03 تموز/يوليو 2008

المحكمة الأميركية العليا تدرس حقاً دستورياً وتصدر تفسيرها له

المحكمة تؤكد أن التعديل الثاني يمنح المواطن الفرد حق حمل السلاح

 

من بريجيت هنتر، المحررة في موقع أميركا دوت غوف

بداية النص

واشنطن، - حكمت المحكمة الأميركية العليا في 26 حزيران/يونيو بأنه لا يمكن لحكومات الولايات والحكومات المحلية حرمان المواطنين الأميركيين من حقهم في اقتناء وحمل السلاح، ولكنها قررت أيضاً أن ذلك الحق ليس حقاً مطلقاً بل يمكن ضبطه بدون انتهاك الدستور.

ولا يزال الدستور الأميركي مرناً ومستمر الفعالية، رغم ندرة التعديلات التي أدخلت عليه (27 تعديلاً فقط منذ إقراره في عام 1789). ويعود ذلك جزئياً إلى إخضاعه المتواصل تقريباً للتمحيص القانوني في المحاكم الأميركية. وتشكل المحكمة الأميركية العليا، الحَكَم النهائي الذي يقرر ما إذا كان قانون ولاية ما أو قانون محلي متساوقاً مع المعايير الواردة في الدستور، أسمى قوانين البلد.

وقد قررت المحكمة العليا، بغالبية خمسة أصوات مقابل أربعة، بأن التعديل الثاني، وهو جزء مما يعرف بوثيقة الحقوق التي تتضمن 10 تعديلات والتي تم تبنيها بعد فترة قصيرة من تبني الدستور نفسه، يكفل حق المواطن الأميركي الفرد في اقتناء واستخدام الأسلحة النارية للأغراض التي اعتبرت مشروعة على مر الأجيال.

وينص التعديل الثاني على أنه "حيث أن وجود مليشيا جيدة التنظيم ضروري لأمن أي دولة حرة، فإنه لا يجوز  انتهاك حق المواطنين في اقتناء الأسلحة وحملها."

وخلصت المحكمة إلى أنه "لا ريب في أن البعض يعتقد أن التعديل الثاني بطل بفعل تخطي الزمن له في مجتمع يشكل فيه جيشنا النظامي مبعث فخر أمتنا، وتوفر فيه قوات الشرطة جيدة التدريب الأمن الشخصي، ويشكل فيه العنف الذي تستخدم فيه الأسلحة النارية مشكلة خطيرة. وربما كان ذلك مسألة قابلة للمناقشة، ألا أن ما هو غير قابل للمناقشة هو أن إعلان التعديل الثاني بائداً ليس من مهمات هذه المحكمة."

والقضية التي نظرت فيها المحكمة، مقاطعة كولومبيا ضد هيلر، هي قضية رفعها شرطي خاص طعن في دستورية قانون أصدرته مقاطعة كولومبيا (واشنطن) يحظر اقتناء الأسلحة النارية، باستثناء تلك التي يرخص رئيس الشرطة بحملها بصورة خاصة، ويفرض تفكيك أو تركيب قفل يقفل الزند أثناء وجود السلاح في المنزل حتى بالنسبة للأسلحة النارية التي يتم اقتناؤها بصورة مشروعة. وكان الهدف من ذلك القانون الذي صدر في عام 1976، والذي يعتبر على نطاق واسع بين منتقديه ومؤيديه أحد أكثر الإجراءات تقييداً لامتلاك السلاح في الولايات المتحدة، هو تحسين الأمن العام لمواجهة التزايد في عدد الجرائم، خاصة جرائم القتل، التي تستخدم فيها الأسلحة النارية.

وقد أقرت محكمة الموضوع، أول محكمة نظرت في القضية، القانون، إلا أن محكمة الاستئناف التي نظرت فيها بعد ذلك حكمت بأن التعديل الثاني يمنح الفرد حق اقتناء السلاح الناري. وقد وافقت المحكمة العليا، في أعقاب صدور قرار محكمة الاستئناف، على إعادة النظر في القضية. 

وأعرب القاضي أنتونين سكاليا، في قرار الأغلبية الذي صاغه، عن موقف مؤيد بشدة لضرورة احترام الحكومة، حتى السلك القضائي الذي اعتبره "الفرع الثالث"، الحقوق المنصوص عليها بشكل محدد في الدستور، وصيانة تلك الحقوق. فقد جاء في القرار: "إن مجرد ذكر الحق ينتزع من يد الحكومة، حتى الفرع الثالث في الحكومة، سلطة اتخاذ قرار على أساس كل قضية على حدة حول ما إذا كان الحق يستحق فعلاً الإصرار عليه. إن كفالة الدستور الخاضعة لتقييم القضاء في المستقبل لفائدتها لا تشكل ضماناً دستورياً على الإطلاق. وقد تم النص على الحقوق الدستورية على النطاق الذي كانت تفهم فيه عندما تبناها الشعب، سواء اعتبر المشرعون في المستقبل أو (نعم) حتى القضاة في المستقبل النطاق مفرط الاتساع أم لا."

وأضاف سكاليا، الذي شاركه رأيه القضاة جون روبرتس وآنثوني كندي وكلارنس توماس وصامويل أليتو، أن حق اقتناء وحمل السلاح ليس حقاً مطلقاً بأي شكل من الأشكال. فقد جاء في القرار" إننا لا نفسر التعديل الثاني على أنه يصون حق المواطنين بحمل السلاح لأي نوع من المواجهة، تماماً كما أننا لا نفسر التعديل الأول على أنه يصون حق المواطنين بالكلام لأي هدف [التأكيد في النص الأصلي]." 

وقد استعاد، لدعم القرار، تاريخ قيام الدولة كبلد رواد مستوطنين ومستكشفين، كما عرض جذور وثيقة الحقوق الأميركية المتأصلة في التقاليد القانونية الإنجليزية.

وقال سكاليا، الذي أشار إلى أن "الحق الذي يضمنه التعديل الثاني، كمعظم الحقوق الأخرى، ليس حقاً مطلقا،" إنه ينبغي ألا "يؤخذ (قرار المحكمة) على أنه يثير الشك بشأن (شرعية) الحظر المفروض منذ فترة طويلة على اقتناء المجرمين والمرضى عقلياً الأسلحة النارية،" وحظر الأسلحة في المباني الحكومية أو المدارس، أو فرض شروط على بيع الأسلحة تجاريا.

مخالفة الرأي

تمحور اختلاف الرأي بين القضاة حول العلاقة بين الجزء الأول من الجملة التي تشكل التعديل، الذي يشير إلى ضرورة وجود مليشيا جيدة التنظيم، والجزء الذي ينص على الحق نفسه. وقد اعتبرت الأكثرية أن الجزء الأول من الجملة أعلن الغاية من الحق، ولكنه لم يضع قيوداً على نطاق ذلك الحق.

ولكن القاضي جون ستيفنز، الذي صاغ قرار الأقلية المخالف الذي شاركه فيه القضاة ديفد ساوتر وروث بادر غنزبيرغ وستيفن براير، أثار تساؤلات حول ما إذا كان التعديل الثاني يصون حق اقتناء واستخدام الأسلحة النارية لأغراض غير عسكرية، ووضع القضية في إطار حقوق الولايات في النظام الفدرالي.

وجاء في قرار الأقلية الذي صاغه: "لقد تم تبني التعديل الثاني لصيانة حق سكان كل ولاية من الولايات المختلفة في تشكيل مليشيا جيدة التنظيم. وكان استجابة لبواعث القلق التي أثيرت أثناء إقرار الدستور من أن سلطة الكونغرس في نزع أسلحة مليشيات الولايات وتشكيل جيش وطني نظامي تشكل تهديداً مفرطاً لسيادة الولايات المختلفة."

هذا وقد بدأ مجلس مدينة مقاطعة كولومبيا (أي مجلس واشنطن العاصمة)، بمجرد صدور قرار المحكمة العليا، صياغة متطلبات قانونية جديدة لاستيفاء معيار المحكمة.

وقال محافظ واشنطن، أدريان فنتي، في 26 حزيران/يونيو، "أشعر بخيبة الأمل من قرار المحكمة وأعتقد أن إدخال مزيد من الأسلحة النارية إلى المقاطعة (واشنطن العاصمة) سيعني مزيداً من العنف الذي تستخدم فيه الأسلحة النارية." ولكنه أضاف: "لقد أصدرت تعليماتي إلى دائرة شرطة العاصمة بأن تطبق عملية منظمة تتيح للمواطنين المؤهلين تسجيل أسلحتهم النارية لاقتنائها المشروع في منازلهم."

ويمكن الاطلاع على نص الحكم الذي أصدرته المحكمة الأميركية العليا في 26 حزيران/يونيو (157 صفحة بنمط بي دي إف) على موقع المحكمة على الشبكة العنكبوتية.

وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الأميركية العليا لا تقيم المحاكمات، إلا في حالات محددة، وهي عادة حالات نزاعات بين الولايات أو بين الولايات المتحدة ودول أخرى، كما أنها لا تصدر أحكاماً على قضايا تتعلق بحقائق ووقائع. فالمحكمة الأميركية العليا هي المرجع النهائي في الولايات المتحدة الذي يصدر الأحكام حول الإجراءات القانونية المناسبة والمسائل المتعلقة بدستورية أمر ما.

نهاية النص

Respond to this page شاركنا رأيك بهذا المقال.
يشرف على هذا الموقع مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية. إن الآراء المتضمنة في المواقع غير التابعة للحكومية الأميركية والمرتبطة بهذا الموقع لا تعكس بالضرورة آراء وزارة الخارج