراءات بناء الثقة وإلى المزيد من الجهود المشتركة القوية.  كما يمكن للتعاون ثلاثي الأطراف بين قوة إيساف وباكستان وأفغانستان لتحسين الحوكمة وحكم القانون والتجارة في المناطق الحدودية أن يساعد على القضاء على ملاذات المتطرفين.  وفي غضون هذا الوقت، فقد احتفظت قوة إيساف بالمبادرة، حيث قامت بتطهير وعزل ملاذات العدو في بعض الأماكن مثل ولاية هلمند منذ الخريف الماضي.  وفي العمليات المتواصلة مثل "ميدوسا" و"أخيلوس"، قامت قوات إيساف بتبني نهج متعدد الأوجه للتطهير والإمساك والبناء.  وقامت بقتل واعتقال بعض زعماء حركة طالبان وبقطع خطوط الاتصال بينهم، وفي نفس الوقت كانت تعمل على نحو نشط في مشاريع التنمية في المناطق المحيطة.  وهذه العمليات تُشَجِّع السكان في تلك المناطق على نبذ المتمردين، ليس هذا وحسب ولكنها تُظْهِر بوضوح التناقض بين الواقع المظلم الذي تمثله طالبان وبين الصحة والرخاء اللتين تتمتع بهما المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

يوجد إحساس عام بالتفاؤل والإصرار بين الزعماء الأفغان والشعب الأفغاني.  فهم يُعَبِّرون بانتظام عن تقديرهم للمساعدات التي نقدمها، ونعتقد أن الأمور قد تحسنت منذ العام الماضي.  ويلزم علينا أن نساعدهم على النجاح.

4- إضعاف الشبكات والعمليات المتطرفة العنيفة

سواء كان التطرف الميال للعنف ترعاه إيران أو تُمَكِّنه جهود خلخلة الاستقرار التي تقوم بها سوريا أو تدفعه بعض الشبكات مثل القاعدة والحركات المرتبطة بها، فإنه يمثل خطراً داهماً لأمن المنطقة والعالم.  يلزم أن نحدد هذا التهديد وأن نعبأ أنفسنا ضده ونواجهه حيث أن رؤيته الفوضوية العالمية وتكتيكاته القاتلة تهدد الناس والاستقرار على مستوى العالم.  وفي حين تتواصل جهودنا في العراق وأفغانستان، فسوف نستخدم كافة الوسائل المتاحة لنا لبناء قوة دفع إقليمية ودولية للسلوك المعتدل وفي نفس الوقت نقوم بتقويض الدعم الذي تلقاه الأيدولوجيا المتطرفة الميالة للعنف.

والأولوية القصوى لنا في جهود مكافحة الإرهاب التي نقوم بها هي إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة.  وجزء من هذه الجهود، لكنه لا يمثل الغاية نفسها، يتمثل في تدمير زعماء القاعدة.  ومنذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول، فقد قمنا نحن وشركاؤنا باعتقال إرهابيين أو قتلهم، وقللنا الملاذات الآمنة، ودفعنا الزعماء للاختباء في الجحور، وقلصنا من مساحة العمليات.  وعلى الرغم من هذه الجهود، فإنه لا تزال توجد تحديات حيث يعكف أعداؤنا على إعادة بناء شبكاتهم.  ومن الأمور شديدة الأهمية في مواجهة المتطرفين الميالين للعنف هو حرمانهم من ملاذاتهم الآمنة، ومن الدعم الذي يتلقونه من الدول ومن خطوط الاتصالات التي تزودهم بالاحتياجات.  إن هؤلاء الإرهابيين الإسلاميين المسلحين يجتذبون المتطوعين من مصدر ضخم من الشباب الساخط على مستوى العالم.  ولسوء الحظ، فإن تكتيكاتهم وأيديولوجيتهم الراديكالية لا تزال لم يتم تحديها على الإطلاق تقريباً من قِبَل أصوات الاعتدال.  واستجابة لذلك، فإننا سوف نعزز قدراتنا الاستخبارية، ونطور من قدرات الأمم الشريكة لنا، ونزيد من عملية تبادل المعلومات، ونعطل خطوط الاتصالات غير القانونية، ونعمل على الحيلولة دون حصول التنظيمات الإرهابية على أسلحة الدمار الشامل واستخدامها.  وسوف تتطلب كل هذه الإجراءات التنسيق والتعاون بين الوكالات وبين دول العالم.

والشيء الذي له نفس الأهمية في هزيمة القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة هو نزع شرعية الحركات الاجتماعية والسياسية التي تدعمها.  وبهدف تقليص الحركات الاجتماعية الراديكالية التي يحصل أعداؤنا منها على قوتهم، يلزم أن نبقي على الضغط العملياتي على شبكاتهم وفي نفس الوقت نبني القدرات في الحوكمة والأمن التي تساعد المجتمعات المتعرضة للخطر على التطرق للمشاكل التي تغذي المظالم الداخلية والمحلية.  ويتطلب هذا العمل تمكين الخبراء الموثوق بهم من كشف الأخطاء والتناقضات الداخلية في أيديولوجيا العدو، ومن تقديم نظرات عالمية بديلة منافسة قابلة للحياة، وتحدي "الملاذات الآمنة" الفكرية التي تتطور فيها الأفكار المتطرفة.

5- تعزيز العلاقات والتأثير على الدول والمنظمات

من أجل زيادة احتمالات الاستقرار والأمن طويل الأجل في المنطقة، نعمل على تعزيز العلاقات بين دول المنطقة والولايات المتحدة.  كما نحاول التأثير على الدول والمنظمات مثل مجلس التعاون الخليجي والكيانات العملياتية للإسهام في الاستقرار الإقليمي والعمل لضمان التدفق الحر للتجارة والنمو الاقتصادي الإيجابي.

إن برنامج التعاون الأمني الميداني التابع لقيادة المنطقة الوسطى قائم على أساس من العلاقات الدائمة، ولهذه الغاية، فإني أؤيد عملية السلام في الشرق الأوسط.  لذا فإن الجهود المتزامنة لكافة العناصر في القوة الدولية الأميركية هامة وضرورية.  ونحن محظوظون بأن لدينا عدد كبير من الدول الشريكة القريبة الموثوق بها.  وخمس من هذه الدول، وهي مصر والأردن والكويت والبحرين وباكستان، هي دول حليفة كبيرة من غير حلف الناتو، ومن هذه الدول، فإن الأردن والبحرين هي دول شريكة في اتفاقية التجارة الحرة.  وتُمَكِّن استراتيجية التعاون الأمني الميداني خاصتنا الاستقرار الإقليمي وتدعم إحراز التقدم في الجهود الأمنية التي تحمي المصالح القومية الحيوية للولايات المتحدة، وتساعد الشركاء في بناء القدرات لمحاربة الإرهاب وفي أن تصبح معتمدة على نفسها.

وتقوي برامج التعاون الأمني الميداني ومناورات التدريب العسكري المشتركة من القدرات العسكرية لدى شركائنا، وتزيد من تعاونها العملياتي مع القوات الأميركية، وتُشَجِّع التنمية المهنية، وتضمن الوصول، وتعزز من عملية تبادل المعلومات الاستخبارية والمعلومات.  والأهم من هذا كله، فإن هذه الجهود تغذي العلاقات الشخصية وتبني الثقة المتبادلة بين العسكريين الأميركيين والعسكريين من الدول الشريكة.

ونحن مستمرون في دعم هذه البرامج كمسألة أولوية قصوى.  وسواء كانت أنشطة تابعة لوزارة الدفاع، أو يتم السداد مقابلها من موارد وزارة الخارجية، مثل المبيعات الخارجية العسكرية وبرنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي، فإن المساعدات التي نقدمها لأصدقائنا في المنطقة ضرورية في بناء شراكات أمنية طويلة الأجل.

والمساعدات الخارجية العسكرية مفيدة في مساعدة شركائنا في بناء قوات حديثة قادرة يمكنها الاندماج في عمليات الائتلاف بصورة أكثر سهولة.  بيد أن التأخيرات الإدارية الطويلة وأوقات تدبير الاحتياجات الطويلة تُقَوِّض قدرتنا على الاستجابة للتهديدات الناشئة.  ويساعدنا تمويل 1206 المُوَسَّع على التطرق للمشكلة عن طريق السماح لوزارة الدفاع بأن تمول أنشطة التعاون الأمني مباشرة.  إلا أن تمويل 1206 المُوَسَّع بمبالغ بالدولار الأميركي وتضمين القوات الأمنية الداخلية من الدول الشريكة المساهمة في محاربة الإرهاب سيكون مفيداً.   

سوف أعمل على تقوية العلاقات مع شركائنا وحلفائنا الدوليين الذين يساهمون بطرق عديدة في بناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة.  وأود الآن أن أعطي لكم بعض الأمثلة التي تبين الأهمية الحرجة لعلاقاتنا في المنطقة.

دول الخليج العربي.  إن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وهي البحرين، الكويت، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هي دول شريكة مهمة في المحافظة على الاستقرار في الخليج.  وسوف نعمل عن كثب مع هذه الحكومات وقواتها الأمنية لتطوير برامج تعاون أمني ثنائية قوية وبناء الثقة والقدرات في قواتها.

وقد كانت كل واحدة من تلك الدول شريكاً قيِّماً في جهودنا الأمنية الثنائية.  وقد ساعد المركز البحريني المشترك لمكافحة الإرهاب عدة وكالات في حكومتها على الاستعداد للهجمات الإرهابية المحتملة.  وفي مركز الحرب الجوية الخليجي، تستضيف الإمارات العربية المتحدة مناورات جوية تبني التعاون متعدد الأطراف والتعاون العملياتي بين مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن.  تقدم قطر دعماً ممتازاً كدولة مضيفة لمركز عملياتنا الجوية والمقر الرئيسي الأمامي لقيادة المنطقة الوسطى.  وفي عام 2006، استضافت مرة أخرى مناورة الرد السريع متعدد الجنسيات "تصميم النسر"، ونجحت في تخطيط الأمن وتنسيقه والإشراف عليه في دورة الألعاب الآسيوية بالدوحة.  أما عمان، وهي دولة تحتل موقعاً استراتيجياً في المنطقة، فهي تتشارك مع القوات الأميركية في مناورات وأنشطة أخرى للمساعدة على المحافظة على تدفق التجارة العالمية ولتأمين خط ساحلها وحدودها الطويلة.  وفي عام 2006، أجرت قيادة المنطقة الوسطى 38 مناورة عسكرية مشتركة في منطقة الخليج العربي مع هذه الدول.

ولا تزال المملكة العربية السعودية شريكاً حيوياً، وقد أدت حملتها ضد الإرهاب إلى إضعاف عمليات القاعدة بصورة كبيرة في شبه الجزيرة العربية.  وسوف تربط قيادة المنطقة الوسطى مبادراتها على نحو وثيق مع جهود الحكومة الأميركية الأوسع للعمل مع السعوديين في جهودهم الرامية لإلحاق الهزيمة بالتهديدات ولتشجيع الإصلاح.  ومن المقرر إجراء ثمان مناورات عسكرية مشتركة في عام 2007، وكلها تهدف لزيادة التعاون وتطوير قدرات الأمن بالمملكة.  وسوف تثبت جهود التعاون الأمني التي نقوم بها أهميتها المتزايدة فيما نطور من جهود الأمن متعددة الأطراف ومبادرات مكافحة انتشار الأسلحة في منطقة الخليج العربي.  وهي تهدف لردع المؤثرات التي تقوض الاستقرار ولحماية أصدقائنا والمصالح الأميركية من الاعتداء. 

كما توفر شراكاتنا مع هذه الدول إمكانية الوصول الضرورية للقواعد والمواني، وحقوق التحليق الفوقي، والمزيد من حماية القوات للوحدات الأميركية في المنطقة.  وقد كانت شراكتنا القوية مع الكويت قائمة منذ حوالي 20 عاماً.  وتظل الكويت داعماً مستمراً لجهود الائتلاف، وهي تستضيف قيادة المكون البري للقوات المشتركة، وتخدم كنقطة التشهيل الرئيسية للقوات والمعدات التي تتناوب في الدخول للعراق والخروج منه.  لا يمكنني أن أتخيل العمليات في العراق بدون الدعم الكبير من الكويت.  أما البحرين فهي أحد شركائنا طويلي الأمد وقد رحبت بالبحرية الأميركية لمدة ستين عاماً.  كما أنها مقر القوات البحرية الأميركية بقيادة المنطقة الوسطى والأسطول الخامس الأميركي.  ومع أنه هذه الدول ليست كبيرة، فإن كل واحدة منها تُسْهِم بصورة كبيرة في تحقيق مستقبل أفضل لكافة شعوب منطقة الخليج العربي.

مصر.  لا تزال جمهورية مصر العربية حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الحرب ضد التطرف في المنطقة.  وهي تدعم بقوة عملية السلام في الشرق الأوسط، وقد قامت بنشر قوات للحفاظ على الاستقرار في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.  وقد كانت مصر صوتاً معتدلاً في المناقشات مع سوريا ولبنان، ومع حركتيّ فتح وحماس،  وقد كانت من بين أولى دول المنطقة التي ترسل إمدادات إنسانية للبنان وتتطوع بتقديم مساعدات للقوات المسلحة اللبنانية.  كما أن وضعها كحامية لقناة السويس وكمدخل لمنطقة الشرق الأوسط قد أسهم بصورة كبيرة في جهود الائتلاف في العراق وأفغانستان.  وقد عجلت مئات عمليات المرور عبر قناة السويس وآلاف رحلات التحليق الفوقية عجلت من العمليات العسكرية في منطقة مسؤوليات قيادة المنطقة الوسطى.

وفي هذا العام، سوف تستضيف مصر مرة أخرى مناورة "النجم الساطع" العسكرية المشتركة، وهي أضخم مناورة تدريبية تقوم بها قيادة المنطقة الوسطى.  في عام 2005، تضمنت مناورة النجم الساطع 12 دولة مشاركة وما يزيد عن 30.000 جندي.  وفي هذا العام، سوف تتضمن أحداث تدريبية جوية وبحرية وبرية، وأحداث تدريبية يتم محاكاتها تشتمل على موضوعات عملياتية لمرحلة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول تهدف لتحسين التعاون العملياتي.

لكن لسوء الحظ، فقد تعرضت مصر للعديد من الهجمات الإرهابية، بما فيها هجوم استهدف القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في شبه جزيرة سيناء.  وقد كانت قوات الأمن المصرية شريكاً مجتهداً في محاربة الشبكات المتطرفة.  وهناك حاجة لمواصلة التمويل العسكري الخارجي، المبيعات العسكرية الخارجية وتمويل برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي لتطوير وتحديث القوات التي تسهم بصورة كبيرة في الاستقرار في منطقة قناة السويس الحيوية ومنطقة شرق البحر المتوسط.

القرن الأفريقي واليمن.  تتعرض دول منطقة القرن الأفريقي، وهي جيبوتي والصومال وإثيوبيا وإريتريا وكينيا وجزر سيشل، لتوترات حدودية وحركات تمرد وفساد واختراقات إرهابية وفقر.  وبالإضافة إلى ذلك، فإن ضغط الائتلاف على تنظيم القاعدة وغيره من الشبكات الإرهابية في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى يزيد من احتمال هجرة بعض هؤلاء الإرهابيين إلى القرن الأفريقي كمكان لتخطيط الهجمات الإرهابية وشنها وتنسيقها.  

ويعمل فريق المهام المشترك للقرن الأفريقي التابع لقيادة المنطقة الوسطى، والذي يضم حوالي 1300 عسكرياً أميركياً، يعمل على نحو وثيق مع السفارات الأميركية في المنطقة.  وهو يجري عمليات ومهام تدريبية ومهام إنسانية في منطقة القرن واليمن لمساعدة هذه الدول على بناء القدرات لمحاربة الإرهاب وللاستعداد للتحديات الأخرى، بما في ذلك الكوارث الطبيعية.  وتتضمن الأنشطة التي يقوم بها تدريب قوات الأمن المحلية وأيضاً المساعدة في المشاريع المدنية مثل الآبار والمدارس والعيادات، وفي تقديم الخدمات الطبية والبيطرية في القرى النائية.  وتزيد القدرات الأمنية وتدريبات الشؤون المدنية التي تحصل عليها القوات المحلية، إضافة إلى السمعة الطيبة التي تولدها العديد من العمليات الإنسانية، تزيد من مقاومة المنطقة لانتشار الأيدولوجيا المتطرفة وتقوي الرغبات المحلية في هزيمة الإرهاب قبل أن يصبح متأصلاً.

الأردن.  تظل المملكة الأردنية الهاشمية شريكاً رئيسياً وقيِّماً في الحرب ضد المتطرفين الميالين للعنف وتساهم إسهاماً كبيراً في الاستقرار الإقليمي.  وحيث أن المملكة مهددة بأنشطة إرهابية داخلية، فقد قادت جهود كبيرة لمكافحة الإرهاب. 

والأردن دولة رائدة في المنطقة في التدريبات الأمنية وتدريبات مكافحة الإرهاب، وهي تستضيف مبادرات كبيرة لتطوير القدرات الأمنية.  وقد وفر مركز تدريب عمليات حفظ السلام لما يزيد عن 1100 من القادة والجنود الأميركيين تدريبات وعي ثقافي وتدريبات لغوية قيِّمة.  وفي غضون هذا، فإن المركز الأردني الدولي لتدريب الشرطة قدم التدريب لما يزيد عن 50.000 من ضباط الشرطة العراقية، كما أن مدارس أردنية أخرى تدرب القوات المسلحة العراقية، ومراقبي المرور الجوي، ومفتشي الطيران.  وعند إكمال مركز الملك عبد الله لتدريب العمليات الخاصة في عام 2009، فسوف يوفر قدرة إقليمية لتدريب قوات العمليات الخاصة.  وهذه البرامج تبني قوات أمن عراقية ذات كفاءة وقدرة وسوف تساعد الأجهزة الأمنية الأخرى في المنطقة على تحسين فعاليتها.

كما أن مساهمات الأردن الأخرى هامة.  حيث أن قواتها المسلحة التي تلقت تدريبات فائقة وتتمتع بتنظيم شديد تمثل مثالاً إيجابياً للقوات المسلحة الأخرى بمستوياتها العالية في الاحترافية والفعالية القتالية.  وبالإضافة إلى ذلك، أود أن أعبر عن تقديري للأطباء والممرضين الأردنيين الذين أنشأوا مستشفى في أفغانستان وعالجوا ما يزيد عن 550.000 أفغاني و1900 فرد من أفراد الائتلاف.

وتعطي عوامل الموقع الاستراتيجي للأردن، ورؤيتها المتوازنة للتحديث ومؤسستها الأمنية المتطورة على نحو جيد تعطيها دوراً إقليمياً وتأثيراً يفوق حجمها.  وتظل برامجنا في المساعدات العسكرية والاقتصادية حيوية لتشجيع استمرار الأردن في التحديث والقيادة في المنطقة.

باكستان.  لقد اعتقلت قوات الأمن الباكستانية وقتلت أعداداً كبيرة من المتطرفين الميالين للعنف، منهم زعماء بارزون في شبكة القاعدة وحركة طالبان.  كما تعرضت لخسائر كبيرة.  إن شراكتنا طويلة الأجل مع جمهورية باكستان الإسلامية لها أهمية محورية في هزيمة الجماعات المتطرفة في المنطقة، ومن الصعب تخيل النجاح في ذلك الصراع بدون دعمها وتعاونها.  ونحن نعمل معاً لتقليل التوترات التي تنتج من التواجد الراديكالي والعنيف للمناطق القبلية المدارة فدرالياً.  وتتضمن المبادرات المفيدة اللقاءات الدورية مع القادة العسكريين الباكستانيين، والتعاون الأكثر قوة والاتصالات بين وحداتنا التي تعمل على طول الحدود الأفغانية-الباكستانية.  وفي حين أن الرئيس "مشرف" يعمل على إضفاء الاعتدال على الجماعات بداخل باكستان ومنع المتمردين من استخدام المناطق القبلية المدارة فدرالياً كملاذ، فهو يعمل على خلفية قوى سياسية واجتماعية وعرقية كامنة بداخل البلاد. 

وتظل باكستان شريكاً قوياً للولايات المتحدة، وسوف يستمر دعمنا لجهود مكافحة الإرهاب التي تقوم بها بمجموعة منوعة من البرامج المُرَكَّزة.  فتمويل تعاوننا الأمني وبرامج المناورات الثنائية تساعد حكومة البلاد على إجراء عمليات مكافحة الإرهاب وتعزز استقرارها الداخلي.  وهدفنا لباكستان هو أن تنظر للولايات المتحدة على أنها شريك دولي مُفَضَّل طويل الأجل، ولا سيما في جهودنا الرامية لإلحاق الهزيمة بأعدائنا المشتركين.

دول آسيا الوسطى.  حيث أن دول آسيا الوسطى كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمنستان وأوزبكستان تقع في مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، فهي تلعب دوراً متزايداً في أسواق الطاقة العالمية.  كما أنها شركاء أقوياء في الحرب ضد الحركات الإسلامية المتشددة، حيث تولى علماؤها المسلمون زمام المبادرة في مواجهة الدعاية المتطرفة علانية.  إلا أنه، مثلما هو الحال في مناطق أخرى من منطقة قيادة المنطقة الوسطى، فإن دول آسيا الصغرى تتعامل مع عدد من التهديدات ضد استقرارها وأمنها.  وخيارات صادرات الغاز والبترول المحدودة تُقَيِّد دخلها، كما أن الجغرافيا تجعل أمن الحدود صعباً على نحو خاص، وتمثل الجريمة المنظمة فيها وتهريب المخدرات وعدم الاستقرار السياسي شواغل بارزة.  ومع أن التصورات المحلية حول تدخل الولايات المتحدة في المنطقة معقدة، فإن وصولنا للمسؤولين الحكوميين قوي.

وعلى الرغم من التحديات، فإنه توجد مؤشرات على التقدم في آسيا الصغرى.  فأوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان أجرت مفاوضات بشأن سلسلة من الاتفاقيات التي من المتوقع أن تُحَسّن الأمن الحدودي ثلاثي الأطراف.  وعلى مدار العام المقبل، سوف تعطي قيادة المنطقة الوسطى الأولوية للالتزامات التي تديم السلاسل اللوجستية لعملية "الحرية الدائمة"، وإصلاح مؤسسات الدفاع الإقليمية وتحسين قدرات مكافحة الإرهاب والمخدرات العضوية، وإدخال المزيد من التحسين على الأمن الحدودي والاستعداد للكوارث، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

6- ضبط وضع القوة لبناء وإدامة القدرات القتالية المشتركة والمُجَمَّعة والاستعداد القتالي

إن القدرة القتالية المشتركة والمُجَمَّعة والاستعداد القتالي شيئان ضروريان لقدرتنا على تنفيذ العمليات العسكرية الجارية، وللحفاظ على وجود ذي مصداقية لردع العدوان وللاستجابة بصورة فعالة لحالات الطوارئ.  ولأننا نقوم بتنفيذ كافة أنشطتنا تقريباً بصورة مشتركة وبالتعاون مع حلفائنا، يلزم أن نطور طرقاً فعالة ما بين الوكالات وطرقاً متعددة الجنسيات للقيام بالأعمال.  علاوة على ذلك، لأن منطقتنا مليئة بالغموض، فإنه يلزم أن نحافظ على مجموعة كاملة من القدرات الاستجابية من خلال هيكل قوة فعال منتشر في مواقع أمامية، ومن خلال التخطيط الدقيق والمناورات التدريبية المُجَمَّعة الواقعية.  وتتضمن القدرات الحرجة الأخرى ما يلي: 

ائتلاف قوي.  في الوقت الراهن، لدينا ما يزيد عن 40 دولة شريكة تُسْهِم بقوات في أفغانستان و24 دولة تسهم بقوات في العراق.  وهي تُجْلِب معها قدرات مهام هامة، لكن أيضاً تحديات إدماج كبيرة.  إن دمج قدرات هذه البلاد في صورة عمل فعال يتطلب، من بين عوامل أخرى، بنية تحتية للقيادة والتحكم تغطي المواقع النائية، لغات متعددة، اختلافات ثقافية ومسائل تتسم بالتحدي متعلقة بحماية القوة.  ويلزم على ائتلافنا أن يتبادل المعلومات السرية والحساسة عند الضرورة، وأن يحصل على الشبكات والبنية التحتية التي تسهل عمليات التبادل.

التنسيق بين الوكالات.  تتطلب إقامة الأمن والاستقرار في منطقتنا تطبيق عناصر القوة القومية: العسكرية، الدبلوماسية والاقتصادية والمعلوماتية.  ويمكن للأدوات العسكرية أن تمهد الظروف للأمن لكن الوكالات الأخرى هي التي تدعم التغير الدائم. 

نحن محظوظون لأن لدينا العديد من وكالات الحكومة الأميركية الضالعة في منطقة مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى.  حيث تشارك وزارات الخارجية والخزانة والعدل والأمن الداخلي، وأيضاً الوكالات التابعة لها، بما في ذلك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، جهاز الأمن الدبلوماسي، مكتب التحقيقات الفدرالي، وكالة مكافحة المخدرات وحرس السواحل الأميركي، تشارك على نحو نشط في مسرح عملياتنا.  وتساعد جهود تلك الوكالات على حماية البنية التحتية الحرجة، وتمنع الهجمات الإرهابية على أرضنا، وتدرب منظمات إنفاذ القوانين الجديدة، وتعيد بناء البنية التحتية المدمرة أو المتقادمة.  ومن الواضح أنه توجد حاجة لتحقيق إدماج أفضل وتطبيق أكثر شمولاً لكافة عناصر القوة القومية.

عمليات لوجستية مرنة.  إن عوامل الجسر الجوي الاستراتيجي والجسر البحري السريع والمخزونات سابقة التمركز في المناطق والوصول إلى القواعد التي بها بنية تحتية حرجة هي مكونات لوجستية رئيسية تدعم المرونة العملياتية.  ولا يزال تركيزنا الأولي في هذه المنطقة منصباً على نشر القوات في الوقت المناسب والتجهيز وإدامة الوحدات المشاركة في العمليات القتالية.  ولا يوجد مثال أفضل على أهمية ومرونة قدرات النقل البحري والجوي الطارئ لدينا من عملية إجلاء ما يزيد عن 14.000 أميركي من لبنان أثناء حرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله.  وسوف نستمر في العمل مع هيئة الأركان المشتركة، ومكتب وزير الدفاع، ووزارة الخارجية والدول الشريكة لضمان الوصول إلى البنية التحتية التي نحتاجها لدعم عملياتنا الجارية والمستقبلية.

قدرات قيادة وتحكم واتصالات وحواسيب واستخبارات ومراقبة واستطلاع (C4ISR) قابلة للتكيف

القدرات.  إن نظم الاتصالات الفائقة القابلة للتعاون العملياتي لازمة وضرورية لإجراء عمليات عبر فضاء قيادة متشتت.  وتعمل أنظمتنا بقدرة تصل إلى القدرة القصوى يومياً مع قدرة زيادة قليلة.  ولأنه يلزم تلبية الكثير من احتياجاتنا من جانب موردين تجاريين، فإن القدرة على الوصول لهؤلاء الموردين شديدة الأهمية.  وأكبر تحد نواجهه هو إدماج الأنظمة المتفرقة في شبكات موثوقة وقابلة للتعاون العملياتي.  ويلزم علينا أن تبنى السياسات التي تُمَكِّن الإدماج الناجح والتكنولوجيات التي تؤدي إلى تعاون عملياتي فعال وتبادل ذي كفاءة للمعلومات.

وفي نهاية الأمر، فإن قدرتنا على استهداف المتطرفين الميالين للعنف تعتمد على المعلومات الاستخبارية الدقيقة والقابلة للتنفيذ.  ونحن مستمرون في تطوير تقنياتنا وإجراءاتنا لتحسين جهودنا الرامية إلى "إيجاد، ضرب وإنهاء واستغلال" الأهداف.  وقد كان أعداؤنا سريعين في التكيف لعملياتنا.  ونستمر في تحسين إدراكنا لساحات المعارك، مع السعي نحو المزيد من التحديد والتفصيل والدقة الزمنية لمعلوماتنا الاستخبارية كلما كان ذلك ممكناً.  ونسعى بقوة للوصول إلى سبل لإدارة أوجه النقص أو الفجوات في قدراتنا في الاستخبارات الخاصة بالصور، وتغطية المنطقة الواسعة، إدماج المجسات، المعلومات الاستخبارية الخاصة بالإشارات، مؤشرات الأهداف المتحركة، هيكلية المراقبة والاستطلاع الاستخبارية ذات الطبقات، البيولوجيا الإحصائية، والعمليات الاستخبارية المضادة والجامعين البشريين. 

برنامج مستجيب لمكافحة العبوات الناسفة

من المحتمل أن تستمر العبوات الناسفة، أو القنابل التي تُزْرَع على جانب الطريق، كالسلاح المفضل لدى المتمردين.  فهي رخيصة الثمن، فعالة، ومجهولة الهوية، وقد تم تكييفها بحيث تتضمن كيماويات صناعية سامة مثل الكلور.  وفي حين أن بعضها لا يزال بدائياً، فإن أعداءنا يستخدمون تكنولوجيا متقدمة بصورة متزايدة بما في ذلك القنابل المتفجرة الخارقة.  وقد أدت هذه الأسلحة إلى قتل أو إصابة 15.000 عسكري ومدني في العراق، كما أن العبوات الناسفة آخذة في أن تصبح أكثر شيوعاً في أفغانستان.

ومن أجل مواجهة هذا التهديد، وبالعمل مع شركاء الوكالات الأخرى والائتلاف، فإننا نُدْخِل للخدمة أجهزة تشويش، عربات ومعدات متخصصة في تطهير الطرق، ودروع وقاية أفضل للعربات والأفراد.  وقد قللت هذه المبادرات من فعالية العبوات الناسفة.  لكن يلزم علينا أن نستمر في تطوير تكنولوجيات وتكتيكات وتقنيات وإجراءات جديدة.  ومن بين الأشياء التي لها أهمية خاصة بالنسبة لقيادة المنطقة الوسطى هو الإدخال السريع للخدمة للعربات المدرعة المقاومة للألغام، هذا إلى جانب إجراء المزيد من الأبحاث والتطوير لتحسين كشف الألغام والعبوات الناسفة والمعدات غير المتفجرة.

الأفراد.  إن استمرارية العمليات في منطقة مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى تعتمد على الأفراد الذين يجيدون اللغات الأجنبية ولديهم الوعي الثقافي إضافة إلى المهارات العسكرية.  وتمثل عملية الاحتفاظ بالأفراد مسألة شديدة الأهمية، ونحن نعتمد اعتماداً كبيراً على جودة تعزيزات الحياة، مثل خصم الضرائب على مناطق القتال، مقابل الخطر المباشر، ومستحقات الإجازات الخاصة.  ويستمر برنامج الراحة والتعافي في تحقيق النجاح، حيث أنه يخدم ما يزيد عن 470.000 من جنودنا حتى اليوم.  وعلى مدار العام الماضي، قمنا بإجراء مراجعة شاملة فيما يتعلق بتزويد مقرنا الرئيسي بالأفراد، والذي، بعد خمسة أعوام من الحرب، لا يزال يعتمد بصورة كبيرة على الأفراد المؤقتين.  كما أن مقر الحرب الخاضع لي لا يزال يعمل به أفراد مؤقتون بصورة كبيرة.  وأنا ملتزم بالعمل مع الأفرع العسكرية وهيئة الأركان العامة كي نحدد حجم وموارد هذه المقرات الرئيسية على نحو مناسب.   

كما تعمل قيادة المنطقة الوسطى على تلبية متطلبات المهارات التي تعاني من نقص من الأفراد.  حيث أن جعبتنا الحالية من اختصاصيي اللغات والاستخبارات (ولا سيما الاستخبارات البشرية) وعملاء عمليات الاستخبارات المضادة لا تدعم المتطلبات الراهنة.  إن الخبرة اللغوية لها أهمية كبيرة في عمليات مكافحة التمرد والإرهاب وعمليات الاستخبارات المضادة، وسوف يستمر الطلب المرتفع عليها.  إن التعاقد مع الخبرات اللغوية يوفر القدرة المؤقتة، ولكن على المدى الطويل، نحتاج لأفراد قوات المسلحة ومدنيين يتمتعون بالمهارات اللغوية والثقافية الأساسية.

7- الخاتمة

على الرغم من الظروف الصعبة والخطيرة في معظم الأحيان والغياب الطويل عن الوطن والأسرة، فإن أفرادنا العسكريين من الرجال والنساء في منطقة مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى يثابرون في جهودهم ويُظْهِرون الشجاعة والمهارات المهنية والتكريس الاستثنائي للواجب.  وسواء كانوا مشاركين في العمليات القتالية أو يقدمون المعونات الإنسانية أو عمليات الدعم، فهم يمثلون أفضل ما في الأميركيين.  وفي حين أننا نقاتل بلا ملل أو كلل ضد أولئك الذين يريدون إيذاءنا، فإننا أيضاً نقف مستعدين بنفس الدرجة لمساعدة الذين يسهمون في تحقيق السلام بهذه المنطقة.  لقد قدم الشعب الأميركي والكونغرس دعماً قوياً ومستمراً، ونحن نُقَدِّر كثيراً تأييدكم ومساعدتكم.  وأنا فخور ويشرفني أن أُمَثِّل الرجال والنساء والعائلات الداعمة في قيادة المنطقة الوسطى.  ونيابة عنهم، أشكركم على دعمكم، وعلى هذه الفرصة للإدلاء بالشهادة حول وضعنا الدفاعي.

 
Content Bottom